ما نود التنبيه إليه منذ البداية أن مصطلح الثقافة في دلالته العربية هو غير مصطلح (culture ) ، والمستخدم في اللغات الاوروبية ، مع اختلاف طرق التهجئة بين هذه اللغات . إن مصطلح الثقافة العربي يحمل في البداية دلالة حسية ، حيث إن الثقافة هي الألة التي كانت توضع فيها قسي الرماح كي تستوي ، ولذا يصفون الرماح المستوية بأنها رماح مثقفة ، ثم انتقلت هذه الدلالة لتعني معنوياً أن الانسان المثقف هوالانسان المستوى والمعتدل، والذي ينطبق سلوكه ومظهره ، مع محتواه ومخبره ، ومن ثم اصبحت الثقافة تعني كل تمظهرات منظومة القيم عند الانسان العربي . هذه المعاني لا نجدها في المصطلح الاجنبي المشار اليه ، ذلك أن هذا المصطلح يعبر عن فترة تمّيزت بوضع اقتصادي،واجتماعي، وسياسي،وديني، في اوروبا ، تمثّل من الناحية الدينية في سيطرة الكنيسة الكاثوليكية ، التي تعبر عن الفهم الروماني لما عرف بالعهد الجديد
هذه الكنيسة ، كانت تجسد فلسفة سكونية ، تعتمد الكنيسة الكاثوليكية مركزاً للكون ، تستمد شرعيتها من السماء ، وأن مصير الانسان مرتبط بفكرة الخطيئة الكبرى ، من ثم فإنه محتاج للمطهر ، الذي هو عيسى : الروح القدس ، الذي ضحى استجابة لأمر الرب من أجل تخليص البشر مخاّص ما قبله ، بحيث تكون الكنيسة من يقوم بهذا الدور بعد ذلك، وهذا ما أوجد فكرة صكوك الغفران ، كما أعطى للكنيسة شرعية اعتماد الاباطرة ومباركتهم . وعلى المستوى الاجتماعي أعطى موقع الكنيسة في ايطاليا ميزة للطليان ،باعتبارهم ورثة الامبراطورية الرومانية،مما كان وراء محاولات الأوربيين المتصارعين معهم الخروج عن التبعية لروما ، وان كان هذا الصراع قد بدأ مبكراً من خلال الصراع الاجتماعي بين الرومان والجرمان،والاخيرون بعد سقوط روما،حاولوا البحث عن الشرعية من خلال توظيف المسيحية ، ليقدموا أنفسهم ورثة الامبراطورية الرومانية تحت اسم الامبراطورية الجرمانية المقدسة . إن هذا الوضع السكوني ( الاستاتيكي ) ، للفلسفة التي أسست عليها الكنيسة الكاثوليكية ، استتبع من الناحية الاقتصادية ظهور الاقطاع ، الذي هو الأخر اقتصاد سكوني ، كان هناك اقطاع ديني ، أي (ثيوقراطية ) ، هذا علاوة على ان الكنيسة نفسها كانت تملك الاراضي ذات المساحات الشاسعة ، أقول مثلما كان هناك اقطاع ديني كان هناك اقطاع اقتصادي ، وكانت ملكية الارض هي التي تحدد الوضع الاجتماعي ،والسياسي . إن ما يسمى بالثورة البرجوازية جاءت نتاجاً لتغير في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية ، واكبتها اطروحات في العلوم التطبيقية ، وفي الفتاوى الدينية ، أدت إلى زعزعة الاقطاع السياسي والديني والاجتماعي ، لتبدأ (الحركة) البرجوازية ، مدعومة بأراء في العلوم التطبيقية بدءاً من اطروحات غاليليو ، وكوبرنكوس ، التي قضت على فكرة السكونية ، والتي كانت تؤسس على عقيدة ان الارض سطح ساكن وممتد ،وأن السماء فوقها ، إذ يتم تقديم بديل ذلك الارض باعتبارها كوكباً مقدوّفاً في الهواء ، ومتحركاً ، ومن ثم عمت فلسفة الحركة كل شيء ، وكان من المفترض ان يتم القفز فوق التصور القديم ، الذي اوجد الاطروحات