عاتبون على اميركا، ساخطون على اميركا. يسأل المسؤول السابق في مجلس الامن القومي آرون ديفيد ميلر ما اذا كان العرب سيلتحقون بالمعسكر الروسي، ربما بالمعسكر الصيني، قبل حلول منتصف القرن...
ديبلوماسي عربي مخضرم واثق من ان هيلاري كلينتون ستكون اول امراة في البيت الابيض. سياسيا، نسخة شقراء عن باراك اوباما الذي أُتي به ليدفع الولايات المتحدة بعيدا عن «جاذبية المستنقعات»، ان في العراق او في افغانستان...
الديبلوماسي يقول لنا ان كل شيء يشير الى ان النظام العالمي الجديد هو، حتما، غير النظام الذي بشر به الرئيس جورج بوش الاب والذي قام على الاستقطاب الاحادي. آنذاك، قال ريتشارد هيلمز، وهو مدير سابق لوكالة الاستخبارات المركزية، ان ثورا واحدا قادر على جر الكرة الارضية...
في اواخر عام 2008، وعقب اندلاع الازمة المالية بل والزلزال المالي، كتب بول كروغمان، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، ان الثور بات من دون قرنين، والكرة الارضية انتقلت من الدوران الى الدوار...
تماما كما قال بيل كلينتون «انه الاقتصاد يا غبي». زوجته تميل الى ذلك . لا تستسيغ آراء هنري كيسنجر لكنها، وبعد تلك الاوديسه الديبلوماسية الشاقة، والعبثية، حول حائط المبكى، تأخذ بقوله، حول «لاهوت الصراع». هو الذي قال ايضا «ربما كان الله معنيا اكثر منا بأزمة الشرق الاوسط»، مع ان السيناريو الذي وضعه كان يقضي بالانتقال من القاهرة الى دمشق. لا بأس ان تكون بيروت (او جونية) مدينة...ياسر عرفات.
الديبلوماسي اضاف «كلنا اخذنا علما بأن نظاما بديلا سيقوم في دمشق. الجيش التركي كان جاهزا للدخول الى الرقة ومنها الى حلب ما يفضي، تلقائيا، الى خلع اسنان الخليفة في سوريا. كان من السهل في هذه الحال تشكيل ائتلاف اسلامي بادارة انقرة والرياض والدوحة...
يقر بأن العواصم الثلاث كانت ستواجه وضعا معقدا للغاية ربما انعكس صراعا في ما بينها، ان على المستوى الجيوبوليتيكي او على مدى التأثير في ادارة السلطة في سوريا.
القيصر فاجأ حتى باراك اوباما الذي كان يعلم بالاستعدادات الخاصة بتقويض النظام. كان يصغي الى آراء بعض المستشارين الذين لم يكونوا ليذرفوا الدموع على سوريا. من مصلحتهم ان يغرق السعوديون والاتراك والقطريون في الوحول السورية...
الديبلوماسيون الروس يقولون انه لو تحقق السيناريو إياه لكان الاتراك، لا السعوديون ولا القطريون من يمسكون بسوريا، ولكن دون ان تتوقف دوامة العنف ولو للحظة. احدهم يؤكد ان «ثمة مسؤولين خليجيين كبارا ويتفهمون دورنا. يعتقدون اننا بتدخلنا في سوريا، وانفتاحنا على سائر الدول العربية، يمكن ان نساهم في اعادة ارساء قواعد اللعبة في المنطقة والحد مما يصفونه بالجموح الايراني».
الروس لا يرون في باراك اوباما الشخصية الواهنة كما يصفه العرب العاتبون او الساخطون. انه الشخصية العقلانية التي ترى في « استراتيجية الثيران الهائجة» التي اعتمدها جورج دبليو بوش مجازفة بلهاء لا تفضي سوى الى «عودة جـنودنـا بالـتوابيت».
بعض المعلقين الاميركيين الذين كتبوا عن خطاب اوباما في يوم المحاربين القدامى رأوا فيه «الاميركي الحقيقي» الذي يجمع في شخصه بين مارتن لوثر كينغ وجون كنيدي، اي بين من يصنع حلما ومن يصنع افقا.
احد المعلقين قال «في هذه اللحظة قد يكون افضل المرشحين لولاية ثالثة». حدث ذلك لفرنكلين روزفلت الذي تأثر به اوباما، ولن يحدث مع رئيس آخر. في كل الاحوال، ليس سيد البيت الابيض بالرجل الذي يحظى باعجاب مسؤولين ومعلقين عربا...
كان يفترض ان يدمر ايران، وان يزيل بشار الاسد. لم يفعل هذا، وكان يجيب على مطالبهم الملحة والمتلاحقة «لماذا لم تشكلوا حتى الان قيادة موحدة للفصائل المسلحة لتنتقل اليها السلطة في حال ازالة الاسد؟».
دائما كانت الاجوبة ضبابية ومجتزأة .واذا كان بعض العرب، بتشكيلهم القبلي، جاهزين دائما للقفز في الفراغ، هذه ليست حال اوباما الذي يفاخر بأنه لم يدفع بالجنود الاميركيين الى المحرقة.
المعلقون اياهم يدعون الاوروبيين المتهافتين على طهران، وعلى رأسهم لوران فابيوس، الى اقفال الابواب في وجه الرئيس حسن روحاني الذي يزور الاسبوع المقبل ايطاليا والفاتيكان وفرنسا. لا بد ان تبقى ايران تحت الحصار وان تبقى العدو لصرف الانظار عن كل القضايا الاخرى...
الروس الذين يقولون ان الايرانيين انتقلوا من السياسات الصارخة الى البراغماتية ينصحون العرب بالتفاهم معهم ان للخروج من المتاهة اليمنية، وحيث اثبتت «عاصفة الحزم» انها تدور في حلقة النار او لوضع حد للتراجيديا السورية، فيما الاميركيون يتعاملون مع الارض بالقفازات...
ليس بعيدا ذلك اليوم الذي يحل فيه الاسطول الروسي ضيف شرف على شواطىء الخليج!