نتذكر كلنا يوم ذهب العراقيون جميعاً للمشاركة في التصويت والإنتخاب ، وكلنا كان يعلم دافع العراقيين إلى ذلك ، كان دافعهم الخير وحب العراق هذا الواحد من غير تباعيض أو أجزاء ، وهمهم كان بناء الوطن على نحو جديد حضاري ومتقدم ، يقيم قواعده على أساس العدل والحرية والسلام ، وتحرير مؤوسسات الدولة من سلطة الأحزاب والطوائف .
ولم يخطر ببال شعبنا يوماً بان يكون ماقام به مجرد تسالي ، فشعبنا الطيب كان يأمل من الإنتخابات ان تقدم ما هو صالح وقدير ، ليحقق لهم ما كانوا يحلمون به من تطور ونماء وعيش رغيد ، ولم يخطر ببال هذا الشعب المغلوب على أمره ، ان يكون الحل هناك في طهران لا في بغداد ولا في محافظات وأقاليم العراق ، ولو كان يدري لما ذهب زرافات ووحدانا للإنتخابات وترك الأمر لطهران تضع من تريد وتطرح من تريد ، طهران هذه قد غلقت الأبواب يوم كان العراقي بحاجة ماسة إليها ، ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا بان الكل يعلم مدى الظلامات التي أصابت كل واحد ممن يلوذ اليوم بخيمتها وعباءتها .
ومن هنا أقول : يؤسفني جداً ان يترجى الحل من هناك ، للعراق وشعبه الغارق في بحر عميق من المشكلات المتراكمة في الأمن وفي المصالحة وفي العيش المشترك وفي العلاقة مع دول الجوار ومنها إيران على وجه التحديد .
ومؤسف جداً ان نترجى خروج البطل الموعود الذي يحقق للعراق عزته وكرامته منها وممن تريد وترغب ، ومؤسف جداً ان يكون شعار المرحلة الرآهنة فلتذهب بغداد ومن فيها إلى الجحيم ، بل ذهب البعض منا مازحاً بالقول : رضى الله من رضى إيران ، وهذا الكلام تستشف وجاهته من الجماعة التي فقدت حس الشعور بمعنى الوطن وفقدت حس الشعور بالإنتماء الصحيح لتراب هذا الوطن ، وفقدت معنى الهوية ، حين هرولة من دون سابق إنذار للشعب إلى إيران تستشيرها بمن هو صالح للحكم في العراق .
إننا في هذه اللحظة من تاريخ شعبنا نجد من اللازم التذكير بما هو واجب علينا ذكره :
1 - شعب العراق يوم أنتخب كان يريد التغيير والإصلاح وهو لذلك كان ولا زال مستعد لبذل المزيد في هذا الطريق .
2 - التشاور الحقيقي يجب ان يخرج من دائرة الأنا الضيقة ليكون محققاً لمصالح الشعب ورغباته في العيش المشترك .
3 - التشاور يجب ان يتم بين أبناء العراق المنتخبين ثم النظر بإخلاص لمن يكون قادراً على تحقيق حلم العراقيين بالعزة والكرامة .
4 – إيران بلد غريب نعم هي جارت لنا ، ولكن الحق لنا جيران كُثار ، فهل يجب علينا إشراك الجميع في شؤوننا وقضايانا الخاصة ؟ .
إيران هذه وغيرها لم تشرك ، ولم تشاور في قضاياها ومصالحها الوطنية العليا أحد منا نحن العراقيون ، فمال هؤلاء المهرولين لا يفقهون حديثا .
إننا مع شعبنا فيما يرغب وفيما يريد ، ونحن معه في وجوب أختيار حكومة حرة شريفة تفي بوعودها ، وتحترم حرية شعبها ، وتؤمن بان السلطة ليس ملكاً من السماء ، بل هي إستحقاق دستوري وقانوني ، وصُنع المعارك من أجلها مع الأهل والأخوان خيانة للعراق وشعبه ، كما إن التنابذ وقذف التهم والتشهير في سبيل غنيمتها بأي سبيل ، هو دليل ضعف وشعور بالنقص ، ويجب لمن يتقدم لنيل شرف خدمة العراق والعراقيين ، ان يؤمن بالشراكة الحقيقية في بناء الوطن ، الشراكة مع النزيه الصادق والعالم الكفؤ الحريص على سلامة الشعب وسلامة الوطن ، وحب العراق وأهل العراق ..
راغب الركابي