ينتمي الباحث والمفكر العراقي للأقليات الثقافية غير المرغوب فيها في العالم العربي؛ ذاك انه لا يعتمد أي وصف جاهز للسياسة والثقافة والمجتمع . وقد أُتهم مكية بــ "تضليل المعلومات" عن العراق عندما كتب " القسوة والصمت " ، لأن تلك المعلومات والصور الرهيبة عن الأنفال والإستبداد في عراق عهد صدام ، والتي تضمنها الكتاب ذاك ، كانت ملكاً عربياً برأي غالبيات الثقافة العربية، بينما جعلها مكية مشاعاً للعالم أجمع .
فحتى يومنا هذا ، يتجنب العالم العربي والعراقي ضمناً المكاشفة والمراجعة والنقد والإعتراف بما سببه الإستبداد والوعي الإستبدادي فينا ، ويكرّس المثقفون والساسة هذا " التابو " الحديث الذي نسميه فلسفة "تضليل المعلومات" إذ يبدو وكأنه واقٍ للإستبداد والطغيان . في هذا الحوار الذي خص به " الحياة " يتحدث مكية برؤية نقدية جديدة عما يجري في العراق والعالم العربي ، رؤية ، تحدد المراجعة النقدية الذاتية للسياسة والأفكار والثقافة إطارها الأساسي . ولكنه ينفي في الوقت عينه أي ندم فيما يتعلق بآرائه حول سقوط " جمهورية الخوف " في العراق ، والذي طالما حاول بعض العرب في الأوساط الإعلامية والصحافية إلصاقه به . قبل فترة قصيرة تطرق مكية في حوارأجرته معه صحيفة " نيوورك تايمز" إلى جملة من المسائل الثقافية والسياسية في العراق ، وتحدث فيه أيضاً عن المراجعة النقدية الذاتية للوضع السياسي والإجتماعي . انتقت " أوبسرفر " البريطانية مقاطع من الحوار نفسه ، ملوحة بأن مكية اعتذر عن أفكاره ودعمه لمشروع التغيير في العراق . وقد انتقت صحف عربية خبر " أوبسرفر " وجعلت من إعتذار مكية المفترض رسالة إلى العراقيين الآخرين كي يعتذروا بدروهم عن وجهات نظرهم تجاه التغيير وسقوط نظام صدام حسين . عن هذا الموضوع ومواضيع أُخرى تتعلق بحاضر العراق وماضيه ومستقبله وفشل القيادة الحالية في إعادة بناء الوطن والمواطنة بعدما جعلهما البعث مشروع دمار دائم ، اخترنا الشائعة التي نشرتها " أوبسرفر " حين قالت بأن كنعان مكية أعتذر عن أفكاره السابقة المتمثلة بدعمه لسقوط نظام صدام حسين لتكون بداية الحوار مع السيد مكية : "لم أعتذر قط عن مشروع التغيير في العراق ، إنما الموقف الذي حاولت ان أتحدث عنه في مقالاتي وحواراتي يتمثل في تلك الأخطاء الجسيمة التي رافقت مشروع التغيير الذي طالما آمنت بمراجعته ونقد آلياته . كان الموضوع الرئيسي في حواري مع " نيوورك تايمز" يتمحور حول فشل القيادة العراقية ومراجعة تقييمي لها ، وقد ركزت بشكل خاص على القيادة الشيعية ، ذلك ان فشلها كان اكبر من فشل الآخرين .