هل يمكن الفصل بين الايديولوجى والابداعى فى الكتابة؟
سؤال يقودنا إلى اسئلة أخرى قد تكون متشعبة وتفتح سجالا لا حدود له...
فالاراء بين المثقفين والمبدعين مختلفة رغم تقاربها والتباينات والتقطاعات التى تطرأ على سطح النقاش حينا والاجابات التى تقارب الحقيقة حينا آخر... هى من فتح أمامنا أبوابا عدة لموضوع يحتاج منا إلى ملفات وبحوث...
الثقافة فى المجتمع العربى برمتها تلقينية
كلاديس مطر "روائية وباحثة سورية"
الايديولوجيا نسق من الآراء والأفكار والنظريات وهى جزء من الوعى الاجتماعى الذى يعكس العلاقات الاجتماعية.
إنها الزى القديم لكلمة "ثقافة" الرائجة اليوم كالنار فى الهشيم فى خطابنا اليومى ذلك إن الفكر العربى بقى بعيدا عن استنباط أيدلوجياته الخاصة فى خضم تاريخه الطويل من الثقافة التلقينية.
فى الحقيقة لقد تراجع مفهوم وحتى استعمال كلمة إيديولوجيا مع تراجع الماركسية وسقوط الاتحاد السوفيتي. فهذه الكلمة التى اعتبرت مصطلحا ماركسيا من الطراز الرفيع بدا أن لها تاريخا آخر يبدأ بعد عصر النهضة الفرنسية خلال فترة حكم نابوليون بونابارت.
و"الأيديولوجيون" كانوا يعتبرون باختصار "أصحاب النظريات" مع أن تطبيقها قد سبق زمنيا هذه الفترة ويعود إلى القرن السابع عشر.
أما هذه الكلمة فهى مستعملة اليوم ضمن طيف واسع وكبير جدا لتشمل كل أشكال الكذب المبرمج وأنماط الفكر المحدودة، ومن أقصى الماركسية إلى بعض المنظرين المسيحيين....
الغربيون حرروا الفكر الأوروبى من هيمنة الكنيسة فغدا حرا فى استنباط نظرياته الخاصة.
أما فى المجتمع العربى فإن الثقافة برمتها تلقينية بل إنها فى كثير من الأحيان فوق النقاش....
إذا أية علاقة بين الإبداع العربى والايدولوجيا!؟ وأية إيديولوجيا نقصد هنا ونحن مازلنا لا نملك هذا الإرث الهام من ثقافة التعددية وقبول الآخر.؟!
الإبداع يكمن تماما فى تنسيق الإيديولوجيات وغربلتها بما يتناسب مع روح الإنسان كانسان وليس بما يتناسب مع الثقافة التلقينية لهذا الإنسان.
انه عالم مارق حقا ولكننا نحيى فيه بقوة الروح التى لا تريد أن تؤطر أو تؤدلج أو يعاد تشكيلها وصياغتها بحسب نمط ما...
"المباشرتية".. الهتاف وإطلاق الشعارات
صبيحة شبر "قاصة وروائية عراقية"
يختلف الايديولوجى عن الإبداعى فى أن الأول يكون مباشرا والثانى يكون غير مباشر فالإبداع الذى يهتم بالايديولوجيا على حساب الفن يسقط فى المباشرة، ويكون مثل الهتاف وإطلاق الشعارات التى يطلقها صاحب الايديولوجيا بشكل سافر يخلو من الجمالية المطلوبة فى الفنون..
فالأدب الملتزم بقضايا الحق والعدل والفضيلة والإنسان، ينطلق من فكرة يؤمن بصحتها الكاتب، ويدعو القارئ إلى الإيمان مثله بها، ولكن لو قال فكرته دون أن يسبغ عليها ثوبا جميلا من الإبداع، لكان سياسيا وليس فنانا لهذا قالوا أن الأدب هو الكلام الجميل الموحى القادر على التأثير فى المتلقي..
وكيف يكون ذلك التأثير قويا؟
بالاعتناء بالشكل والمضمون معا، وعدم الاقتصار على احدهما على حساب الآخر.
درجات عليا من الإبداع
طلال بريون "محام ومصور فوتوغرافى ليبي"
كما تعرف يا صديقى العزيز أن الأيديولوجيا هى الفكرة السياسية كتعريف مبسط جدا فى حين أن الإبداع وخاصة فى الممارسة الثقافية يجب أن لا يكون تحت أى مسمى أو أن يكون تحت سياق معين سياسى أو غير سياسي..
ومن هنا ومن جهة نظرى الشخصية فإن الكتابة العازفة على وتر فكرى سياسى أو فلسفى معين يصب فى مصلحة فكرة ما يخرج شفافية وموضوعية الإبداع فى الممارسة الثقافية، ولكن هذا لا يعنى مطلقا أن الايديولوجى غير مبدع، على العكس من ذلك تماما، فكثير من الايديولوجيات وصلت إلى درجات عليا من الإبداع جعلت من ثقافات أمم بأسرها تتبناها لعقود طويلة من الزمن "ولا أريد أن أضرب أية أمثلة لهذا لأنها واضحة فيما أعتقد"..
بالتالى فأن الخيط الفاصل بين الايديولوجى و الابداعى يكون رقيقا ودقيقا فى كثير من الحالات.
