المؤتمر الاول لتأسيس تجمع علماني : العلمانية والاصولية الصدام القائمالتيار العلماني
والتصور العلماني العملي لمواجهتها
في ظلّ تراجع دور الدولة المستمر، وإنهزاماتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية المتلاحقة، وتأخر مستويات التعليم ونظم الصحة، ومع تفّشي القمع السياسي والإستبداد بالحكم في إنقلاب سافر على الديمقراطية التي أتت به، مع تقلص مساحة الحريات وإنخفاض سقف مطالب المبدعين، نتيجة الترهيب والتخوين، تظهر الجماعات الأصولية الدينية في منظوماتها العلنية والسريّة لتحتضن المواطن وتحنو عليه، ليكون لقمة سائغة لديهم، نتيجة توفيرهم خدمات، وتقديمهم إمتيازات، تخاذلت الدولة عن توفيرها. وتتمكن الأصولية بمدّ أذرعها لأبعاد أكبر في قلب الوطن، من خلال آليتيّ التهميش والإقصاء: تهميش الأقاليم، وإقصاء كل فكر وثقافة لا تتفق مع التوجه السُني الإخواني/ الوهابي السلفي.
إذا تحدثنا عن التهميش في الأقاليم، سنجد إنه لا يوجد العدد الكافي من أفرع المؤسسات والوزارات والمصالح الحكوميّة الخدميّة العامة مثل المدارس والمكتبات والمُستشفيات والوحدات الطبية والأنديّة والجرائد القومية والخاصة كالتي تتوفر في العاصمة، كذلك لا يوجد هناك أي فرع لأي مؤسسة ذات سيادة يمكن الاعتماد عليها، بل أحيانا يضطر الناس للذهاب إلى القاهرة لإستخراج أوراق الرسميّة أو الحصول على ختم مُعيّن!!؟ وربما أثر تلك المركزيّة يرجع إلى أيام الدولة العثمانية والخلافة، حيث كانت مصر، والقاهرة تحديدًا بعد إستقلالها عن الكرسي العثماني مقرًا للعديد من المؤتمرات واللقاءات بين الدول، ومركز مُستضيف للمؤسسات السيادية حيث الشهر العقاري والمحاكم المختلطة والبرلمان المصري الذي أفتتحه الملك فؤاد الأول عام 1924.
الجامعة الموجودة في الأقاليم، إن وجدت أصلا، لا تحتوي على نفس الكليات والأقسام والتخصصات التي تمتاز بها جامعة القاهرة، بل لا نكذب القول أن قلنا أنه لا يوجد في مكتبة أي جامعة إقليمية ربع الكتب الموجودة في المكتبة المركزيّة بجامعة القاهرة!!، ممّا يضطر العديد من الطلبة للسفر إلى القاهرة لتصوير مرجع أو شراء كتاب أو النظر في هوامش أحد الكتب!؟، جامعة القاهرة أصبحت بحكم مركزيتها، الواجهة الإعلاميّة للمنبر التعليمي العالي. لذلك نجد أن الجامعة الإقليمية النائية تقبل تنسيق أقل من نظيرتها بالقاهرة!!، بل حينما يريد رئيس الجامعة أو رئيس القسم أن يُعاقب أي دكتور أو أستاذ مساعد يتم نقله إلى جامعة إقليمية، وكأن هناك السجن والمنفى!!. بالتالي ماذا ننتظر أن يكون مستوى ذلك الطالب الذين يَدرس هناك وسط هذه البيئة!؟.
دُور النشر في الأقاليم قليلة وشبه منعدمة، وقصور الثقافة الحكومية نفس الشيء، بالتالي لا يجد طلبة الفكر أي جرعة ثقافية يمكن الحصول عليها في تلك المناطق، بل يلجأون للنزوح إلى القاهرة لنشر أعمالهم، وحضور الندوات والمؤتمرات ومناقشة الرسائل العلميّة، وقد وصل الأمر أن جاء أحد الكُتّاب من المنصورة لعمل حفل توقيع كتابه في القاهرة، نظرًا لرغبته في وجود التغطية الإعلامية المناسبة، وسط عدد مناسب من الحضور يشجعه على الإستمرار في العمل الأدبي.