فقد اخطأت في تقييم هذه القيادة وقابليتها للإرتقاء إلى المستوى المطلوب في هذه المرحلة التاريخية " . ويرجع السيد مكية سبب تركيزه على القيادة الشيعية في فشلها قائلاً : " كنا نأمل ان توسع هذه القيادة دائرة رؤيتها السياسية وأن تخرج من الشعور بالمظلومية التي طالما أصبحت جزءً من خطابها وبرامجها السياسية . وقد سبق لي ان اشرت إلى الموضوع ذاته في كتاب " القسوة والصمت " . لا شيء أهم بالنسبة لمستقبل العراق من تفهّم ماضيه ، فالدولة التي بناها حزب البعث في العراق ، اسوء بكثير من دولة تقاس على مقايسس طائفية وإثنية خالصة . ذلك إنها كانت أسوأ إذ ساوت بشكل ثابت في عدائها بين كل ما هو غيرها . فحزب البعث طلب ملحاً من كل العراقيين إنسجاماً مطلقاً مع نظرته المشحونة بالعنف في عالم هو في حرب مستديمة مع نفسه . اخترع صدام حسين وأعاد إختراع أعدائه من مادة الجماهير البشرية الواقعة تحت تصرفه ، ونما وازدهر في الإرتياب ، والشك ، والتآمرية التي كان يزرعها نظامه عملياً في أذهان الجميع ، وقد سعى إلى إشاعة الكره والتعطش إلى الثأر بين قلوب السنة والشيعة على حد سواء . فنتيجة للهجمات التي تعرض لها من كل النواحي انهار المجتمع المدني عملياً في العراق . جعل حزب البعث كل عراقي – كردي أو عربي ، سني أو شيعي –مشاركاً في مشروعه وتحول في الوقت نفسه إلى الضحية . كل عراقي أصبح يحمل في أعماقه علامات الضحية . إنطلاقاً من تلك الظروف فإن لجوء " أبي حيدر " اليائس الذي كتبت عنه في " القسوة والصمت " إلى إسلامه أو شيعيته ( أو كذلك لجوء العراقيين الآخرين إلى العصبية السنية ، أو القومية الكردية ) ليس تفسيراً ، ولا حلاً لمأزق البلاد ، انه الملاذ الأخير ، وبرهان على الإنهيار الإجتماعي التام الذي آلت إليه الأمور داخل العراق . ويضيف مكية في هذا الصدد : " تقع المسؤولية الكبيرة والرئيسية في عراق اليوم على عاتق القيادة الشيعية في عدم الدفاع عن حقوق الأقليات وضمانها ، ذلك ان الشيعة يشكلون نسبة 55إلى 60 بالمائة من سكان العراق وتقع بيدهم مقاليد السلطة . انطلاقاً من ذلك ، يتحملون مسؤولية تأريخية تجاه المستقبل وهي اكبر من مسؤولية اية مجموعة اخرى اثنية او طائفية في العراق . وتقتضي المسؤولية ذاتها الخروج من دائرة الأحساس بالظلم والخطاب البكائي الذي يسيطر على التفكير السياسي . اليوم ، في العراق نلاحظ ان البعثيين والقوميين العرب وبعض الأطراف السنية يستفيدون من الفوضى العارمة بعدما خسروا مواقعهم على الخارطة السياسية الجديدة ، بينما تستثمر الأحزاب الشيعية ،والكردية إلى حد ما ، الخارطة ذاتها إنما بمفردات الضحية وروح الإنتقام في حين انها في السلطة.من هنا اقول ان القيادة العراقية لم تكن بمستوى التغيير الذي حصل في العراق . يستثني كنعان مكية القيادة الكردية بعض الشيء في تقييمه للنخب السياسية العراقية الجديدة ويقول حول ذلك : انا لدي موقف خاص من القيادة الكردية وأعتمد في رأيي على الدور الذي لعبته هذه القيادة في الحفاظ على التوزان السياسي بين القوى السياسية وحضورها المؤثر في بغداد ومشاركتها الفعالة في إدارة الحكومة وأُمور البلاد . وهي كانت ولاتزال الطرف الوسيط بين الشيعة والسنة في العراق . قبل التغيير في العراق حاولت الأوساط الإعلامية والثقافية في العالم العربي التركيز