ملاحظة أولى: المقالة كتبت أمس وأضفت إليها اليوم إضافات مهمة قبل نشرها على "صوت العراق".
إلى متى يرضى الشعب العراقي، بالإهانات الموجهة تكرارا من قبل خامنئي، ونظام جمهوريته الإسلامية، إلى الشعب العراقي، والكرامة العراقية، والسيادة العراقية.
هذه المرة وجه إهانته واستهانته وإساءته واحتقاره إلى الجماهير المتظاهرة، ومطاليبها المشروعة، إلى رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى مجلس النواب العراقي، وإلى المرجعية الدينية في النجف على حد سواء.
في الوقت الذي كان عزل المالكي استجابة لإرادة الجماهير الشعبية الغاضبة، والتي دعمتها مرجعية السيستاني على لسان ممثلها أحمد الصافي، ومن ثم بقرار من رئيس مجلس الوزراء العبادي، وبموافقة أعضاء مجلس الوزراء بالأكثرية، سواء عن قناعة أو عن حياء، ثم بإقرار مجلس النواب بإجماع الحاضرين الذين مثلوا 90,05% من عدد أعضاء مجلس النواب، أيضا سواء عن قناعة أو عن حياء.
فإذا بخامنئي ونظامه الإسلامي القائم على السلطة المستبدة للفقيه غير المتفقه، وكأنه يقول: طز بالشعب العراقي، طز بالمتظاهرين، طز برئيس وزراء العراق، طز بمرجعية النجف، طز بالبرلمان العراقي، رغما عنكم جميعا، سنكرم المالكي، ونحتفي به بطلا عربيا وإسلاميا تاريخيا. حتى لو سرق، فإذا وافق على سرقته الولي الفقيه، فسرقته شرعية، ولا حق لأحد أن يسلبها هذه الشرعية. وحتى لو فعل الأفاعيل التي ترفضها كل مبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، بل وحتى قيم الدين، فوحده الناطق الرسمي باسم الله ورسوله وأمير المؤمنين والحجة المهدي، هو الذي يحدد ما هو محرم وما هو مباح، فلا السيستاني، ولا إرادة الشعوب، ولا الديمقراطية، ولا غيرها تلغي شرعية القرارات الخامنئية المستنزلة من السماء السابعة، حيث العرش.
والغريب رغم إن قرار إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، والتي تعني فيما تعني عزل نوري المالكي عن منصبه، قد اتخذ الصفة الشرعية، بإقرار مجلس النواب العراقي له بالإجماع، فإن إيران تصر على اعتباره "نائب رئيس جمهورية العراق"، وهذا يذكرنا بوقاحة تركيا وأردوغانها، عندما استقبلت نائب رئيس الجمهورية السابق والمطلوب آنذاك للقضاء العراقي طارق الهاشمي، استقبالا رسميا، بوصفه "نائب رئيس جمهورية العراق". ليس من قبيل المساواة بين مدان قضائيا، ومتهم لم يحاكم بعد، ولكن المقارنة تأتي من قبيل بيان عدم احترام دول الجوار للسيادة العراقية، والذي ما كان سيكون لولا السياسات الخاطئة والسيئة والمضرة بالمصالح الوطنية، من قبل السياسيين الشيعة، والسياسيين السنة، والسياسيين الكرد. أرجع إلى المقارنة وأقول ومن هنا استقبل نائب رئيس جمهورية إيران الإسلامية إسحاق جهانگيري قرينه نوري المالكي بوصفه هذا، وأطرى على المالكي بالتحدث عن "دور نائب رئيس الجمهورية الفاعل الذي أسهم في انتصار الشعب العراقي". ولا أدري أي انتصار هذا الذي حققه المالكي في سنواته الثمان العجاف للشعب العراقي. ولا ندري أي أوسمة إضافية سيحصل عليها المالكي في جمهوريته الإسلامية، لاسيما من الولي الفقيه، وربما من رئيس الجمهورية، ولعله من بعض المراجع، كالشاهرودي والحائري.
أو هل كان سفره إلى إيران هروبا من القضاء، ولو هروبا موقتا، مع الترقب والمراقبة، وحساب حسابات المجازفة بالعودة، أو ذل الهروب. أم إن هناك مؤامرة تحاك هناك ضد مصالح الوطن المنتهك.
وأي جرأة هذه أو يوصل خامنئي أمره (الولائي؟) لرئيس وزراء العراق العبادي، بأنه لا يقبل أن يحاكم المالكي. فهل يصر على أن تتخذ القرارات المهمة والخطيرة للعراق في طهران، بدلا من بغداد؟
يا ليت المتظاهرون، يملكون الشجاعة، وهم الشجعان حقا، ما لم يجر استخدام العنف الدموي ضدهم، أن ينزلوا صور خامنئي، على الأقل من ساحتهم هم، من ساحة التحرير، كبداية لإنزالها من كل بغداد، ثم من كل العراق، لتستعيد شوارع العراق ومدنه وترابه وسماءه السيادة التي يريد خامنئي أن يهينها. فهل من منتفض للكرامة العراقية، وللكبرياء الوطني العراقي؟ ولو إني لا أملك صلاحية تقديم النصائح للجماهير المتظاهرة، فمن في الميدان، هو الأدرى باتخاذ القرار الصالح، آخذين بنصائح من يثقون بهم، مبتعيدن عن ارتجال المواقف والشعارات، التي لم يجر حساب انعكاساتها بشكل دقيق. ومن هنا وبالرغم من طرحي لهذه الفكرة التي أتمنى أن تشق طريقها للتطبيق، لكني في نفس ربما أراني مضطرا بألا أنصح بذلك إلا بضمان ألا يشخص القائم بها ثم يجري استهدافه، فلا نحتاج إلى تكرار ما حصل لهادي المهدي عام 2011.
كيف نقبل من خامنئي تكريم من نريد رؤيته واقفا أمام قضاء عراقي مستقل ومحايد ونزيه؟ سواء حكم عليه بأشد العقوبات، إذا ما أدانه، أو برأه، إذا ما افترضنا ثبوت براءته، من قبيل إن فرض المحال ليس بمحال.
وما الذي جعلك يا حيدر العبادي أن تأذن له بمغادرة العراق؟ أهو الضغط الذي مورس عليك، مما لم تستطع حقا إلا الرضوخ له. قلها إذن للشعب بصراحة. أو هو التهديد؟ لكنك وعدتنا أنك ماض في الإصلاح حتى لو كلفك ذلك حياتك، وإن كنا لا نريدك شهيدا، بل مصلحا؟ أم هو التواطؤ؟ شخصيا لا أريد أن أتهمك بذلك، لكن لو تبين للشعب أن هناك تواطؤا من قبلك، وشخصيا أستبعد ذلك حتى هذه اللحظة، فلن يغفر لك ذلك. أما إذا كنت مستجيبا حقا لإرادة الشعب، إلا أنك تواجه تحديات كبيرة، فاطمئن إن الشعب سيقف معاضدا لك في مواجهة هذه التحديات، رغم موقفه الرافض لحزبك (حزب الدعوة)، كما ولتحالفك البرلماني (التحالف الشيعي)، المسمى بـ(الوطني).