وعلى الجانب السياسي، النظام والمعارضة لم يُقدما أي شيء حقيقي للأقاليم، فمُحافظي الأقاليم ورؤساء المحليات هناك يعتبرون أنفسهم ملوك في دويلات صغيرة لا يعرف الحاكم عنها أي شيء، فيتم السحل والإستبداد والقمع والنهب والسرقة دون أن يوجد من يرصد ويوّثق ويغطي الحدث إعلاميًا!؟. وفاعليات الأحزاب والحركات السياسية شبه منعدمة وغير منتظمة، وإن وجدت فهي لا تملك تصاريح وإشهار ومقرّات، بل يتم الإجتماع على مقهى في الشارع أو داخل شقة أحد الزملاء. لذا من الطبيعي أن لا نجد المسيرات الضخمة والمليونيات الحاشدة إلا في القاهرة والإسكندرية فقط.
ولا يتذكر المسئولين تلك الأقاليم إلا وقت الإنتخابات والإستفتاءات فقط، من خلال الوعود والعهود والجولات الخاطفة، وتمثيلية الأهل والعشيرة والنسب والضيافة والكرم، فيتم التعامل مع الناس هناك وكأنهم متسولين ينتظرون منّة وعطايا هذا الشخص، الذي يأتي فقط لتوزيع الشنط الخيرية والهدايا، ثم يلتقط لنفسه الصور من أجل الجرائد أثناء وقوفه وسط الناس بجوار “العجل المذبوح” من أجل الأيتام، وينتهى اليوم على ذلك، ولا يراه أحد مجددًا.
ونظرًا لتقاعس الدولة عن دورها، وتهميش النظام الحالي عن تنفيذ برنامجه لإعطاء الأقاليم/ الفروع نفس إهتمام وخدمات العاصمة/ المركز، أصبحت تلك المناطق مُفرخة للقبلية والرجعية، فلا يمرّ أسبوع إلا ونسمع عن قضية قتل من أجل الثأر أو الشرف، أو عمليات تصفية لعائلات من أجل الإستحواذ على قطعة أرض، ولا ننسى أن كافة جنود الأمن المركزي والجيش يتم تعبأتهم من تلك المناطق، حيث الغلظة والعنف وعدم التعّود على التعامل الإنساني والحوار.
هذه البيئة المتأخرة عن الركب الحضاري، هي المكان الخِصب لزرع الفتن الطائفية والكراهية والتعصب، حيث يظهر البديل للدولة في منتجات المنظومة الدينية، فيلجأ المسلم إلى الجمعية الشرعية ومراكز تحفيظ القرآن والمساجد لعمل الإجتماعات وأخذ النصح وطلب المساعدة، كذلك يلجأ المسيحي إلى الكنائس ومراكز الخدمات التعليمية والطبية التابعة لها، وهذا اللجوء يقتضي على المواطن الإمتثال والخضوع لكل أوامر الكاهن/ الشيخ الذي يقوم بتوجيه وشحن الشخص حسبما يريد، لخدمة قضية معينة، وهذا ما ظهر جليًا في العديد من الأحداث، بدءًا من إستفتاء 19 مارس المشؤوم مرورًا بإنتخابات البرلمان والرئاسة والإعادة والإستفتاء الأخير، وما تخللهم من أحداث فتن طائفية في أطفيح، وإمبابة، ونجع حمادي، والمنيا، ودهشور.
وكل أشكال التمييز ضد غير المسلمين هي أشكال تمييز يجب أن تزول حسب منطق المواطنة القائمة على المساواة. وتظل مواجهة أشكال التفرقة والتمييز هذه من كبرى واجبات العلمانيين في مصر اليوم.
أما الإقصاء الأصولي، فيتم بتجاهل وإستبعاد ورفض مُتعمد لكل ما/ من هو مختلف مع الذكر الإخواني/ السلفي. سواء ثقافيًا، عرقيًا، جنسيًا.
