حقق «الحزب الليبرالي»، أمس الأول، فوزاً كاسحاً في الانتخابات التشريعية في كندا، لينهي بذلك حكم المحافظين الذي استمر قرابة عقد من الزمن، وآمال زعيمهم ستيفن هاربر بالبقاء على رأس السلطة التنفيذية في البلاد لولاية جديدة.
وتعهد زعيم الحزب الفائز، جاستن ترودو، الذي سيرأس الحكومة الكندية المقبلة، بأن يكون «رئيس وزراء لجميع الكنديين»، بعد سنوات تعرضت خلالها السياسة الكندية لانتقادات جراء اعتماد هاربر مقاربة أثارت الجدل في ملفات عدة، من ضمنها القضايا المتعلقة بالبيئة والهجرة والسياسة الخارجية.
وتعهد رئيس الوزراء المنتخب، وهو ابن رئيس الوزراء الكندي السابق بيار ترودو، بمكافحة تغير المناخ، وبمعالجة مختلفة لملفي البيئة واستقبال اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى تحسين العلاقات الأميركية - الكندية المضطربة، بعد تلويح الرئيس باراك أوباما باستخدام حق النقض ضد مشروع خط النفط «كيستون اكس ال» الذي كان هاربر يدعمه.
أما بالنسبة الى المحافظين، فتتعلق الهزيمة تحديداً بشخص زعيمهم الذي استقال في وقت متأخر ليل أمس الأول من قيادة الحزب، بعد خسارة كبيرة في مقاطعتين رئيسيتين في البلاد، هما الأكثر اكتظاظاً بالسكان، أونتاريو وكيبيك.
إلى ذلك، فرضت أزمة اللاجئين السوريين نفسها في الحملة الانتخابية لكلا الطرفين. ففي الوقت الذي دافع فيه هاربر عن مواصلة الغارات الجوية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، عرض الليبراليون استضافة عدد أكبر من اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم. كما تعهد ترودو بوقف مشاركة كندا في غارات «التحالف» الدولي ضد التنظيم المتطرف، على أن تواصل بلاده تقديم المساعدات العسكرية للقوات العراقية والكردية.
واتهم هاربر، الذي كان قد وصل إلى السلطة في العام 2006، باعتماد سياسة هجرة متشددة في بلاد يقوم نموّها أساساً على المهاجرين. كما اتهم بممارسة التحيز في ما يتعلق بملف اللاجئين السوريين تحديداً، من خلال تدخل مكتبه شخصياً بملفات المهاجرين، وعدم وفائه بوعوده باستقبال 10 آلاف لاجئ على الأقل.
وبالإضافة إلى صور جثة الطفل السوري إيلان الكردي الذي وجد على أحد شواطئ مدينة بوضروم التركية بعد رفض كندا استقبال عائلته، كانت حاضرة أيضاً في الحملة الانتخابية المضادة لهاربر، قضية النقاب التي أثارت جدلاً في كندا، بعد طلب حكومته من النساء عدم ارتدائه خلال احتفالات الحصول على الجنسية الكندية.
إلى ذلك، من المتوقع أن يحقق فوز ترودو توازناً أكبر في ما يتعلق بالعلاقات الكندية مع العالم العربي، بعدما أخذ على عهد هاربر انحيازه التام لإسرائيل، وهو كان أول رئيس وزراء كندي يلقي خطاباً في الكنيست. وكانت قد تسربت في شهر أيلول الماضي مذكرة وقعها عدد من كبار الموظفين في الخارجية الكندية، تبرز القلق «مما آلت إليه سمعة كندا الدولية».
وفي هذا الإطار، ألقى السفير السابق لكندا في الأمم المتحدة، بول هينبيكر، باللوم على حكومات هاربر المتعاقبة، بعد عدم حصول بلاده للمرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة، على مقعد في مجلس الأمن الدولي في العام 2010، معيداً السبب في ذلك إلى «قلة التزام كندا بمعالجة تغير المناخ وخفض المساعدات للدول الأفريقية، وموقفها غير المتوازن في ما يتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي».
(«السفير»، أف ب، أب)