نبيه البرجي
كلنا قتلة الله، وكلنا قتلة الانسان، رؤساء، وزراء، نواب، ساسة، بطاركة، اساقفة، كهنة، مفتون، ائمة، مشايخ، حتى اننا قتلنا اللغة التي، بدورها، تحولت الى قاتلة. نحن المفتونون بها، ولطالما قيل «ان الله يقيم في اللغة العربية».
كان يقيم، ثم حمل عصاه وآثر الرحيل. لا نتصور انه رحل على ظهر ناقة. تأملوا جيدا في وجه الله، في عيني الله. ايها السادة العرب، ايها السادة اللبنانيون...ان الله يكرهنا!
تريدون تصريحا مباشرا منه، او بيانا رسميا. بعضهم يقول ان الله ابلغنا بأن محمد خاتم الانبياء، ربما لانه كان يعتبرنا، كعرب، آخر الضالين، وربما لانه اصيب بالملل، او ربما لانه لم يعد لديه شيء ليقوله بعد كل الذي قاله...
هل نحتاج الى اكثر من كل تلك الادلة لكي نكتشف ان الله يكرهنا. قبل خراب المدن، وخراب القرى، وخراب الحقول، خراب الروح، وخراب القلب، وخراب العقل. والاهم من كل ذلك، خراب اللاوعي، حيث يفترض ان يوجد فينا الله الذي ليس سنيا، ولا شيعيا، ولا درزيا، ولا مارونيا، ولا ارثوذكسيا، ولا كاثوليكيا، وليس انجيليا. لبنانيا نحو الاسوأ. اقليميا ذاهبون الى الموقعة الكبرى. لا تراهنوا البتة على وقف مهرجان العدم!
هو الله الذي يعيش الان الصدمة. يتساءل ما اذا كان قد خلقنا، ام ان ثمة آدم آخر، وثمة حواء اخرى. قد نكون ابناء تلك الافعى(التي كانت ذات يوم جميلة) واغوت الاثنين بالتفاحة التي اغوت حتى اسحق نيوتن وستيف جوبز...
ان الله يسألنا، ويسائلنا، من اين اتيتم بكل تلك المصطلحات التي لا تنطق بها حتى الابالسة؟ وقال لنا خذوا علما بأنني اقفلت ابواب الاخرة. لا جنة هناك ولا جهنم...
يسألنا لماذا فهم اليهود فقط ما اعنيه حين اعلن الحاخام عوفاديا يوسف اقفال العالم الاخر لان الله ارسلنا لكي نبني( او نخرّب) هذا العالم الذي نحن فيه...
ايها السنّة، ويا ايها الشيعة، الوالغون في الايديولوجيات الميتة، في القرون الميتة، والذين لا ترون في الله سوى ذاك الشبح الذي يرتدي الاسود من اعلى رأسه وحتى اخمص قدميه، رجاء توقفوا عن اغتيال ما تبقى من الله، ما تبقى من الانسان، الذي فينا. لا احد يصغي. الوزير نهاد المشنوق تحدث عن خطة للذهاب في المواجهة العربية - الايرانية الى نهايتها. اين هي نهايتها، نهايتنا؟!
نحن جماعة الله الآخر. الله الذي نراه في اصابع ابي ذر الغفاري، وفي عيني محيي الدين من عربي، بل الذي نراه في الازهار، وفي العصافير، وفي الكواكب، وفي دقات القلب. البرت اينشتاين قال» يكفي ان انظر في المرايا لاكتشف عبقرية الله في الله وفي الانسان».
اي نص اكثر متوهجا من الكائن البشري، واي نبي اكثر اهمية من انسان يقول «انا لا اكره، ولا اقتل، ولا اخاتل».
على ماذا يقتل السوريون بعضهم البعض؟ على ماذا يقتل العراقيون بعضهم البعض؟ على ماذا يقتل اليمنيون بعضهم البعض؟ لا قبور وثيرة هناك، ولا حوريات بأجسادهن البضة كما لو انهن من الفضة. ثمة حائط، حائط الدم، وندخل اليه، ونستقر فيه.هل حقا اننا لا نزال نستحق نزول ذلك المخلص في اخر الزمان؟
لا بل، هل يتجرأ الله، وهو الذي يرى ما نفعل، او ما نفعله بأنفسنا، ان يبعث بأحد من عنده؟ الان بتنا نعرف لماذا قال ان النبي العربي آخر مرسليه. فقط لانه كان يعلم الى اين نحن ذاهبون. نحن قتلة الله كيف لا نقتل انبياءه؟
سنّة، وشيعة، اهل الضغينة، واهل الفتاوى، واهل التكاليف الشرعية، واهل ذلك الشيخ الذي (والعياذ بالله) يفتي بطاعة ولي الامر ولو جار، ثم يقول» شتت الله اليهود والنصارى». ايها الرجل ماذا عن المسلمين المشتتين في ديارهم، الضائعين في ديارهم، القتلى في ديارهم؟
ذاك اللبنان رأى فيه لامارتين كيف يتدحرج القمر بين الاودية، والذي قال «لكأنك هنا ترى بعينيك وقع قدمي الله»، ثمة سني وشيعي ودرزي، ثمة ماروني وارثوذكسي وكاثوليكي، في حين تطبق علينا كل ازمات الدنيا (والاخرة)، كل مصائب الدنيا (والاخرة)، ثم تضعنا في الحقائب، وفي التوابيت. ألا تقول التوراة «ولولي ايتها الابواب».
عندنا فقط تولول الابواب!!