تعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام مجلسي الجمعية الوطنية اي البرلمان الفرنسي التزامه بـ «تدمير تنظيم الدولة الإسلامية بعد هجمات الجمعة الماضي على باريس قائلا إن بلاده «في حالة حرب» وإنه سيطرح مشروع قرار لتمديد حاملة الطوارئ التي أعلنت بعد الهجمات لمدة ثلاثة أشهر مشددا على توفير المزيد من الإمكانيات لقوات الأمن ومعلنا إن حاملة الطائرات شارل ديغول سترسل يوم الخميس لدعم الحملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية وذلك لان فرنسا «ملتزمة ليس فقط باحتواء بل بتدمير» تنظيم الدولة الإسلامية. وفي كلمته امام البرلمان، قال هولاند ان «هجمات باريس شكلت عدوانا ضد بلدنا وشبابه واطفاله، ضد فرنسا المنفتحة على العالم موطن حقوق الانسان والحرية»، مؤكدا ان هذه الهجمات قام بها جيش من مسلحي تنظيم «داعش» الذين لا يمثلون اي من الحضارات، ويهددون العالم برمته وليس فقط فرنسا».
واضاف ان «ديمقراطيتنا انتصرت على خصم جبان وقاتل واليوم نضع قوة الدولة برمتها من اجل حماية مواطنينا»، لافتا الى ان «الارهابيين يعتقدون ان الشعوب الحرة ستتأثر بالرعب لكن ذلك غير صحيح ومن تحدانا عبر التاريخ كان هو الخاسر لان شعبنا شجاع وحي»، داعيا الفرنسيين الى التمسك بالوحدة الوطنية.
واعتبر الرئيس الفرنسي ان الهجمات التي قام بها تنظيم الدولة الاسلامية هدفها «الضغط علينا من اجل الكف عن محاربة «داعش» في الشرق الاوسط حيث يسيطر على الاراضي ويمتلك قدرات عسكرية ومالية لذلك هنالك ضرورة للقضاء عليه» داعيا مجلس الامن للاجتماع قريبا لاتخاذ قرار بشان ذلك.وصعد هولاند من لهجته تجاه داعش بالقول «اننا سنكثف عملياتنا ضد التنظيم في سوريا، والهجمات لن تخفف من عزمنا تجاه ذلك بل ستقويه»، مضيفا «عدونا في سوريا هو «داعش» ولكن سنبحث عن حل سياسي لا يتضمن بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة، ومن اجل ذلك فرنسا تتحدث الى ايران وتركيا ودول الخليج للتوصل الى هذا الحل السياسي».
في غضون ذلك، وبعد اعلان الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ ما يسمح التحقيق مع أشخاص يعتقد أنهم جزء من حركة جهادية متشددة، شنت الشرطة الفرنسية مئة وثماني وستين مداهمة على بعض الأشخاص والأماكن عبر البلاد فاعتقلت الأجهزة الأمنية عددا من الأشخاص في مدينتي تولوز وغرونوبل. وصرح وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازينيف للصحفيين إن الشرطة قبضت على 24 شخصا، واستولت على أسلحة من بينها بنادق كلاشنيكوف، ومسدسات آلية، وقاذفات صواريخ. وأكد كازينيف ان رد فرنسا سيكون قويا وشاملا بعد ان أعلنت فرنسا أن طائراتها الحربية شنت غارات «شاملة» على مواقع في مدينة الرقة السورية، معقل تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات باريس.
من جهته، صرح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن الخلايا الإرهابية تعد هجمات إرهابية جديدة في أراضي فرنسا ودول أوروبية أخرى محذرا من أن فرنسا ستضطر لمواجهة خطر الإرهاب لفترة طويلة. واشار الى أن الاستخبارات الفرنسية تمكنت من إحباط اعتداءات عدة منذ أوائل الصيف الماضي، وهي على علم بخطط لشن هجمات أخرى في فرنسا ودول أوروبية أخرى.
وفي النطاق ذاته، قال الادعاء الفرنسي إن الشرطة الفرنسية تعرفت على هوية اثنين من منفذي العمليات، هما أحمد المحمد وسامي عميمور. وقد ولد أحمد، الذي فجر نفسه في ستاد كرة القدم، في مدينة إدلب السورية عام 1990، إذا كانت بيانات جواز السفر الذي وجد بجانبه صحيحة. أما عميمور الذي فجر نفسه في مسرح باتلكان فهو من مواليد مدينة باريس عام 1987، حسب بيان المدعي العام الفرنسي.
وفي سياق متصل, اطلقت الشرطة البلجيكية عملية جديدة على نطاق واسع امس في حي مولنبيك بمنطقة بروكسل الذي انطلق منه العديد من المشتبه بهم في اعتداءات باريس. ونقلا عن مصادر متصلة بالمخابرات الفرنسية والبلجيكية، افادت أن الممول والعقل المدبر وراء هجمات باريس هو عبد الحميد أباعود المواطن البلجيكي من أصل مغربي. ويعتقد أنه كان زعيم الخلية الإرهابية التي فككتها الاستخبارات البلجيكية في كانون الثاني الماضي.
