ويليام أركين
واشنطن بوست
أقلعت قاذفة بي 52 تابعة للقوات الجوية الأمريكية وهي تحمل على جناحيها ستة صواريخ كروز برؤوس نووية خلال الأسبوع الماضي. وعلى ما يبدو ان ملاحي الطائرة وطاقمها لم يكونوا على علم بما يحملونه، كما أن فريق الذخيرة الذي قام بتحميل الصواريخ لم يكن على علم بذلك أيضا
لم يلحظ أحد أن الرؤوس النووية الستة فقدت لمدة 12 ساعة. وبالتأكيد لم يعرف الشعب الأمريكي ما الذي كان يحدث حتى وقتنا هذا.
كان مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية قد قال إن القاذفة حلقت فوق الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي وعلى متنها الرؤوس النووية الستة التي تم تحميلها على جناح الطائرة بطريق الخطأ.
كانت قاذفة ستراتوفورتريس ومقرها قاعدة مينوت الجوية في ولاية داكوتا الشمالية تنقل 12 من صواريخ كروز المتقدمة إلى قاعدة باركستيل في لويزيانا في 30 أغسطس. لكن تم تحميل ستة منها برؤوس نووية بدون قصد أو بطريق الخطأ.
قال مسؤولون بالقوات الجوية: إن الرؤوس النووية لم تكن نشطة، ولم تشكل أي تهديد على الشعب. لكن الإطار الزمني للحادثة الذي قدمته القوات الجوية إلى الكونجرس وإلى مجلس الشيوخ يشير إلى أن الصواريخ ظلت على المدرج في لويزيانا لمدة عشر ساعات قبل أن يلاحظ العمال إن الرؤوس النووية كانت موجودة بداخل الطائرة.
كما أعرب مسؤولون عسكريون عن قلقهم البالغ لأن تلك الرؤوس النووية ظلت مفقودة لعدة ساعات.
يقول مسؤولون عسكريون: إن مهمة القاذفة بي 52 لم تتضمن أي جولات تدريبية، لذلك، لم تكن هناك أية نية لإطلاق الصواريخ. تجدر الإشارة إلى أن صواريخ كروز يبلغ مداها حوالي 2000 ميل وهي مخصصة لضرب أهداف دقيقة تبعد كثيرا عن خطوط العدو الممكنة.
قال مسؤولان عسكريان: انه ليس واضحا كيف تم تجاهل إجراءات الأمن والحماية الصارمة التي تتعلق بالتعامل بالأسلحة النووية مما سمح بنقل وتحميل الرؤوس النووية على جناحي القاذفة بي .52 كما قال مسؤولون بالقوات الجوية إن هذا خطأ جسيم، ويشكل خرقا خطيرا للوائح وأن تحقيقا في الحادث قد بدأ على الفور.
قال رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ السيناتور كارل ليفن والسيناتور جون مكاين: إن هذا الحادث يشكل قلقا بالغا، وطلبا في رسالة إلى وزير الدفاع روبرت جيتس بإجراء تحقيق شامل فيما حدث. كل هذا يثير التساؤل التالي: إلى أي مدى ينبغي علينا أن نشعر بالقلق؟ هل ينبغي أن نكون أكثر قلقا مما تقول وزارة الدفاع الأمريكية، بالتأكيد لكن ليس بنفس القدر من القلق كما يريد بعض نقاد الوزارة منا أن نكون.
أخذت هذه الحادثة النمط المعتاد: وهو عبارة عن تسريب خبر صغير في الصحف العسكرية، مما أثار انتباه الصحف العادية، وأعقب ذلك تصريحات عرجاء من الجيش، تليتها تصريحات غاضبة من أعضاء الكونجرس، وتصريحات متشنجة من الجماعات المناهضة للأسلحة النووية. ثم أصبح هذا الخبر، في نهاية المطاف، مادة ثرية لصحف الإثارة المعروفة باسم التابلويد.
كان رئيس أركان القوات الجوية الجنرال مايكل موسلي يقدم تقارير يومية حول الحادث إلى وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس.(إنني على ثقة بأن هذا ليس الوقت المناسب الذي كان موسلي يرغب في أن يتحدث إلى رئيسه فيه وجها لوجه.) وكان الرئيس بوش يتلقى إيجازات يومية عن الحادث ايضا. تؤكد القوات الجوية الآن أن صواريخ كروز المتقدمة سرا والتي تحمل رؤوسا نووية لم يتم تحميلها بالرؤوس النووية خلال رحلة الطيران وهي بالتالي لا تشكل أي تهديد للشعب. وكان من المقرر إخراج هذه الصواريخ ذاتها من الخدمة من مخازن الأسلحة النووية الأمريكية، لكنها صواريخ نووية سواء كان تحريكها من قاعدة مينوت الجوية في ولاية داكوتا الشمالية إلى قاعدة باركسديل الجوية في ولاية لويزيانا بهدف تجميع المخزون أو غيره. من الناحية الرسمية لا يؤكد الجيش ولا ينكر وجود أي أسلحة نووية في أي موقع، كما أن وزارة الدفاع الأمريكية عادة ما تستخدم لغة غامضة لتجنب استخدام كلمة «نووي». وعلى الرغم من التصريحات الكثيرة وعبارات الغضب التي اطلقها المسؤولون المعنيون، فإن الخطر الذي يحيق بشعب الولايات المتحدة الامريكية من إمكانية سقوط قاذفة بي ،52 أو انفجار صاروخ بشكل عرضي ربما يكون من الأمور البعيدة الاحتمال. لكن ما زالت هناك حقيقة هامة تتمثل في أنه قد تم نقل ستة رؤوس نووية من أماكنها في ولاية داكوتا الشمالية، وتم تحميلها على ظهر قاذفة بي ،52 ثم حلقت هذه القاذفة فوق الولايات المتحدة لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، ثم توقفت ثم غادرت مرة أخرى في رحلة تستغرق عشر ساعات أخرى ولم يلحظ أحد.
أكد متحدث باسم القوات الجوية «إن هذه الأسلحة كانت دائما في حوزتنا.» بالطبع كانت هذه الأسلحة في حوزة القوات الجوية على الأقل على الورق. هذا لا يعني أنه ما كان يمكن لمجموعة من الإرهابيين سرقة الأسلحة من الثكنات في ولاية داكوتا الشمالية بمساعدة أشخاص من داخل القاعدة.
لا يوجد أي تفسير لهذه الحادث غير الإهمال وعدم الكفاءة الجسيمين من جانب طاقمي الطائرة وطاقم الذخيرة. ليس لهذا أي علاقة بالتزام إدارة بوش بمراقبة الأسلحة، ولا بحقيقة أن الجيش يركز اهتمامه في أماكن أخرى ولا بحقيقة أننا نمتلك عددا كبيرا من الأسلحة النووية في أماكن عديدة داخل الولايات المتحدة.
على الرغم من كل ذلك، ما زلت أتخيل أنه إذا كان الكونجرس يرغب في متابعة هذه القضية، فإننا سنكتشف وقوع المئات من الحوادث المماثلة في الماضي. ( على الرغم من أنني أتساءل ما إذا كانت هذه الحوادث مسجلة على الإطلاق). إن سياسة «اللا تأكيد واللا إنكار» التي تتبعها وزارة الدفاع تحمي هذه السجلات إن وجدت، كما أن سياسة «البعيد عن العين بعيد عن القلب» التي تتبعها الوزارة بشأن الأسلحة النووية تهدئ الشعب لكنها تهدئة كاذبة.