«اخفقنا في ليبيا» هذا ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الحملة التي اطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2011 وهو اعتراف ضمني بتأزم الحالة الليبية وسقوط الدولة بيد داعش خاصة ان الولايات المتحدة تعرضت لضربة موجعة ومباشرة لها باغتيال السفير الاميركي جراء هجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي شرق البلاد. وتابع أوباما إن «ليبيا غرقت في الفوضى»، مضيفا: «عندما أتساءل لماذا ساءت الأمور، وحين أرجع بالزمن وأسأل نفسي ما الخلل الذي حدث، تكون هناك مساحة للنقد، لأنني كانت لدي ثقة أكبر في ما كان سيفعله الأوروبيون في ما بعد، نظراً إلى قرب ليبيا...اعتقدت انهم سيكونون أكثر انخراطا في متابعة الوضع بعد التدخل».
في مقابلة نشرتها مجلة «ذي اتلنتك»، انتقد اوباما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قائلا انه كان «شارد الذهن» في امور اخرى في حين اعتبر ان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي كان يبحث عن الظهور، عند تنفيذ التدخل العسكري الذي أطاح بنظام القذافي كاشفا ان ساركوزي «كان يرغب في أن يعلن بصخب عن نجاحاته في الحملة الجوية، في حين كان الواقع أننا نحن من دمر الدفاعات الجوية» لجيش القذافي.
اما عن الازمة السورية، فقد اكد الرئيس الاميركي لمجلة «ذي اتلنتك» أنه غير نادم على التراجع عن الخط الأحمر الذي وضعه في حال استخدم النظام السوري أسلحة كيمياوية في اب 2013، قائلا إنه فخور بهذا القرار. وكشف اوباما انه فور اصدار التقارير التي افادت عن استعمال غاز السارين في الغوطة، مورست ضغوطات داخلية وخارجية عليه من فريق الامن ومسؤولين عن السياسة الخارجية الامر الذي حثه على التهديد بالتدخل العسكري ومعاقبة المرتكبين غير ان اوباما كان له مقاربة مختلفة للموضوع. بيد ان الرئيس الاميركي كان له توجه سائد انه لا يجب أن يعرّض الجنود الأميركيين لخطر كبير من أجل تجنّب كوارث إنسانية، إلا في حال كانت هذه الكوارث تشكل خطراً على الولايات المتحدة.
كما تطرق إلى قراره بالتراجع عن الضربات العسكرية المخطط لها والتي كان من شأنها أن تغير مسار الأزمة السورية معتبراً أنه فخور جداً «بتلك اللحظة» لافتا الى أن الحكمة التقليدية وآلية جهاز الأمن الوطني الأميركيتين كانتا جيدتين إلى حد ما، لافتا إلى أنه كان القرار الأصعب الذي اتخذه وأنه كان القرار الصحيح . ورأى ان «سوريا تشكل منحدرا مثلها مثل العراق» رابطا تدخل الولايات المتحدة مباشرة في حال حدوث ثلاثة تهديدات فقط وهي:
- تهديد القاعدة
- التهديد لوجود اسرائيل وامنها
- السلاح النووي الايراني الذي يشكل تهديدا على امن اسرائيل
وبناء على هذه التهديدات التي ذكرها اوباما، اعتبر ان الخطر الذي يشكله نظام الرئيس السوري بشار الأسد لم يصل إلى مستوى هذه التحديات ولذلك ليس هناك من داع للتدخل العسكري المباشر في سوريا.
وفي النطاق ذاته، تحدث الرئيس الاميركي عن «المسرورين» من خطابه في اب 2013 فور استخدام الكيماوي في الغوطة واعلانه عن نيته بالتدخل العسكري في سوريا من بينهم السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير الذي يشغل اليوم منصب وزير الخارجية السعودي ،اذ أخبر الجبير أصدقاء له، وأيضاً مسؤوليه في الرياض، أن «الرئيس أخيراً جاهز لضرب سوريا» و«أوباما أدرك مدى أهمية هذا الأمر». وكان الجبير متأكد بان اوباما سيضرب سوريا وقد قال ذلك لاحد محاوريه .
انما ذلك لم يحصل فقد وجد أوباما نفسه يتراجع عن فكرة القيام بهجوم غير مصرّح به من القانون الدولي أو الكونغرس كما إن «الشعب الأميركي بدا غير متحمّس للتدخل في سوريا، وأيضاً عدد من القادة الغربيين الذين يحترمهم، مثل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ثم جاء رفض البرلمان البريطاني السماح لكاميرون بالهجوم على سوريا».