على عدم وفاء الكرد للعراق وإنفصالهم عنه بمجرد إنتهاء الدولة المركزية ، إنما ما رأيناه كان عكس ذلك تماماً ولعبت القيادة الكردية دوراً مسؤولاً في عراق ما بعد صدام إذ حافظت في وقت واحد على دورها العراقي وخصوصية إقليم كردستان . القيادة الكردية ،حيث أعطت أحسن ما لديها من الطاقات للحكومة العراقية ،أصبح إعترافها بالواقع العراقي الجديد والمشاركة فيه بكل ثقلها جزءً من رؤيتها السياسية التي طالما تغيرت وفقاً للمتغيرات العراقية ذاتها . بينما الأطراف الشيعية تصرفت كما كانت في المعارضة ولم يتغير خطابها البكائي رغم وصولها إلى سدة الحكم . ولو استمرت هذه السياسة المتمثلة بالفكر المظلومي فستخسر الأطراف نفهسا الأشياء الكبيرة من أجل الأشياء الصغيرة أو التجربة السياسية بتعبير آخر. ولكن هل تحررت القيادة الكردية من السياسة " الكتلوية " ، تالياً ، هل تُستثنى من النقد الذي يوجه للقيادة الشيعية ؟ يقول السيد مكية في هذا السياق:" كلامي السابق لا يعني اني استثني القيادة الكردية من المسؤولية ، فهي أيضاً الحّت على التصويت في البرلمان على صعيد الكتلة وليس على مستوى الفرد ولم تختلف بالتالي عن باقي الكتل السياسية . من جانب آخر ركزت على المحاصصة في توزيع الثروات والوزارات والمؤسسات الحكومية ، ويفهم من ذلك ان الكرد لم يتخلصوا من عقدة الخوف من العرب . ولايمكن بناء سياسة صحيحة دون التخلص من عقدة الشك والشراكة الخالية منها . أما جذور هذا التفكير " المظلومي " إن صح التعبير ، فيرجعها مكية إلى أسباب كثيرة أهمها : موزاييك مجتمعي تغلب فيه صفة الغالبية والأقلية على جميع الصفات الأُخرى التي يمكن تصورها . إفتقاد الدولة لمشروعيتها الدستورية والقانونية وعدم صيانة حقوق الأقليات ، فشل العالم العربي في حرب 1967 التي خلقت بدورها ثقافة سياسية تقيس مفرداتها وفقاً لمفهوم الضحية المتمثل بقيم الأموات أكثر من الأحياء . والثقافة العربية تعي بذاتها من خلال صفة الضحية ، ومنها ، تدرك العالم أيضاً . ويقارن مكية هنا بين الثقافة السياسية الفلسطينية التي ترتبط بالنضال الوطني والثقافة السياسية العراقية التي طالما ارتبطت بمقارعة النظام التوتاليتاري البعثي ، إذ غلب عليهما مفهومي الضحية والسياسة الميتة .وفي تفصيله للشأن العراقي ، وفيه ، تراث العنف البعثي وعلاقته بالوضع الراهن يضيف : " نحن مسؤولون عن تجربة البعث التوتاليتارية لمدة 35 سنة ، فصدام حسين كان نتاج البيئة العراقية وليس الإمبريالية والصهيونية كما هو شائع في الثقافة السياسية العربية . ونحن الذين أضفينا عليه الشرعية سواء كان بالإعتراف به أو السكوت عنه او الصمت تجاه ما حدث من المجازر . لقد صمت الشيعة بنفس القدر الذي صمت به السنة . الآن علينا الإعتراف بتلك التجربة الأليمة وما جرى للآخر ، ولايمكن حدوث أي تحول جديد في السياسة العراقية وحتى العربية من دون الإعتراف بالأخطاء والذنوب . ولكن في سياق سجال يدور حول العراق وراهنه الغارق في الفوضى الداخلية والإقليمية والصورة القاتمة التي يرسمها القتل اليومي والإرهاب وفشل القيادة العراقية ، نكاد ان ننسى أعتم مرحلة في تاريخ العراق وهي المرحلة "البعثية" وقد استخدم بعض " العرب " الكلام الذي قاله لنيوورك تايمز لهذا السبب بالذات ؟ حول هذا الجانب يرى السيد مكية بأن إستمرارية العنف البعثي هي جزء من التخبط الحالي الذي يحصل في العراق ويقول :"لقد أسست مؤسسة الذاكرة العراقية من أجل عدم نسيان ذلك العنف وأرى ضرورة جعل عدم النسيان ذاته جزءاً من الهوية العراقية الجديدة ويساهم في بناء عراق المواطنة ومعان جديدة للشخصية العراقية . معان مبنية على الشعور بقابليتنا الحقيقية كبشر في الواقع ،وليس على ثقافة الإنتصاريات العربية . كل ذلك من خلال الإعتراف بالعنف نفسه بالطبع وتشريح آلياته، فمن دون ذلك لا يمكن تصور تحول مهم في الواقع العراقي . والمسألة ليست إتهام السنّي أو غيره ، بل هي مسؤولية الشعب العراقي الذي طالما خضع لأقسى تجربة سياسية في تاريخه الحديث . وانا حاولت في جيمع كتاباتي التأكيد على شمولية البعث في عنفه واسلوب انتاجه للقمع وفي كتاب " جمهورية الخوف " بشكل خاص تطرقت لطبيعة التوتاليتارية المتمثلة في قمع الجميع ، وهي بطبيعة الحال لا تحتاج إلى تعريف خاص بها إذ أنها طالما قمعت مَن لم يتفق معها . فأية لامركزية ، أو مؤسسات دينية ومدنية وإجتماعية مرفوضة في النظام التوتاليتاري ، لذلك لا يمكن الحديث عن البعث وتراثه العنفي بمعزل عن الصفات الشمولية التي اتسمت بها سياساته . بعد سقوط نظام صدام 2003 عاد كنعان مكية إلى بغداد وزار جنوب العراق واكتشف انه لم يدرك مستوى الدمار الذي تركه البعث في نفوس الناس : " عندما عدت إلى العراق عام 2003 وزرت جنوبه اكتشفت العنف البعثي وفظاعة تأثيره في النسيج الإجتماعي وحتى النسيج الفردي . وصرت أرى مجتمعاً مظلوماً بكامله ، لا تعرف غالبيته سوى عالم البعث والسلوك البعثي والقمع البعثي . ونحن لم نكن نعرف سوى جزء قليل من تفاصيل هذه الحقيقة ومعطياتها النفسية والإجتماعية . دعني اقدم مثالاً من تجربة مؤلمة وشخصية. عندما سافرت إلى كردستان العراق في تشرين الثاني/ نوفمبر 1991 لمقابلة الفتى الناجي (تيمور) من المقابر الجماعية ، وتقصي ملفات الشرطة السرية التي كان استولى عليها الكرد خلال إنتفاضة ربيع 1991، واجهتني الشكوك التي يبديها الشيعة المقيمون في الغرب. فمن بين اكثر اعضاء المعارضة العراقية تنوراً من تذمر قائلاً: (لماذا لاتكتب عما فعله صدام بأبناء جلدتك شيعة العراق؟ إننا نتعذب ايضاً). عدت من زيارتي لأسمع تدفقاً مستمراً من الشكاوي، في اوروبا والولايات المتحدة، بأنني تخليت عن (القضية العراقية)أو (القضية الشيعية) من اجل (لقضية الكردية). وسأل الآشوريون. (ماذا بشأننا؟ نحن كنا ضحايا عمليات الأنفال ايضاً).