قال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي ان العراق يقترب من النجاح في جهوده الهادفة الى تشكيل لجنة دولية، او تسمية موظف دولي رفيع المستوى، أو لجنة تقصي حقائق، للتحقيق في تفجيرات الأربعاء الدامي. واوضح ان الموقف الاميركي من المسعى العراقي"محايد" مضيفا ان الديبلوماسية العراقية تمتلك بدائل وطرقا كفيلة بدفع المطلب العراقي
جاء ذلك اثناء مداخلة القاها امس الاثنين في منتدى "المدى تحاور" الذي تعقده الصحيفة العراقية المعروفة في مبناها وسط بغداد. وشدد زيباري على ان العراق لم يتهم سوريا اطلاقا بالوقوف وراء التفجيرات، وانما وجه الاتهامات الى"ارهابيين" عراقيين يقيمون على اراضيها، مع ان ذلك قد لا ينفي تورط اجهزة امنية سورية في دعم مجموعات ارهابية نفذت تلك التفجيرات.
انقسامنا مؤلم
وعبر زيباري عن استيائه من وجود انقسام في الطبقة السياسية العراقية حيال هذا المطلب الذي يفترض بل يجب ان يكون مطلبا وطنيا جامعا، خصوصا وان تفجيرات 19 آب مست رموزا سيادية كبيرة للدولة العراقية كوزارة الخارجية والمالية.
وزاد ان هذا الانقسام عرض الجهود الديبلوماسية الهادفة الى انشاء تحقيق دولي للعرقلة، او انه اضرها ولم يخدمها، ووصف ذلك الانقسام بأنه "مؤلم ومحزن" موضحا ان البعض كانوا يردون على مطلبنا بالقول "رتبوا بيتكم اولا".
وردا عل اسئلة طرحتها "الصباح الجديد" بينها ان ما سمي بوثائق الادانة عرض على المنظمة الأممية وعلى دول بينها سوريا نفسها، ولكنها لم تعرض على الرأي العام العراقي، قال زيباري ان بعض الادلة جرى عرضه، مضيفا انه ربما غابت بعض التفاصيل الدقيقة.
وعن الموقف الايراني من المطلب العراقي اوضح ان طهران تريد تسوية الموضوع بين البلدين، مضيفا انه بدأت مسعى في هذا الاتجاه ثم توقفت.
وعما اذا كان الموقف السعودي تجاه العراق عائدا الى قرب الجهات النافذة في الحكومة "اكثر مما يجب" من ايران، اكد زيباري وجود "موقف" سعودي، لكنه لا يصل حد تجميد العلاقات الدبلوماسية، مشيرا الى التعاون السعودي في اسعاف عدد من جرحى الاربعاء الدامي.
تسلمنا دولة "قجغ"
على صعيد آخر قال وزير الخارجية ان الدبلوماسية العراقية قطعت شوطا طويلا في اعادة تأهيل العراق في المجتمع الدولي. واضاف ان تركة عراق صدام كانت فادحة للغاية فقد كان البلد مكبلا بـ 73 قرارا دوليا ملزما تحت الفصل السابع، وهذا رقم قياسي غير مسبوق اصبح البلد معه فاقد السيادة ومعزولا عن المجتمع الدولي عزلة تامة، وكان كل شيء يدخل اليه او يخرج منه بالتهريب، حتى تحول الى "دولة قجغ (تهريب)" او دولة مارقة بنظر القانون الدولي. وذكر ان العراق اليوم حاضر في المنظمات الاقليمية والدولية، وشرع في استعادة مكانته، خصوصا بعد توقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة.
