استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماع الرياض للمعارضة السورية، السياسية والعسكرية، بمطالبة نظيره السعودي عادل الجبير «ضمان أوسع تمثيل ممكن للمعارضة»، كما أنه اشترط للمشاركة في المؤتمر الدولي المزمع عقده في نيويورك المصادقة على قائمتي الإرهابيين ووفد المعارضة وموافقة جميع المشاركين في لقاءات فيينا السابقة على مكان عقد المفاوضات وموعدها.
في هذا الوقت، رد أكراد سوريا، الذين تجاهلت السعودية اي تمثيل لهم في مؤتمر الرياض، بعقد مؤتمر مواز في الحسكة، دعوا إليه قوى وأحزاباً معارضة في الداخل، وهو ما يشير الى عجز الدول الداعمة للمجموعات المسلحة والمعارضة عن جمعها حول طاولة واحدة، ما سيؤدي حكماً إلى تقويض مؤتمر الرياض، الذي دعيت إليه مجموعات توالي تنظيم «القاعدة»، أو توازيه إرهاباً.
في هذا الوقت، أشعل الجيش السوري ريف حلب الجنوبي، بعد حوالي الأسبوعين من الهدوء، وسيطر في عملية عسكرية على أربع قرى جديدة، فيما فشلت فصائل منضوية تحت «غرفة عمليات فتح حلب»، من اختراق دفاعات حلب، بعد تفجيرها نفقاً على محور الخالدية شمال غرب المدينة.
وفي ريف اللاذقية الشمالي، مهد الطيران الروسي الطريق أمام القوات السورية للتقدم في مرتفعات جب الأحمر والسيطرة على قريتين جديدتين في المنطقة المطلة على سهل الغاب في ريف حماه، والتي تشهد تمهيداً مدفعياً وصاروخياً عنيفاً لعمليات راجلة من المنتظر أن تنطلق في المنطقة.
واتهمت دمشق رسمياً أمس، وللمرة الأولى، التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، باستهداف معسكر للجيش السوري في دير الزور، أمس الأول ما أدى إلى مقتل 3 جنود وإصابة 13 جندياً. وسارع التحالف وواشنطن إلى نفي هذا الأمر، فيما أعلن مسؤول عسكري أميركي أن الولايات المتحدة متأكدة من مسؤولية روسيا عن الغارة. (تفاصيل صفحة 10)
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن لافروف دعا، خلال اتصال هاتفي تلقاه من الجبير، إلى «ضمان أوسع تمثيل ممكن للمعارضة السورية في الرياض، وهذا من شأنه أن يساعد المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جهوده لتشكيل وفد جامع للمعارضة السورية في مفاوضاته المقبلة مع الوفد الحكومي السوري».
وأضاف البيان «بحث الوزيران برنامج العمل في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا، بما في ذلك عقد لقاء دوري لها لحل مسائل متعلقة بتشكيل قائمة بالمنظمات الإرهابية العاملة على الأراضي السورية».
واتفق لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في اتصال هاتفي، على مواصلة تنسيق الجهود لتسوية الأزمة السورية، خاصة إعداد قائمة موحدة للجماعات الإرهابية في سوريا. وذكرت الخارجية الروسية، في بيان، أنه «جرى خلال المكالمة الهاتفية بحث الوضع الناشئ في الشرق الأوسط، وخاصة آفاق الحل السياسي للأزمة السورية على أساس بيان جنيف لعام 2012». وأضافت «اتفق الوزيران على مواصلة الجهود الروسية - الإيرانية الرامية إلى تنفيذ اتفاقات فيينا، بما في ذلك من أجل إعداد قائمة موحدة للجماعات الإرهابية العاملة في سوريا».
ورد لافروف، في مقابلة مع وكالة «انترفاكس»، على تصريحات نظيره الأميركي جون كيري الذي أدّعى فيها أن لقاءاته الأخيرة مع لافروف والرئيس فلاديمير بوتين، وكذلك الاتصالات بين بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما، تجعله يستنتج بأن «روسيا تدرك وإيران تبدأ بإدراك» ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد من منصبه.
وقال لافروف «أعود وأذكر بموضوع التقاليد الديبلوماسية، لم يتم بيننا الحديث عن ذلك، والأصح الحديث عن الأسد، ولكن لا في أي زمان ولا في أي مكان لا الرئيس الروسي ولا أنا لم ندل بأي تصريحات من هذا النوع، ولا يمكننا الإدلاء بمثلها».