الاستعلائية والتفوقية ، وبرر للطبقية ، ولفكرة وجود قمة وقاعدة ، إذ كان من المفترض ان تعتمد الحركة والمباشرة ، وأن يوضع الانسان أمام مسؤولياته ، وبدل رحلة المعراج الاسطورية القديمة ، ونظرية الملأ ، والثيوقراطية ، تبدأ رحلة الاستبطان الداخلي الانساني ، و ارتباط مصير الانسان بالارض ، وانتهاء بفكرة الخطيئة الكبرى ، ليتحمل الانسان مسؤولياته،فالله مع الانسان وقريب منه ، بل اقرب اليه من حبل الوريد ، وهذا ما يقدمه القرآن ،الذي تم التأمر عليه من خلال التفاسير الاعجمية . أقول بدل ان تتم الثورة ، فإن حلولاً توفيقية تم اعتمادها ، إذ كان من نتائج ما يسمى بالثورة البروتستانتية ، والتي كانت خروجاً عن مركزية روما والميراث الروماني ، أن تم اجهاض الثورة ، فتم القبول بالفصل بين السماء والارض ، بين ما سمي بالسلطة الزمنية والدينية ، هذا الفصل كان مدعوما بفكرة الثنوية القديمة ، التي مهد لها اوغسطين ، المتأثر بعقيدته المانوية القديمة . لقد كان مارتن لوثر ينظر لصالح البرجوازية الجديدة ، ولصالح هذه الطبقة التي ظهرت على حساب الاقطاع ، حيث بدأت المدن في الظهور على هامش القرى ، وامست المدنية مصطلحاً أخر له دلالته الاجتماعية والثقافية والدينية ، فمصطلح (Civilization ) ، يمثل مرحلة مابعد الـ (Culture ) ، أي انه لا يرتبط بمفهوم الثقافة في دلالة المصطلح العربي . إن الثورة البرجوازية اعتمدت الليبرالية ، وهذه الاخرى لا تعني الحرية إذ الليبرالية هي الخروج عن الحدود ، وبالمصطلح الفلسفي فإن الليبرالية تعتمد بداهة التعددية ، وبالمعنى الفلسفي الخروج عن اللوغوس الروماني الجروماني ، وهذا واكبه ظهور ما يسمى بحركة القوميات في اوروبا ، وهي الفترة التي شهدت حروباً محدودة وواسعة ، كما أن الانتقال إلى المرحلة البرجوازية والصناعية ، أدى إلى التوسع ، وظهور فترة ماسمي بالاستعمار ، الذي سبقته حركة ما يسمى بالكشوفات الجغرافية ، حيث كانت المصانع في حاجة إلى مواد خام ، وطاقة عضلية لإدارتها ، مثلما هي في حاجة إلى اسواق ومستهلكين ، وهذا استتبع بالضرورة تطوراً في وسائل الاتصالات والمواصلات ، بل وفي صناعة الاسلحة التي كانت ضرورية لحسم الصراع لصالح اصحاب القوة ، وهذه ظاهرة تكاد تكون عامة في العلاقة بين تطور وسائل المواصلات والاتصالات ، وموجات الاستعمار والتجاوز والعدوان . فاوروبا التي تقاتلت بينها تبدأ بعد ذلك مرحلة قتال من نوع أخر يمتد إلى خارجها. إن هذه التغيرات الديموغرافية الحادة ، استتبعت بالضرورة طرح شعارات تبريرية ، للاحتواء ومن ذلك طرح شعار مايسمى بالانسانية (Humanism ) ، الذي كان يهدف إلى ووضع الناس ضمن مصطلح ميتافيزيقي هلامي ، يلغي الخصوصيات ، التي تحول دون الاحتلال ، تماماً بما يسمى اليوم بـ ( العولمة ) ، وشعارات حقوق الانسان . إن فترة ما سمي بالكشوفات أوصلت إلى ما عرف بالعالم الجديد ، لتكتسي البرجوازية ، والفلسفة الليبرالية ثوباً جديداً بعد أنتصار الانجلو سكسون في اميركا على الكاثوليكية القديمة المرتبطة بالاستعمار الاسباني البرتغالي ، وبعد الانتصار على الهولندين ، وتطور