ووصف وزير الخارجية العراقي تحرير البلد من الفصل السابع بأنه هدف وطني انساني، واكد ان العراق وصل الى مرحلة متقدمة في تحقيق هذا الهدف، فقد تحرر من نحو 71 قرارا ولم يبق سوى القراران 838 و760 المرتبطان بالكويت بالذات، اي التعويضات والحدود. كما اعتبر الجهد العراقي بخصوص اسقاط الديون على العراق منجزا كبيرا، لأن هذه الديون تعد بالمليارات ولم تبق سوى ديون للكويت والسعودية. وقال ان الرد العربي على مسألة الديون هو: نحن لا نطالب بها فلماذا تثيرونها؟
نوابنا محللون سياسيون
واستعاد زيباري تاريخ الدبلوماسية العراقية فقال انه تمتع باحترام اقليمي ودولي. وافاد ان الدول المؤسسة للأمم المتحدة عام 1945 هي 51 دولة كان العراق بينها وقد اصبح العالم اليوم 192 دولة. وقال ان الكفاءات الدبلوماسية العراقية موجودة وبعضها يقود السياسات الخارجية لدول اخرى. وافاد ان كفاءات وزارة الخارجية الموجودة منذ النظام السابق حافظت الوزارة عليها ولم تفرط بها ورأى ان السياسة الخارجية انعكاس للسياسة الداخلية وان الدولة التي تحترم نفسها تحترم. وذكر ان تماسك الوضع الداخلي للبلد يخدم السياسة الخارجية.
واشار الى ان تصريحات بعض النواب في السياسة الخارجية مضرة "ومع احترامنا للسادة المشرعين فان بعضهم صايرين محللين سياسيين وقد تركوا الأمور المحلية المهمة جدا واعطوا 70% من اهتمامهم للسياسة الخارجية، وبعض تصريحاتهم ضار للغاية بجهود تحسين العلاقات او التطبيع مع دول الاقليم".
وزاد "اذا كل نواب العالم يتحدثون مثل نوابنا وتصريحات بعد كل جلسة متناقضة...خربت.. هذا غير موجود في الكونغرس ولا في البرلمانات الاوروبية.. ذلك يتعارض مع مبدأ فصل السلطات".
يوم فتشوا وزيرنا
وضرب مثلا يتعلق بوزارته حيث قال ان قائمة المرشحين لاشغال مناصب سفراء بلغت 150 وبقيت القائمة لدى مجلس النواب مدة عام لابداء الرأي فيها، ثم جاءت القائمة نفسها دون تغيير ولا زيادة او نقصان، بعد تأخر عام، فاخترنا منها نحو 57. واشار زيباري الى الصعوبات التي يوجهها في عمله فقال "ان وزراء الخارجية لديهم رئيس وأنا لدي اربعة علي اقناعهم جميعا".
وقال انه في بعض الحالات لا يجد تفهما لدور الدبلوماسية لدى الوزراء. واضاف ان هدف السياسة الخارجية هو حماية مصالح الدولة وسيادتها واحترامها وهيبتها. وذكر انه شاهد يوما وزيرا عراقيا في الطائرة نفسها معه، فسأله ما اذا كان قد نسق مع الخارجية لتسهيل استقباله ومهمته في الدولة التي كانا في طريقهما اليها، فاجابه بالنفي قائلا انه تدبر امره، وفي مطار الدولة الاجنبية "وجدناه رافعا يديه والامن يفتشونه فلحقناه وخلصناه من المأزق".
وعبر زيباري عن تفاؤله بمستقبل العراق. وقال ان فرص الاستثمار هائلة في البلد. وضرب مثلا بالوفد التركي "اجانه غزو تركي.. رئيس الوزراء ومعه 9 من وزرائه واكثر من 50 رجل اعمال.. وقد انتهت الزيارة بتوقيع 48 مذكرة تفاهم وبروتوكول.. وهذا ما كنا نتمناه مع سوريا".
واستدرك بالقول ان الاستثمار مرتبط برسوخ المؤسسات، الأمن، الدستور الجامع غير الخلافي، النزاهة، القانون، الأداء الحكومي المتناسق "فاذا تعرضت شركة اجنبية مستثمرة الى مشكلة او عرقلة فانها تحتاج للاطمئنان الى وجود القانون الذي ييسر لها ويحل المشكلات.. دون توفر هذه العوامل لا مجال لاستثمار.. يتعطل العمل كله دون هذه العوامل".