ـ «المحبطون» من اوباما بالنسبة لسوريا ـ
ازعج قرار اوباما التراجع عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري بعد وقوع كارثة الغوطة رؤساء وملوك وقادة عرب كثر من بينهم الملك عبدالله الثاني الذي رأى ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يقارب منطقة الشرق الاوسط بطريقة مختلفة عن اسلافه فالاخير يخفف من حدة العداوة من الجمهورية الاسلامية الايرانية ويعمل على انشاء علاقة وثيقة معها وهذا ما يبرر تراجع اوباما عن قراره بالنسبة لملك الاردن.
بدوره، اعتبر وليّ عهد أبوظبي محمد بن زايد، إن «الولايات المتحدة يقودها رئيس غير جدير بالثقة» اثناء لقائه بزوار اميركيين.
اما السعودية، فقد اتضحت الصورة امامها عند تراجع اوباما عن ضرب سوريا وقد وضعت ذلك في اطار تغيير في ميزان القوى في المنطقة وقد عبر عن ذلك السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير (يومها) قائلا: «إيران هي القوة الكبرى الجديدة في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة هي القوة القديمة».
ـ اوباما اهان نتنياهو ـ
تحدث الرئيس الاميركي الى مجلة «ذي اتلنتيك» عن رأيه في رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وكيف خيب امله في اقامة حل الدولتين وعن ما دار في بعض اللقاءات التي جمعته بنتنياهو. وفي إحدى الزيارات التي قام بها نتنياهو لواشنطن، عام 2011 ، بدا كأنه يعطي اوباما محاضرة بشأن التهديدات التي تحيط بإسرائيل»، فرد اوباما عليه بغضب: «انا أفريقي الأصل وتربيت بلا أب لكنني اليوم رئيس الولايات المتحدة فهل تظن أنني لا أفهمك؟ الا ان استياء الرئيس الاميركي من نتنياهو لم يلغ إعجابه بـ «صمود الإسرائيليين في وجه الإرهاب المتواصل» على حد تعبيره.
وعن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحدث الرئيس الاميركي بانه في البداية كان يراه على أنه «قائد مسلم معتدل يمكن أن يكون جسراً بين الشرق والغرب» انما خيب اردوغان امال اوباما فاضحى اليوم يصفه بالفاشل والاستبدادي . واتهم اوباما الرئيس التركي برغبته بعدم اعادة الاستقرار الى سوريا وقد ظهر ذلك جليا من خلال رفضه لاستخدام جيشه الضخم في المساهمة بوقف النزيف السوري وعودة الهدوء الى سوريا. وبأسلوب ساخر، قال اوباما «كل ما أحتاجه في الشرق الأوسط هو عدد قليل من الاستبداديين الأذكياء».
ـ اوباما لا يرى السعودية دولة حليفة ـ
أوباما كان يطرح الكثير من الأسئلة، ابرزها «لماذا على الولايات المتحدة أن تحافظ على التفوّق العسكري النوعي الإسرائيلي مقارنة بالحلفاء العرب؟». «ما هو الدور الذي يلعبه حلفاء الولايات المتحدة العرب في دعم الإرهاب المعادي لأميركا؟» بحسب ما قال وزير الدفاع السابق ليون بانيتا.
اما عن السعودية، فكان لاوباما توجه مختلف عن الرؤساء السابقين فهو كان يسعى للابتعاد عن الحلفاء التقليديين وقد عبر عن غضبه من العقيدة السياسية الخارجية التي تجبره على معاملة السعودية كدولة حليفة للولايات المتحدة.
بحسب الرئيس الاميركي، الحروب والفوضى في الشرق الأوسط لن تنتهي، إلا إذا تمكنت السعودية وإيران من التعايش معاً والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام.
ـ السعودية مولت الارهاب ـ
تحدث أوباما عن تحول إندونيسيا، تدريجياً، من دولة مسلمة متسامحة إلى دولة أكثر تطرفاً وغير متسامحة في اجتماع لمنظمة «ايباك» مع رئيس الحكومة الأسترالية مالكولم تيرنبول والذي ساله الاخير «لماذا يحصل هذا الأمر؟»، فرد أوباما «لأن السعودية وغيرها من الدول الخليجية ترسل الأموال وعدداً كبيراً من الأئمة والمدرّسين إلى البلد. وكشف انه «في عام 1990، موّلت السعودية المدارس الوهابية بشكل كبير، وأقامت دورات لتدريس الرؤية المتطرفة للإسلام، والمفضّلة لدى العائلة المالكة». وهنا سأله تيرنبول «أليس السعوديون أصدقاءكم؟»، فأجابه أوباما بأن «الأمر معقد».
عن الديار