الاسطول الانجليزي ، ثم ظهور الشركات التي امتدت في اسيا ، مثل شركة الهند الشرقية ، ثم كان الانفصال عن الوطن الام ،ليبدأ ظهور اميركا الجديدة ، والتي اسست على (فكرة التطهرية)، حيث شكّل ما سمي بالعالم الجديد ، يوتوبيا ، تذكرنا باليوتوبيات السابقة ، كمدينة الشمس لكمبانيلا ، و اطلنتس الجديدة ، ومدينة الشمس . إن هذه العقيدة (التطهرية) ، المؤسسة على ثنوية المقدس والطاهر،تمت بها ابادة الهنود الحمر ، وحسم السيطرة لصالح الشمال الذي يقوده اليانكي ، ضد الجنوب ذي الثقافة القديمة الهندية ، و الكاثوليكية ، فيما عرف في تاريخ اميركا المعاصر بالحرب الاهلية ، كما ظهر مصطلح الاصولية (Fundamentalism ) ، التي تعني العودة إلى الاصول ، أي العودة إلى ما عرف بالعهد القديم ، وهذا سر لقاء الاميركيين البيض مع اليهود ، بل يمكن الجزم ان الحركة من الأساس بدأت يهودية ماسونية ، يمكن ان نكشف ادلتها من خلال تثبيت رمز وشعار الحركة الماسونية على العملة الاميركية من فئة الدولار ، وعلى الشكل الذي رُكبت عليه النجوم في العلم الاميركي ، وكأن الحركة الماسونية ، تؤكد سيطرتها الاقتصادية ،مثلما تتغلغل بثقافتها الصهيونية ، بهد أن تم اضعاف ، او الغاء الموقف الكاثوليكي من اليهود باعتبارهم نجس وقتلة ، وأنهم من صلبوا المسيح عليه السلام . ان ما نشاهده اليوم هو صورة اوضح لليبرالية ، وربما يظل مصطلح الليبرالية الجديدة ، ومصطلح المحافظين الجدد أقرب لأيضاح هذه الصورة ، ويمكن ان نشير الى ان التطهرية ، وثنوية الطاهر والنجس ، تعود اليوم ضمن ثنوية معسكر الخير ومعسكر الشر ، وبالطبع فإن معسكر الشر بالدرجة الاولى هو العربي الاسلامي ثم الشرق بعامة ، وهذا ما كشف عنه كتاب هنتغتون ، ( صدام المدنيات، واعادة تشكيل العالم ) ، وان كان الجزء الاخير من عنوان الكتاب قد تم اهماله عند تناول هذا الكتاب من قبل الباحثين والناقذين ، يعاضد هذا الكتاب كتابان اخران هما : ظهور القوى العظمى وسقوطها : التغير الاقتصادي والصراع العسكري من( 1500- 2000) ، لكاتبه بول .م . كينيدي ، وكتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير لكاتبه فرنسيس فوكاياما ، والكتاب الأخير تم الاهتمام بالجزء الأول من عنوانه بينما أهمل الجزء الثاني وهو (الإنسان الأخير) والذي يقدم فيه الياباني المتأمرك، فوكاياما الانسان الليبرالي الاميركي نموذجاً للإنسان الأخير ، بحيث تشكل فكرة الانسان الاخير، عودة إلى اطروحة الانسان الكامل الصوفية القديمة ، يكشف عنها تقديم اميركا باعتبارها القطب الوحيد ، الاخير مصطلح صوفي ، كما أن ما جاء على لسان بوش بأن اميركا تمثل الحقيقة المطلقة ، يمثل ذات الفكرة الصوفية القديمة ، كما ان نهاية التاريخ هي اقرب إلى فكرة الانطفاء ( النرفانا ) ، في العقيدة الصوفية الهندية ، وهذا كله يتجسد في النهاية ضمن مشروع ( معركة هرمجدون )، التي يقدم لها من خلال عشرات المحطات الاذاعية المرئية والمسموعة ومئات المقالات ، ومن خلال خرافة التطهير ، التي تعني في هذه المرحلة تطهير العالم من النجس ، وبالدرجة الاولى العرب المسلمين ، إذ هم