كل يوم نصب جام غضبنا علي تجار الدين سواء من جماعات الإسلام السياسي أو رجال الدين أو النظم السياسية.
كل يوم نلعن تجارتهم بالدين ونحذرهم بالويل والثبور وعظائم الأمور عقابا من رب السماء على ما يقترفوه في حق الأديان جميعا.
فتجارة الدين تجارة قديمة عابره للزمان والمكان والأديان، فلا يوجد دين في أي زمان أو مكان لم يتاجر به رجاله أو حكام أتباعه، تسويقا لبضاعة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فاسدة، يتم تغليفها بغلاف الدين فيسهل بيعها بأغلى الأثمان ليحقق التاجر ما يريد من ثروة وسلطة.
ولكننا دائما نغفل أن أي عملية تجارية لها طرفين بائع ومشتري. فإذا كان رجال الدين والسياسيين هم البائعين فنحن من يشترى.
نعم نحن شركاء في الجريمة لأننا نشترى البضاعة الفاسدة الراكدة رغم علمنا بذلك لمجرد أن البائع قد غلفها بغلاف من الدين. نحن من يخاف نزع غطاء الدين عن الفاسدين من رجال الدين والمستبدين من الحكام.
ماذا لو توقفنا عن الشراء؟
قوانين العرض والطلب في الاقتصاد تقول أن البضاعة ستركد، وان التاجر سيخسر وسيكون عليه إما تغيير النشاط أو التسول.
هكذا ببساطة..
علينا التوقف عن شراء البضاعة الفاسدة حتى وان كانت معبأة في عبوات دينية جميلة المظهر مسمومه الجوهر. علينا رفض الاستبداد السياسي حتى لو كان المستبد يخرج علينا كل يوم مصلياً، ذاكراً، داعياً الله..
علينا رفض كهنوت رجال الدين حتى لو كان يدعى انه ممثل الله على الأرض، فليس لله ممثلين على الأرض، ومن كان يعتقد انه مندوب السماء وسفيرها إلى الأرض فليعلن نفسا نبياً رسولاً بلا مواربة وليثبت لنا نبوته بالعقل والعلم.
إذا أردنا بالفعل أن نتخلص من تجار الدين والنصابين باسم الله، علينا أن نتوقف عن الشراء. علينا أن نقول لهم لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، لا دين في الاقتصاد ولا اقتصاد في الدين. لن نشتري بضاعتكم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما لم تكن صالحة لهذا الزمان والمكان. لن نشترى بضاعة منتهية الصلاحية فاسدة مسممة حتى ولو كانت مغلفة بورق الدين.
نريد سياسة صالحة للقرن الواحد والعشرين، قائمة على المواطنة واحترام الحريات العامة والشخصية وسيادة القانون وتداول السلطة.
نريد تنمية اقتصادية ترفع من رفاهة الإنسان وتضمن له حياة كريمة مثل أي إنسان على الأرض.
نريد حياة اجتماعية تتوافق مع العصر الحديث وليس العصور الوسطى.
هذا طلبنا في هذه الحياة ودور السلطة السياسية تحقيق ذلك، أما علاقتنا بالله والحياة الأخرى فهذا ليس من شأن أحد إلا الله، فهي علاقة خاصة بين الإنسان والله، ليس لبشر -أي كانت وظيفته- التدخل فيها. أو بين البايع والمشتري يفتح الله.