ثقافيًا، مصر وطن يتّسع للجميع، يحوي مزيج من الثقافات والمذاهب والمعتقدات التي عاشت ومازالت تعيش في نسيج واحد، دون صراعات أو فتن مدبرة، فنجد في مصر، مسيحيون.. يهود.. بهائيين.. شيعة.. ملحدين.. لا دينيين. وهم مواطنين مصريين يحملون الجنسية المصرية، وجب إحترام أفكارهم ومعتقداتهم، بل يجب على القانون حماية وجودهم وإختلافهم وتميزهم، إلا أن الأصولية الرجعية تتعمد طمس هذه الثقافات من خلال التجهيل المعتمد بتاريخهم، وكيانهم، وحرمانهم من أي صورة للمشاركة في مؤسسات الدولة، أو حرية التعبير عن أفكارهم، أو الظهور الإعلامي في أحسن الأحوال. بل لا نسمع عن هؤلاء المختلفين بتميزهم، إلا في الفتن الطائفية، والسباقات التخوينية القائمة على نظرية المؤامرة. ثم تجد التحريض المباشر من شيوخ الفضائيات للفتك والتنكيل بهم، بل الدعوة للقتل المباشر، كما حدث ومازال يحدث في العديد من الأماكن.
عرقيًا، تحتضن مصر بعض العروق الأخرى، مثل الأمازيغ في سيوة، والبدو في عدم أماكن من صحراء العريش وسيناء، والنوبيين في أسوان والأقصر، وجميعهم مصريين الإنتماء والولاء، إلا أن النظام القائم دائمًا يشوه صورتهم إعلاميًا، من خلال التخوين الدائم، بل وإسقاط الجنسية عن النوبيين واعتبارهم “جالية” وضيوف!!؟، ثم إتهام بدو سيناء إنهم لا يجيدون شيء سوى تجارة المخدرات والسلاح!؟، وعدم الإشارة من قريب أو بعيد عن أمازيغ سيوة!!؟. طبعًا مع حرمانهم التام من الخدمة الوطنية في الجيش المصري، وعدم إدخالهم في أي وظيفة بأي مؤسسة رسميّة، أو حتى توفير أي خدمات في مناطقهم من الأساس!!؟.
جنسيًا، هناك دائمًا عداء مباشر بين الأصوليين والمرأة، وكأن وجود المرأة هو سبب وسر وجود كل الموبقات والذنوب والكوارث التي تعيشها مصر!؟، فيتم معاملتها بإعتبارها نصف مواطن أو أقل، في مشاركتها، وفي حقوقها!؟ في حين إنها ليست نصف المجتمع فقط، بل هي نواة المجتمع وبنيّته التحتية، والتي بها ومن خلالها تستعيد مصر كرامتها المفقودة. بل وإقصاء المتحولين جنسيًا والمثليين، الدولة لا تعترف بهم، وشرعة الحاكم تقتضي مطاردتهم وقتلهم إن سمحت الفرصة!!!؟.
الدولة الوطنية العلمانية هي الحل المباشر السلمي، لمواجهة كافة المشكلات الأصولية الرجعية الظلامية، فهي تجعل المواطنة هي الأساس أي تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الجنس أو العرق أو القبيلة أو الدين أو الطائفة.
التطبيق العملى لمواجهة المدّ الأصولي
التطبيق العملي للعلمانية فى الواقع المعاصر فى مصر
أحب أن أبدأ .. كلامي بسؤال ؟
لماذا فشلت العلمانية فى واقعنا المعاصر فى مصر .. أمام الاصولية فى الفترة الحالية ..؟
ولم تحصد أي مكاسب .. بالرغم إنها الاكثر حداثة والاكثر ملائمة للمستقبل والوجه الامثل للتحضر، لم تصل الى كرسي سياسى يعبر عنها .. او تعتلى منبر فكري تستطيع من خلاله الوصول الى المجتمع .. أو تكون مجتمع على الاقل علمانى مدرك ملامحه ..
واصبحت العلمانية سبة وتهمة تلقى فى وجه أي أحد بهدف تشويهه
وذلك لأن العلمانين المثقفيين فى مصر مازلوا حبيسوا الصالونات الثقافية .. الكتب .. المقالات .. الاجتماعات .. المؤتمرات والندوات ولم يحتكوا بأرض الواقع فى مصر ..
وبعضهم ينتهج ان العلمانية منهج .. فقط وفكر تنويري فقط وولدنيا مثلا تاثيرات جون لوك وجون ميل أستيورت من خلال كتابتهم وأفكارهم تم التغيير
ولم يتدراكوا نقطة أن .. التأثير المباشر للهم كان على الملك الحاكم الذي يستطيع بسلطته المطلقة أن يغير فى البنوية الاجتماعية بكل سهولة للدولة التى يحكمها أو يتخلى عن بعض سلطاته فى سبيل دعم الديموقراطية .. “الملكية الدستورية إلخ ” او يدعم العلم والعلماء والفلاسفة .. نتيجة لسلطته المباشرة وبالتالي أقتصر أغلب رسائل المفكريين التنويريين فى تلك النقطة على التاثير على الطبقة الحاكمة والنبلاء للوصول للغاية وهذا ماتحقق فعلا ..