المعنيون بمعسكر الشر ، الذي يواجه معسكر الخير ، وهذا ذاته عودة إلى الاسطورة الايرانية القديمة ، التي بررت للهنداوروبيين احتلال ما يعرف بإيران اليوم ، حيث اعتبر الغزاة انفسهم مدافعين عن ( اهورمزدا ) ، اله الخير والنور ، ضد ( اهرمن ) ، اله الظلمة والشر ، إله اصحاب الارض ، كما يقدمهم الغزاة ، ان هذا ذاته ما يقدم الان ، يضاف اليه انتصار اتباع الرب ، في معركة هرمجدون ، ليهبط الرب من السماء فيصطحب اتباعه معه اليها ، وبالطبع فإن هذه المعركة ستدور رحاها حسب هذه الخرافة في منطقتنا العربية . إن هذا ما يمثل تفسير الالتحام اليهودي الصهيوني بالكنيسة الانجيلية الانجلو سكسونية ، والتحالف الاميركي الصهيوني ، والعداء للعرب والاسلام ، كما ينعكس في الصراع الخفي والمعلن بين الاوروبيين :بين المدرسة الارثوذكسية ، التي تمثل الفهم الشرقي لتعاليم المسيح ، والمدرسة الكاثوليكية ، والمدرسة الفرنسية بفهمها للبروتسانتية ، والمدرسة الانجلو سكسونية ، التي تمثل موقف الانجلو سكسون المعادي للتاريخ ، وعقدتهم من الحضارات السابقة،والادعاء انهم وحدهم الذين يمثلون مرحلة العلم ، والخروج من الخرافات ، وانهم المؤسسون للوضعية ، بدءاً من فرنسيس بيكون ، ولا تفوتنا الاشارة هنا إلى ان هذه الموجة الاستعمارية الجديدة مرتبطة هي الاخرى بتطور مذهل في وسائل الاتصالات والمواصلات ، والقوة العسكرية ، وهذه ليست سوى المرحلة الاخيرة من مراحل الامبريالية ، حيث تظهر لنا المدينة العالم ، بعد فكرة المدينة الدولة ، والمدينة الامبراطورية . ان المعركة تقع في عمق الثقافة ، وان إدارتها دون دراسة الابعاد الفلسفية ، والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وعلى الجملة ابعادها الثقافية ، ستظل ادارة جزئية محكومة بالفشل . ان استعراضاً بسيطاً لنموذجٍ من كتابات مبشري الليبرالية الجديدة يكشف بجلاء هذه الحقيقة ، ولنا ان نورد بعض ما جاء في كتاب توماس فريدمان ، وهو الكاتب المهووس بالليبرالية ، ( السيارة ليكساس وشجرة الزيتون ،محاولة لفهم العولمة ) ، إذ يمكن ان ندرك من خلاله ابعاد ما يسمى بالعولمة وفكرة التعددية ، أي تفكيك العالم من اجل احتوائه ضمن (لوغوس) العولمة الاميركي الجديد ، ومن خلال ادعاء الدفاع عما يسمى بحقوق الانسان ،وهو ما يذكرنا بشعار (الانسانية ) الذي مهد لفترة ما سمي بالاستعمار ، كما ندرك ان المعركة تقع بالجملة في ميدان الثقافة. إن الهدف هو تدمير الحدود الثقافية والاجتماعية والاقتصادية من اجل السيطرة الكاملة على العالم ، وبحيث يتحول العالم إلى ذرات تدور في مجال القطب الوحيد، ويبقى انسان العالم مجرد نسخة كربونية للأنسان الاخير الكامل الليبرالي ، حيث يتم دعم هذه الفكرة بطرح نظرية الاستنساخ على المستوى الحيواني ، بحيث يتم القبول بها فرضية قابلة للتطبيق على المستوى القيمي والاخلاقي والثقافي ، هذا كله يتم بعد تدمير ،او بمصطلح فريدمان (اقتلاع الثقافات ) ، والحدود الثقافية ، بما في ذلك اللغة التي تتحول إلى لغة ارقام في معادلة السوق ، وتحويل التعلم ومؤسساته ، من مؤسسات جامعة لمنظومة