وأعلن لافروف استعداد روسيا للمشاركة في لقاء حول سوريا كان كيري اقترح عقده في نيويورك، يومي 18 و19 كانون الأول الحالي، بصيغة فيينا، وذلك «في حال تنفيذ شرطين: أولهما، يجب الاقتناع بأننا سنستطيع تحقيق قرار اللقاء السابق حول المصادقة على قائمتي الإرهابيين ووفد المعارضة السورية، والشرط الثاني، يكمن في موافقة جميع المشاركين في لقاءات فيينا السابقة على مكان عقد المفاوضات وموعدها».
وأعلن لافروف أن «موسكو ترحب بنية الولايات المتحدة ودول التحالف للمساهمة في إغلاق الحدود السورية - التركية بهدف منع تهريب النفط». وقال «أصبحت الحدود السورية - التركية، مثلها مثل الحدود العراقية - التركية، معروفة منذ زمن، وكانت معروفة العوامل المساهمة في وجود تنظيم داعش وتناميه، وأعني بذلك تهريب النفط والأعمال غير الشرعية الأخرى. نرحب بالاهتمام بضرورة منع حدوث هذه المظاهر الإجرامية من قبل دول كثيرة، بما فيها الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده».
وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني إن بلاده ستستضيف اجتماعاً في روما في كانون الثاني المقبل للدول التي تشارك في التحالف الدولي ضد «داعش».
أكراد سوريا
ويعقد أكراد سوريا اليوم وغداً مؤتمراً سياسياً بمشاركة قوى وأحزاب معارضة في الداخل، سيكون موازياً لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض.
وقال عضو اللجنة التحضيرية لـ «مؤتمر سوريا الديموقراطية» سيهانوك ديبو، لوكالة «فرانس برس»، «يعقد المؤتمر في الثامن والتاسع من الشهر الحالي في مدينة المالكية» في محافظة الحسكة، بمشاركة قوى وأحزاب كردية وعربية، بينها تلك الناشطة في مناطق «الإدارة الذاتية» الكردية و «هيئة التنسيق الوطنية» وتيار «قمح» برئاسة هيثم مناع.
ونفى ديبو أن يكون المنظمون «تقصدوا» عقد مؤتمرهم بالتزامن مع اجتماع الرياض، على الرغم من أن الإعلان عنه تزامن مع انتقاد «الإدارة الذاتية»، التي يشكل «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي وجناحه العسكري «وحدات حماية الشعب» أبرز مكوناتها، مؤتمر الرياض لأنه «لا يمثل مكونات الشعب السوري كافة»، ولم توجه دعوة إلى «الاتحاد الديموقراطي» للمشاركة في مؤتمر الرياض.
وأشار ديبو إلى أن المجتمعين في الحسكة سيبحثون جدول أعمال من عدة نقاط، أبرزها «النظام السياسي المستقبلي في سوريا، والذي يجب أن يكون لامركزياً»، بالإضافة إلى «إيجاد حل دستوري عادل للحقوق القومية للشعب الكردي».
ونقلت وكالة أنباء «هاوار» المحلية عن القيادي الكردي عبد السلام أحمد، أحد المنظمين، أن المؤتمر يسعى إلى «بلورة رؤية سياسية وتشكيل جسم سياسي قادر على تمثيل الشعب السوري بمكوناته كافة».
وأكد المتحدث باسم «التنسيق» منذر خدام أن ممثلين عن الهيئة سيشاركون في المؤتمر باعتبارهم من المنظمين أيضاً، وذلك بالتزامن مع مشاركتهم في مؤتمر الرياض، نافياً أي تعارض بين الاجتماعيْن. وأعلن مناع أن ممثلين عن تياره سيشاركون في مؤتمر المالكية بعد انسحاب عدد منهم من مؤتمر الرياض، احتجاجاً على دعوة «حركة أحرار الشام الإسلامية» وتهميش فصائل أخرى أكثر اعتدالاً.
تركيا وروسيا
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن الطائرات الحربية التركية شاركت في عمليات جوية للتحالف، بقيادة الولايات المتحدة، لكنها لم تقصف أهدافاً تابعة لتنظيم «داعش» في سوريا منذ 24 تشرين الثاني، عندما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية.
وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ، لصحيفة «تاغس انتسايغر»، أن الحلف يستبعد إرسال قوات برية لقتال عناصر «داعش» في سوريا، مؤكداً ضرورة دعم «القوات المحلية» في الصراع. وأشار إلى أن الحلف سيساعد تركيا على تحسين دفاعاتها الجوية بعد أن أسقطت أنقرة طائرة عسكرية روسية، لكنه كرر الدعوة لوقف التصعيد بين تركيا وروسيا.
(«السفير»، «روسيا اليوم»، «سبوتنيك»، ا ف ب، رويترز)