ولا يزال عراقيون من كل الأنواع يثيرون تلك المسألة معي بطريقة ماكرة أو بأخرى، وبعد انقضاء سنة كاملة عرض شبكة تلفزيون البي بي سي الفيلم الوثائقي عن حملة الإبادة الجماعية الرسمية تلك. المشكلة في العراق في ان الجميع كان ضحية، ومعظم الناس، وبوجه اخص الأكثرية الشيعية، لا تعرف سوى التفكير والتصرف كضحية. عملت القيادات العراقية الجديدة على التفكير ذاته وجعلته صفة ممتازة في بناء خطابها السياسي . واصبح المظلوم ، الذي هو إنسان مكسور بداخله ، نموذجاً للبطل والقيادة .من هنا حدث الإختلال الأكبر في الموازين السياسية والثقافية والإجتماعية . لذلك نحتاج اليوم إلى تصحيح هذه الفكرة في الثقافة السياسية السائدة وإلى بناء رؤية جديدة بعيدة عن الخطاب البكائي ، ذلك ان فكرة المظلوم البطل تخل بالمفاهيم والقيم وتصنع الجلاّد من مادة الضحية ذاتها. فبدون إصلاح كهذا قد يؤدي الإستمرار في إعتماد سياسة ردود الفعل إلى تفتيت أوسع مما نراه في النسيج الإجتماعي العراقي اليوم وقد يصل إلى مستوى حرب أهلية . وفي عين السياق يرى كنعان مكية بإن السياسة في عراق بعد 2003 بنيت على ردود الأفعال ويقول : " كنت اتوقع ان تخرج القيادة العراقية من الأجواء الميتة التي بنتها الثقافة المظلومية ،وتوسع رؤيتها لبناء تفكير سياسي جديد ، تفكير يعتمد الديمقراطية ليس وفقاً لمنطق "غلبوي " يسحق الأقليات ، بل وفق مبادئ وقيم المحافظة على حقوق الأقليات ذاتها . وإذا لم تراع العملية الديمقراطية صيانة حقوق المختلفين وانتهجت معادلة الغالبية والأقلية ستفقد جوهرها وتصبح إطاراً مفرغا من عناصر الثقافة الديمقراطية . بموازاة المراجعة النقدية والذاتية للمجتمع والدولة وتكويناتهما في العراق ، والأفكار والرؤى واحتضار الديمقراطية قبل ولادتها ، ظهرت تقارير أربع منظمات دولية وإحصائيات لوزارات عراقية تقول بإن العراق بات الدولة الأكثر فسادا.. والثالث بين ستين دولة فاشلة في العالم، وانه تحول الى دولة قاتمة المعالم بسبب تفشي الجريمة والعنف المسلح . وسيادة جرائم الفساد الإداري والإعتداء على المكلية العامة ، إذ يقول السيد مكية : " ما يحدث اليوم في الحياة السياسية وإدارة الدولة من الفساد ، هو إستمرار لتراث نظام صدام، وفي هذا ملامح فشل القيادة السياسية الجديدة ، والذي اشرت اليه في البداية ، ذلك ان خطابها وأدائها لم يرتقيا إلى مستوى التغيير الذي حصل وحجم مسؤولياتها التاريخي . كان هناك فساد واسع داخل النظام البعثي بعدما تحول من نظام توتاليتاري إلى نظام مافيا إثر كسر شوكته العسكرية والسياسية في حرب الخليج عام 1991. جانب آخر من الفساد الحالي لا تقل أهميته عن تراث البعث في الفساد هو بالتأكيد سياسة الهروب من المسؤولية والمحاصصة الطائفية التي تجري الآن في مؤسسات الدولة . وأشار مكية في نهاية الحوار هذا بان لديه مشروع كتاب عن عراق بعد 2003 يدرس فيه الواقع العراقي بعدما اكتشف فيه خبايا لم يدركها قبل التاريخ ذاك ، كما يخصص فيه جزء كبيراً حول المثقفين العراقيين ورؤيتهم للبلاد