هناك سؤال كان الأمير شكيب أرسلان رحمه الله أول من طرحه في محاولة جادة لدفع العالم العربي نحو التقدم والحداثة. السؤال هو:
لماذا تأخر العرب وتقدم غيرهم؟
اليوم تتوفر إجابة سريعة وصريحة. وتتمثل هذه الإجابة في الظاهرة التالية:
لقد تلقت دول مثل جزر القمر والصومال وجيبوتي في مشرق العالم العربي وموريتانيا في مغربه دعوات حارة لحضور القمة العربية المقررة في نهاية الشهر الجاري في دمشق. وهذا حق لها باعتبار ان هذه الدول أعضاء في الجامعة العربية. اما لبنان فلم يتلقَ بعد الدعوة.
ويدور لغط شديد حول ما اذا كانت ستوجه اليه الدعوة. وكيف؟ وإلى من؟.
عرب جزر القمر لا يعرفون العربية. والجزر التي تتألف منها هذه الدولة لا تزال منذ استقلالها عن فرنسا في حالة صراع دائم مما يمكّن فرنسا من مواصلة السيطرة عليها.
اما الصومال، وما أدراك ما الصومال، فانها ممزقة إرباً، والحرب الأهلية فيها مستمرة منذ عقدين. ولا يعرف من هو الرئيس الشرعي، ومن هي الحكومة الشرعية. كل ما هو معروف انها تحوّلت إلى قاعدة خلفية لتنظيم القاعدة.. وخندق أمامي لممارسة القرصنة في أعالي البحار.
ورغم الاستقرار الأمني في جيبوتي فانها لا تعدو كونها قاعدة عسكرية تتقاسم الهيمنة عليها فرنسا والولايات المتحدة.
كل هذه المواصفات الخاصة بالدول الثلاث لم تقلّل لا من عروبتها ولا من حقها بالدعوة إلى القمة. فمن موريتانيا على ساحل الأطلسي إلى جزر القمر على ساحل المحيط الهندي لم تستثنَ دولة عربية من الدعوة سوى لبنان، الدولة المؤسس لجامعة الدول العربية. فان دعوته إلى القمة مسألة فيها نظر.
كل هذه المواصفات الخاصة بالدول الثلاث لم تقلّل لا من عروبتها ولا من حقها بالدعوة إلى القمة. فمن موريتانيا على ساحل الأطلسي إلى جزر القمر على ساحل المحيط الهندي لم تستثنَ دولة عربية واحدة من الدعوة، باستثناء لبنان، الدولة المؤسس لجامعة الدول العربية. فان دعوته إلى القمة مسألة فيها نظر وتحتاج إلى وساطات ومداخلات.. كما تحتاج إلى اجتماعات ولقاءات على مستوى الوزراء وحتى على مستوى الرؤساء. حتى اذا قدمت الدعوة اليه فبكثير من التمنين، وكأنها صدَقة يؤديها من يملك إلى من لا يستحق!!.
فعندما تكون جزر القمر أحق من لبنان بالدعوة،
وعندما تكون الصومال أجدر بالاهتمام من لبنان،
وعندما تكون جيبوتي وموريتانيا (التي تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل)، أحق بالاهتمام من لبنان،
عندئذ يمكن الإجابة على سؤال الأمير شكيب أرسلان، لماذا تأخرنا وتقدم الآخرون.
لقد بلغ تأخر العرب إلى حد يعكس المدى الذي وصل اليه غياب التعقل، وانقلاب المنطق رأساً على عقب. فعندما يملي الحقد والبغضاء والكراهية القرار السياسي سواء في اطار العلاقات الداخلية او العلاقات العربية ـ العربية، لا بد لهذا القرار ان يعمق الصراع ويباعد بين الأطراف وان يدفع بالحالة العربية نحو المزيد من التخلّف والتقهقر.
ان لبنان ليس مضطراً إلى استجداء دعوته إلى القمة لا من حكومة دمشق ولا من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. فمبروك لقمة عربية تقدم فيها دويلات منتسبة إلى العرب على لبنان المحافظ على التراث العربي لغة وثقافة وهوية.