وكانت الأجهزة الأمنية البلجيكية قد فككت الخلية الإرهابية في مدينة فيرفيه البلجيكية في أوائل العام الحالي بعد الهجوم على هيئة تحرير مجلة «شارلي إيبدو» في باريس يوم 7 كانون الثاني الماضي. وأبدى أعضاء الخلية مقاومة لدى اعتقالهم، وفي تبادل إطلاق النار قتل 3 منهم، فيما تمكن آخرون من الهرب، وقامت الاستخبارات البلجيكية بملاحقتهم. غير ان أحد المشتبه بهم وهو عبد الحميد أباعود استطاع تفادي قبضة الاستخبارات الأوروبية كافة، واختفى اثره في اليونان في وقت سابق من العام الحالي.وفي هذا المجال، افادت إذاعة «RTL» الفرنسية ان اباعود البالغ من العمر 28 عاما قد حارب في صفوف «داعش» في سوريا، حيث كان من أوحش جلادي التنظيم.
ويذكر ان وزيرا الداخلية الفرنسي والبلجيكي تعهدا العمل سويا لمكافحة الارهاب ولتفكيك الشبكات وللتنسيق في مجال التعاون الامني والمساعدة القضائية.
من جهة اخرى، تضاربت المعلومات حول صلاح عبد السلام شقيق احد منفذي هجمات باريس والذي اصبح مشتبه به اذ تقول تقارير إنه يُعتقد بأن الاخير هو الذي استأجر سيارة استخدمت في إحدى الهجمات في باريس مشيرة الى إنه تم التعرف على شخصيته بعد أن أوقفته الشرطة هو واثنين آخرين قرب حدود بلجيكا. في حين تقول تقارير اخرى انه تم القاء القبض على صلاح عبد السلام وبعد أن أكدت مصادر اعتقاله في شقته بعد استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع، أفادت قنوات تلفزيونية بلجيكية بأن العناصر الأمنية لم تتمكن من العثور عليه في حي مولنبيك، حيث جرت عملية دهم امس.
ويذكر أن صلاح عبدالسلام هو أحد «الإخوة الدمويين»، كما أطلقت عليهم وسائل الإعلام، إذ يعتقد أن شقيقه إبراهيم عبدالسلام (31 عاما) كان أحد الإرهابيين السبعة الذين نفذوا هجمات باريس، وتحديدا التفجير الانتحاري في بولفار فولتير، أما شقيقه محمد عبدالسلام، فتم اعتقاله في بلجيكا يوم الأحد الماضي الا انه تم اطلاق سراحه امس بحسب النيابة العامة البلجيكية اضافة الى الافراج عن 5 من 7 مشتبه بهم في بلجيكا.
ـ معلومات عن اثنين من منفذي الهجمات ـ
-ولد سامي عميمور في عام 1987، وفي عام 2012 واجه تهمة الانتماء إلى منظمة إجرامية (يعتقد أن السلطات كانت تراقب تحركاته منذ محاولته الفرار إلى اليمن)، إلا أنه لم يسجن. وفي العام الذي تلاه، تمكن عميمور من تجنب مراقبة الاستخبارات والفرار إلى سوريا حيث التحق بـ«داعش». واعتقلت السلطات 3 من أفراد عائلة عميمور بعد وقوع هجمات باريس.
-ابلغت الحكومة التركية باريس مرتين وتحديدا في كانون الأول عام 2014 وفي حزيران عام 2015، عن الخطر الذي قد يمثله عمر إسماعيل مصطفائي، وهو أيضا من مجموعة المهاجمين على «باتاكلان». وكان مصطفائي قد دخل الأراضي التركية عام 2013، وتوجه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش»، لكن لا تتوفر للسلطات التركية أية معلومات حول مغادرته للمنطقة. والجدير بالذكر أن التعرف على مصطفائي البالغ من العمر 29 عاما وهو من سكان شارتريه جنوب غرب باريس، تم بواسطة بصمة أحد أصابعه الذي انقطع بعد تفجير الانتحاري لحزامه الناسف.
ـ داعش يهدد واشنطن ـ
الى ذلك، هدد تنظيم «الدولة الإسلامية» البلدان التي تشارك في الضربات الجوية في سوريا بشن هجمات ضدها، كما حصل في فرنسا وتوعد بشن هجوم إرهابي في واشنطن في شريط فيديو جديد نشر امس ونسب لتنظيم «داعش» حيث ظهر رجل في التسجيل يتوعد الدول المشاركة في ما أسماه «الحملة الصليبية» بضربها في عقر دارها، كما ضربت فرنسا في باريس، وأقسم أن يدكّ أميركا في واشنطن.
عن الديار