معرفية وقيمية تعزز وعي الانسان بكرامته ، وحريته ، إلى مصانع للاستلاب ، ولتخريج الانسان السلعة لسوق العمل الجديد ، وإذا كان العبيد في بدايات المشروع الليبرالي ينقلون إلى المصانع في اوروبا واميركا ، فإن المصانع تنقل اليوم اليهم ، ليظلوا عبيداً واقناناً في ارضهم ، وإذا كانت العبودية القديمة مصحوبة بتجار يصطادون العبيد وينقلونهم إلى المصانع ، فإن وسطاء تجاريين جدد لأفكار الليبرالية ينسربون إلى المؤسسات التعليمية ، وإلى اجهزة الدول المستهدفة ، وإلى وسائلها الاعلامية والدعائية . ان فريدمان يقدم الليبرالية والعولمة باعتبارهما ( ثقـافة ) ، يقول: " العولمة ، على عكس نظام الحرب الباردة لها ثقافتها الخاصة بها ، وهذه الثقافة تجعلها تميل نحو هذا التجانس ، كان هذا الاتجاه نحو التجانس الثقافي في الحقب السابقة يحدث عل نطاق اقليمي – الهيلينية في الشرق الادني وحوض البحر المتوسط تحت حكم الاغريق او أتركة اسيا الوسطى وشمال افريقيا واوروبا والشرق الاوسط تحت الحكم العثماني ، او التأثير الروسي في شرق اوروبا ووسطها واجزاء من اسيا الاوروبية في ظل الاتحاد السوفيتي. العولمة ،من الناحية الثقافية هي الى حد بعيد ، ولكن ليس بصورة شاملة ،انتشار للأمركة، بدءاً من البيج ماك ، والايماك ، وانتهاءً بميكي ماوس على نطاق يشمل العالم " ص 31 . كما يؤكد فريدمان على انه لم تعد هناك ضرورة للمرجعيات ، بل ولا المعاهدات والاتفاقيات ، فالصفقة حلت محل الوثيقة ، وإن كان فريدمان يعترف ان انتقال العالم إلى شمولية الليبرالية الجديدة الاميركية ليس بالمر السهل ، إذ يحتاج على حد قوله كي تكون هناك ( مدرسة ) للعولمة إلى " مزيد من الطلبة والاساتذة والدبلوماسيين والصحافيين و(الجواسيس) وعلماء الاجتماع المدربين لكي يكونوا رجال العولمة " ص 55. ان استهداف العرب المسلمين يبدو واضحاً في اكثر من موضع في هذا الكتاب فالاشارة إلى الكعبة تبدو واضحة ، إذ يعتبرها فريدمان مجرد اسطورة حيث سيصل الانسان العربي المسلم (ببركة الليبرالية)،التي يبشر بها ، إلى الاعتقاد " أن الله ليس في هذه الصخرة ، انه موجود في كل مكان " ، كما يتم التعريض بكل القيم والمفاهيم ، فالبدو الرحل بعد اكتشافهم بالحقيقة الليبرالية ان لا قيمة لهذه المعتقدات سوف ينقلونها بينهم في قصص واخبار بسيطة ، وذلك عندما يجلسون حول نيران مخيمهم وهو ينتقلون من واحة إلى أخرى " ص 52-53 . إن المشابهة التاريخية بين اصحاب الفيل القدماء الاحباش ، وابراهة واصحاب الفيل الجمهوريين ، المحافظين الجدد تظل ماثلة ، فالهدف الاول والاخير هو العرب ، والعرب المسلمون ، إذ المشروع العربي ، ضمن الفهم العربي للإسلام ، والمدعوم بأفريقيا التي دعمت هذا المشروع منذ بداياته ، تمثل المشروع الوحيد القادر على الوقوف في وجه الأمركة ، التي تتقدم تحت حجب العولمة ، وحقوق الانسان ، والعالم القرية الصغيرة ، ومعسكر الخير ومعسكر الشر ، إن هذا المشروع سوف لا ينقذ العرب المسلمين وغير المسلمين ، بل الانسان في كل مكان ، بما في ذلك الانسان في اميركا ، الذي تطحنه الراسمالية ، والعولمة المستغولة