في حواري مع برنامج بتوقيت مصر المذاع على قناة BBC عربي يوم الخميس 18/5/2017 حول تزوير التاريخ وصناعة رموز وهمية بمناسبة تصريحات د. يوسف زيدان عن صلاح الدين الأيوبي، قلت أن صلاح الدين لم يوحد العرب والمسلمين كما يُروج لذلك، فقد استولى على الحكم في مصر بالسيف، أو بالمصطلح الحديث عمل انقلاب عسكري، وضم لها الشام والحجاز وقبل أن يموت قام بتقسيم هذه الدولة على أولادة.
وقد أدت كلمتي “صلاح الدين استولي على مصر بانقلاب عسكري” إلى حالة من الهياج لدي أعضاء ومؤيدي تيار الإسلام السياسي الذين يدعوا أنهم حراس الديمقراطية والشرعية، قائلين أنني من مؤيدي الانقلاب على الرئيس “الشرعي” محمد مرسي العياط.
وهذا من عجائب هذا الزمان أن يتباكي الإخوان المسلمين وأذيالهم أصحاب الأيديولوجيات الفاشية على الديمقراطية ويدعون أنهم ضد الإنقلابات العسكرية بالرغم أنهم كانوا ومازالوا من المشاركين في إنقلابات عسكرية ضد النظم الحاكمة في الدول التي تواجدوا فيها. وهذه قائمة بهذه الإنقلابات مرتبة حسب أهميتها حتى لا يظنوا اننا نجهل تاريخهم الفاشي الإستبدادي.
1- المشاركة مع تنظيم الظباط الأحرار في إنقلاب 23 يوليو 1952 في مصر.
2- انقلاب البشير والترابي عام 1989 في السودان.
3- انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية عام 2006.
4- انقلاب عبد الله الوزير عام 1948 في اليمن.
5- انقلاب عبد الكريم النحلاوي عام 1962 في سوريا.
6- الانقلاب على الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف 1968.
7- انقلاب علي حامد بالسودان عام 1958.
هذا بالطبع بخلاف عملياتهم الارهابية من تفجير وإغتيال ومشاركة بمليشيات في حروب أهلية، في مصر وسوريا وتونس وليبيا والعراق واليمن والصومال وأفغانستان.
والإنقلابات العسكرية ليست جديدة أو حديثة على الدول ذات الأغلبية المسلمة فقد عرفت الإنقلابات العسكرية منذ فجر التاريخ الإسلامي. فمنذ تولي معاوية بن أبي سفيان للحكم وإنتقال السلطة من أسرة حاكمة لأخرى يتم بالسيف، وفي بعض الأحيان كانت تندلع الصراعات داخل الأسرة الواحدة ولا يتم حسمها إلا بالسيف. وهو سلوك منافي لمبدأ الشورى التي يدعى الإسلام السياسي أنه مفهوم سياسي يشكل أحد أركان النظام السياسي الإسلامي.
وهنا يجب أن نسأل لماذا يغضب الإسلاميين من كلمة الإنقلاب العسكري أو بالمصطلح الديني إمارة المتغلب، إذا كان هذا سلوك معتاد لدي الحكام المسلمين ودعاة الحكم الإسلامي منذ تأسيس الدولة الأموية وحتى إنقلابات الإخوان المسلمين؟
الإجابة ببساطة أن تسليم الإسلاميين بهذه الحقائق التاريخية تضعهم في مأزق. فقبولهم بهذه الحقائق يجعل من الخلافة الإسلامية أكذوبة كبرى، لأن حكامها على مدار 1500 عام لم يحكموا بالمبدأ الأساسي للحكم الإسلامي وهو الشورى، وكان السيف هو دائما الحكم وليس أهل الحل والعقد كما يدعي دعاة الخلافة.
كما أنهم لا يستطيعوا تبرير هذا السلوك الإنقلابي بإنه متوافق مع طبيعة العصر في ذلك الوقت الذي لم يكن يعرف الديمقراطية ولا تداول السلطة ولا الإنتخابات، فهذا التبرير أيضا ينسف فكرة الحكم الإسلامي والنظريات السياسية الإسلامية التي يروج لها دعاة إسلامية المعرفة. لأن بهذا التبرير تصبح الخلافة مثل أى نظام حكم في العالم إبن عصرة وبيئتة وليس مُنزلا من الله كما يدعوا. فهو مثل أى نظام سياسي يخضع لحكم العصر وشرع المصلحة وليس حكم الله وشرع الله كما يهتف الإسلاميين في مظاهراتهم.
أى أن في الحالتين سيتم كشف خرافات الخلافة الإسلامية والنظام السياسي الإسلامي والنظريات السياسية الإسلامية.
ولهذا لا يملكوا أمام هذه الحقائق التاريخية التي تنسف أفكارهم السياسية إلا سب ولعن وتكفير من يُعلن هذه الحقائق للمجتمع الذي تم تغييب عقلة بفعل السلطة المستبدة.
فإنتشار هذه الحقائق بين الناس ومعرفتهم بحقائق التاريخ الإسلامي بعيدا عن عمليات القص واللصق التي يقوم بها رجال الدين ودعاة الإسلام السياسي، سيؤدي إلى انهيار مشروع الحكم الإسلامي.
الديمقراطية والإسلام سياسي دونت ميكس