ولكن الان فى عصور الجمهوريات لا نملك رفاهية التغيير الفوقى .. أو السيطرة الهرمية بشكلها المطلق فى الواقع المعاصر ..وبالتالى عملية التغيير فى تلك السبل لا تأتى بفائدة فى الوقت الحالى
وفكرة الاحتكاك بالمجتمع والنزول فى الشارع .. لا تقتصر على شكلها الضعيف او البدائى فى الاساس .. مسيرات .. حملات توعية .. جرافيتى إلخ .. فهذا تأثيره لحظى ضعيف .. ويمكن أن يتحول للدعاية سلبية إن لم يتم إستغلاله بصورة صحيحة ..
وبالتالى يظهر هنا السؤال .. ما العمل ؟!
تمام وهنا يأتى دور نموذجنا
أي تنظيم حديث يهدف إلى الانتشار والتوسع والتوغل بمفاهيمه وأفكاره داخل المجتمع المعاصر يجب ان يكون محدد الاستراتجية والتكتيك على المدي الطويل والقصير وأن يملك الاليات العملية لنشر الفكرة و إقناع الاخر بها بل بالعكس تسويقها كمنتج عقلانى .. للجمهور ..
بالتالى يجب ان ينقسم التنظيم
فى شكله العام الى مجموعة من العناصر أو اللجان الفعالة .. لمتخصصين فى كل مجال .. للوصول للنتيجة الفضلى ..
وهذا شكل بدائى .. للتنظيم
فريق تنويري .. مكون من الفلاسفة والمفكرين والمنظريين .. وهذا يهدف الى بلورة الخطاب و لغته والافكار المراد زرعها فى المجتمع ..
فريق سياسى .. هذا الفريق هدفه التعامل مع السياسة كيفية تمثيل العلمانية سياسيا فى البرلمان أو حزب او حتى جامعة سياسية .. وهو يختص بالعمل السياسى المبنى على الفكر التنويرى فى الاساس
ويضع الخطط السياسية وشكل الدولة العلمانية إلخ
فريق بحثى .. ومهمة هذا الفريق .. جمة فمن خلاله سيتم معرفة حجم العلمانية فى مصر ومدي تقبل الشعب للفكرة و أليات تطوير الخطاب الموجهه و الفئات المستهدفة والفئات المحايدة والفئات المعادية ومن خلاله نستطيع تطوير أليتنا ونكون صور حقيقة عن الواقع المعاصر فى مصر بعيدا عن أستنتاجات فكرية .. غير مدعمة ببيانات و أحصائيات
فريق إدارة الشان الداخلى .. وهو ما يختص بالتنظيم فى الداخل .. التثقيف للأعضاء .. فض المنازعات لمنع التكتل او الانفصال وتقريب وجهات النظر المحتلفة و مراقبة أداء الاعضاء .. وتحسين أليات العمل الفعال وفض المنازعات إلخ
فريق إداري .. وهذا الفريق هو من يدير التنظيم بناء على المعطيات الاتية له .. وهدفه أسترشادي تنظيمي بحت و يهدف الى وحدانية الرأي بعد المناقشات و رسم السياسة الكاملة للتنظيم بناء على الاليات السابق ذكرها
فريق جماهيري .. وهو الفريق الذي حتك أحتكاك مباشر بالجماهير ..
ومن هنا نستنج أن أي تنظيم محترم يهدف للبقاء و القدرة على تسويق فكرته ينقسم الى ثلاث … عناصر أساسية
1-الجماهيرية
2-التنظيم
3-الفكر
ولكن الشكل .. السابق
يحتاج إلى عدد كبير .. والى دعم مادي .. والية إدارة كل فريق ..
وسوف أوضح فى المحاضرة .. بعض الحلول لتلك المعضلات عملية تماما ..
ونرجو من سيادتكم الاهتمام
فهذا هو طريق العالم الان لتسويق أي شئ فكرة .. تنظيم .. تنوير .. منتج .. قانون إلخ ..
دعونا نخرج من الانغلاق والتقوقع إلى النور ..