في قضية الإرهاب التي تحصد أرواح الأبرياء اليوم يُطرح هذا السؤال : - من يصنع هذا الإرهاب ومن يغذيه ويمده بالمال والرجال ؟ ، وجوابنا سوف لا يكون في تحديد الدول أو المؤوسسات أو المنظمات ، بل سيكون جواباً في المنحى الذي يريد الإرهاب ان نصل إليه ، هذا الإرهاب الذي يقوده الهوس والنفس الطائفي البغيض ، والذي تعززه فتاوى رجال دين موتورين ومتخلفين جهلة ، يحرضون الناس بعضهم على البعض الآخر في مسائل تاريخية خلافية وهمية ، تتحدث عن الأحقيات في الحكم ومن يتقدم من !!
أجل هذا يُقتل الأبرياء وتداس كرامة الناس ، والمؤسف إنهم جميعاً يرفعون شعار الله في كل فعلاتهم القبيحة والكريهة ، وفي ذلك يدعون إنهم يُحامون عن حُرم الله ومقدساته ، وطبعاً الله بريء من الجميع في كل هذا ، ذلك لأن قانون الله يعتبر كرامة الإنسان هي المقدس الأول ، وفي قانون الله إيضاً نرى التوكيد على الدعوة إلى السلام بين المختلفين ، ولدى هؤلاء البشر لا معنى لكرامة الإنسان ولا معنى للسلام والأمن والعدل ولا معنى للحرية ، لكننا أيها السادة نشهد دعوة نشاز يتكاثر عليها إرهابيي الأرض ويشجعون من جهات ودول ومنظمات نعرفها جيداً هدفها هو : - قتل الشيعة جميعاً - معتدليهم ومتطرفيهم ، وهذا الهدف ليس من الأسرار ولا هو حتى من الثقافات التنظيمية الخاصة بالمنتسبين ، بل هي دعوة إستباحة ودعوة حرب ، وفي هذا الأمر لا يجوز أبداً أن نكون على الحياد - ولا يجب أن نكون أبن لبون - ، بل يجب أن نكون إما مع العدل وإما أن نكون مع الظلم ولا ثالث في هذه القسمة ، وكلنا يعرف معنى العدل ومنهاجه ومعنى الظلم ومايؤدي له ، وكلاهما بينّ ، ومن هنا يكون موقفنا مع العدل من غير مواربة وضد الظلم من غير تردد ، ولن نسمح بمن يخنق حريتنا ويصادر مواقفنا في القبول وفي الرفض .
إن هؤلاء المتخلفين يريدون تدمير حياتنا ويردون قتل إرادتنا من خلال جملة أعمالهم تلك ، ولذلك يكون الدفاع عن الشيعة اليوم ليس دفاعا عن طائفة بعينها أو عن مذهب بعينه ، بل هو دفاع عن الحق وهو موقف اخلاقي وقيمي ينسجم مع موقفنا الدائم من الحرية ومن الدعوة للتعايش وقبول الآخر ، كذلك هو دفاعا عن الأبرياء الذين يقتلون بدم بارد ، وهو موقف عام ضد هذه الضوضاء الإعلامية والسخط الذي يموله المال الحرام .
نعم لقد كنا نقول إن الوحدة خيارنا الوحدة الوطنية والوحدة الدينية وسنظل كذلك ، لكن إن أستحال التعايش مع الوحدة !!! ، نذهب للمبغوض عند الله وهو الطلاق ، فقد فرض الله الطلاق على مبغوضيته وجعله محللاً وفكاً لرابطة الميثاق الغليظ ، والطلاق في حالة إستحالة التعايش يكون منسجماً مع معنى تقرير المصير كما ورد في القانون الدولي ، فتقرير المصير إن كان فيه حماية للسكان الشيعة من موجات الكراهية والحقد والتنابز يكون هو الخيار الذي لا بد منه ، ودعوني أقترض هذه المقولة من أحد الكتاب العرب حين قال : - إن الدين السياسي السني إنتقامي بطبعه - ، ولهذا فهو لا يلتقي مع غيره على كلمة سواء ، بل يتنافر وكل همه الهيمنة والحكومة والقهر ، وتاريخه في ذلك لا يخفى على أحد بدءاً مع يزيد ومعاوية وإنتهاءاً بالدواعش ومن لف لفهم ، إن روح الإنتقام التي يحملها الدين السياسي السني تتجلى كل يوم عندنا في العراق وقد ظهرت باجلى صورها في بيروت مساء أمس ، روح الإنتقام تبين مدى ضعف هؤلاء الشرذمه من البشر، وتبين مدى عجزهم في المواجهة وفي الحوار وفي الكلمة الطيبة ، لذلك يميلون نحو القتل لعل من يستمع إليهم من الجهلة فيتبعهم ويسير على خطاهم ، هكذا يقول داعشي كريه - أقتل أقتل حتى يخافك الناس - ، لذلك أقول : إن هؤلاء البشر لا يمكن للعالم ان يقبلهم تحت أية بند ، وهم لا ينفعوا إلاَّ بتدمير وتخريب صورت الإسلام في عقول الناس جميعاً وهذا ما حصل بالفعل ، ولهذا هم ملاحقون من الجميع مطرودون من كل رحمة ليس لهم مأوى غير الجحيم .
ولهذا أبدو اليوم متسامح جداً في مسألة تقرير المصير والإستقلال ، بعدما أمنت و رأيت إن التعايش في ظل الكراهية يؤدي إلى التخلف وتبديد قوى الشعب وتراجع عجلة التنمية وإنعدام الأمن وزيادة نسبة الكراهية وعدم التركيز ، وساقول للإنصاف إنه لم يثبت منذ نجاح ثورة إيران أن قام الشيعة بفعل انتحاري واحد ضد ا لتجمعات السنية كما تفعل المنظمات الإرهابية السنية ، ولم أسمع ان الشيعة تدعوا لمحو السنة ، أو تعمل على ذلك بل إن صريح كلامهم يصب في سياق الوحدة وعن التسامح وعن قبول الآخر والإيمان بمبدأ - لا إكراه في الدين - ، وأنا بحدود علمي المتواضع لم أسمع من مرجعية دينية شيعية إنها تحرض أتباعها على قتل أهل السنة أو التآمر عليهم ، مع كثرة من يُقتل منهم هنا وهناك .
إن الذي يغيض جماعة الدين السياسي السني هو صدق الدعوة الشيعية وصحتها وإنطباقها مع المضامين الصحيحة للكلمة السواء ، وفي علم النفس يتداول المتخصصون هذه الجملة ، - إن الكراهية والبغض من سمات الناقص والفاشل ومن به عقدة الحقارة - ، ولهذا يجهد الإرهابيون في نقل كراهيتهم وحقدهم من منطقة إلى أخرى ، وإن تحسبهم فهم في خوف ولهذا ينتحرون إذ لا مكان لهم تحت ضوء الشمس ، إن من يصنع الإرهاب ويغذيه سيكتوي بناره والأيام بيننا ، ومن يشمت بكثرة من يقتل من الشيعة ، فإني أستلهم كلاماً لزينب وهي تخاطب يزيد حين شمت بها ، قالت : - كد كيدك وأسعى سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا .....- ، نعم كل هذا القتل في العراق والشام ولبنان وباكستان وافغانستان لن يمحو ذكر كلمة الحق ولن يمت صوت العدل كما قال :- جورج قرداح - .