مع توالى انتصارات الأصولية فى الانتخابات المصرية يتعالى صراخ العلمانيين وعويلهم بسبب ما قام به الأصوليين من انتهاكات للقانون وربما تزوير فى بعض الأحيان ورغم صحة هذه الاتهامات والتى رأيت بعضها بأم عينى ولكن دعونا لا نخدع أنفسنا وندعى أنة كان يمكن للعلمانيين أن يفوزوا على الأصوليين فى هذه المعركة الانتخابية فالنتيجة كانت متوقعة ومعروفة منذ لحظة انطلاق الثورة المصرية وان مصر فى طريقها للسقوط فى يد الأصولية.
لذلك أقول للعلمانيين كفوا عن البكاء والعويل والبحث عن شماعة تعلقوا عليها فشلكم وانظروا الى أنفسكم والى أخطائكم التى وقعتم فيها فادت بكم وبمصر الى هذه النتيجة التى قد تصل الى حد الكارثة إذا نجح الأصوليين فى وضع دستور لمصر شبيه بالدستور الايرانى يحول مصر العلمانية منذ عهد محمد على باشا وحتى دستور 1971 وشبة العلمانية منذ دستور السادات وحتى الآن إلى دولة دينية يحكمها مجلس فقهاء وليس مجلس شعب أو رئيس جمهورية.
أرى أن أول أسباب الهزيمة هو الهزيمة النفسية التى تعرض لها ابرز المنافسين للأصولية وهو الكتلة المصرية وتمثلت هذه الهزيمة النفسية فى رفع الكتلة لشعار لا للدولة العلمانية ولا للدولة الدينية بل لقد ذهب احد المرشحين المستقلين فى الإسكندرية والذى أعلن حزب المصريين الأحرار فى الإسكندرية دعمه له إلى رفع لافتة مكتوب عليها لا للعلمانية المنحلة ولا للتجارة بالدين فى مزايدة مفضوحة على الأصوليين. إذا فقد دخل العلمانيين المعركة وقد سلموا واعترفوا واقروا بما يكذب به الأصوليين بأن العلمانية هى مرادف الكفر والإلحاد.
سيجادل البعض ويقول أن هذا كان ضروريا لمواجهه الدعايا السوداء للأحزاب الدينية، نقول هذه قوله حق يراد بها باطل نعم لقد استخدم الإسلاميين أحط أنواع الدعايا الانتخابية ولكن لم يكن الحل بالاستسلام لهم ورفع الراية البيضاء حتى من قبل أن تبدأ المعركة لقد كان الحل المواجه أو على الأقل تجنب المواجه ولكن دون استسلام من خلال تجنب ذكر كلمة العلمانية بخير أو شر والاكتفاء باستعمال كلمة الدولة المدنية بدلا من الدولة العلمانية رغم انه لا يوجد شيء اسمه دولة مدنية.
الحقيقة أن الأحزاب العلمانية انبطحت أم الأحزاب الدينية واستسلمت سريعا لأنها مازالت تنظر إلى الصراع مع الأصولية على أنة صراع سياسي وليس صراع فكرى ثقافي تظهر نتيجته في النهاية في صندوق الانتخابات. فنتيجة الانتخابات هى ليست نتيجة زيت وسكر ولحمه تم توزيعها فقط ولكن أهم من كل هذا نتيجة أربعين عام من عمليات غسيل المخ والتحويل والعبث بالشخصية المصرية.
انبطحت الأحزاب العلمانية عندما اعتبر قادتها خاصة الأحزاب الجديدة أن الفكر والثقافة والتوعية الثقافية للجماهير هي ترف ومضيعة للوقت وان الأهم هو توزيع الزيت والسكر فى رمضان وإقامة صلوات العيد فى العيدين والاحتفال بالإسراء والمعراج متناسين أنهم بذلك يستخدمون الدين فى العمل سياسي تماما مثل الأحزاب الدينية وجعلوا من أنفسهم نسخة مكررة مشوهه من الأحزاب الدينية وأنا كناخب إذا كان علية أن اختار بين الأصل والصورة فبالتأكيد سأفضل الأصل على الصورة المزيفة.
المشكلة الآن بعد أن خسرت الأحزاب العلمانية المعركة الانتخابية ماذا هم فاعلون بعد أن استسلموا في المعركة الثقافية عندما رفعوا شعار لا للدولة العلمانية ماذا سيفعلون الآن؟
هل يعودوا ويقولوا إسفين يا شعب مصر إحنا مكناش نقصد الاعتراف إن العلمانية كفر وإلحاد؟
هل يعودوا إلى المثقفين والمفكرين ويقولوا أنقذونا؟
أم يذهبون إلى البقالين ليشتروا المزيد من الزيت والسكر استعدادا للمعركة الانتخابية القادمة التي ربما لن تأتى إذا نجح الأصوليين فى وضع دستور أصولي يمنع غير الأصوليين من الترشح في الانتخابات