وبمعنى أوسع وأعم يجب أن يكون المبدع فى مجال الكتابة والممارسة الثقافية متجردا من عوائق ومأزق الايديولوجيا حتى يصل إلى درجة شفافة من الوعى الثقافى الابداعي، وهذا رأى خاص جدا.
فسيولوجيا الجسد.. وأيديولوجيا النص
د. صبرى حافظ "كاتب وناقد مصري"
ليس هناك فاصل بين الأيديولوجى والإبداعى لا فى الكتابة ولا فى الممارسة. خاصة فى هذا الزمن الذى شاع فيه الحديث عن موت الأيديولوجيات، وساد فيه الترويج للغة مقلوبة تخفى عكس ما تصرح به، وتسمى مقاومة المحتل إرهابا، والتصدى للنظم الاستبدادية تخريبا، واستعمار الشعوب تحريرا، والتفريط فى الحقوق المشروعة اعتدالا، والتمسك بالثوابت الوطنية تشددا.
إن هذه اللغة المقلوبة تتناقض مع كثير من أسس التواصل اللغوى ذاتها، فى محاولتها للتستر على تجليات الأيديولوجيا القديمة الجديدة ـ أيديولوجيا الاستعمار فى تجلياته الجديدة وتسمياته المغايرة بالعولمة تارة وتحرير الشعوب من حكامها المستبدين تارة أخرى.
وكى تتضح المسألة لابد من معرفة ما هو المقصود بهذين المصطلحين.
فالأيديولوجيا هى صياغة فكرية أو تجريدية لتصور ما للعالم أو وعى ما به.
وقد يكون هذا الوعى وعيا زائفا يتستر على تناقضات العالم ويخفيها، وقد يكون وعيا نافذا مستبصرا يعى تلك التناقضات ويكشفها ويتعامل معها. وقد كشف ماركس عن أن لكل وعى بالعالم، أو لكل أيديولوجيا محتواها الطبقى ومصالحها الاقتصادية، ومحاولتها لصياغة مصالح طبقة ما باعتبارها هى الحقيقة أو التصور الطبيعى للعالم.
ومن هنا بدأ مفهوم الوعى الزائف يفت فى عضد مفهوم الأيديولوجيا منذ ميلاد هذا المفهوم الجديد.
وقد مكننا مفهوم الوعى الزائف ذاك من الوعى بتناقضات الأيديولوجيا وباستراتيجياتها المراوغة، وأكثرها انتشارا ومراوغة فى هذه الأيام هى إنكار الأيديولوجيا، والقول بعصر موتها ونهاية التاريخ، فكل تنصل من الأيديولوجيات كل تنكر لها ينطوى على أيديولوجيته المضمرة، ويخفى فى طياته تناقضات الوعى الزائف بالعالم أو الوعى الذى يريد أن يخفى حقائقه ويخفى وراء معسول الكلام أغراضها البشعة ولا يسميها بمسمياتها..
فالمسميات الحقيقية هى شارة وعي، ولا يسود الوعى الزائف إلا فى ظل غياب الوعى الحقيقى وغيبوبة العقل. وما الانتشار الواسع الجديد للأيديولوجيات الدينية من الصهيونية وحتى التأسلم السياسى مرورا بالمسيحيين الجدد فى أمريكا إلا تجليا من تجليات غيبوبة العقل الجديدة تحت عباءة موت الأيديولوجيا ونهاية التاريخ.
أما الإبداع، والذى يبدو فى السؤال وكأنه نقيض الأيديولوجيا، فإنه فى حقيقة الأمر رديفها.
لأن كل أيديولوجيا تنطوى على إبداع ما لصياغات وتصورات جديدة للعالم، أليست الطلسمة على حقائق العولمة البشعة ـ والتى مكنت رأس المال الغربى من نزح ثروات شعوب العالم الثالث بمعدلات أعلى كثيرا من تلك التى كانت تتم بها نفس العملية إبان أكثر فترات الاستعمار القديم بشاعة ـ هى نوع عبقرى من الإبداع؟! وإن كان إبداعا مقلوبا.
كما أن كل إبداع ينطلق من تصوره الخاص والمضمر للعالم، أى من أيديولوجية ما. صحيح أن الإبداع مصطلح يطلق عادة على الإنشاء الأدبى والفني، ويتسم بالتجسيد بينما تقوم الأيديولوجيا على التجريد، فإن تجسيده دائما ما يخفى فى طواياه مجرداته الفكرية التى تشكل الهيكل العظمى الذى لا تقوم للتجسيد قائمة بدونه.
وقد لا يستطيع كل من يرى إنسانا أن يعرف شكل هيكله العظمي، لأنه ينشغل أساسا بملامحه المجسدة لحما ودما، وينشغل بحركاته وسكناته عن حقيقة هيكله، ولكن عالم الفسيولوجيا يعرف أن هذه الملامح التى تتجسد أمامنا ما كان لها أن تقوم وتتبلور دون الهيكل العظمى الذى تنهض عله.
لذلك فإن الناقد بالنسبة للعمل الإبداعى كعالم الفسيولوجيا بالنسبة للجسد الإنساني، ما أن يتعرف على عمل إبداعى حتى يستطيع استشفاف البنية المجردة المضمرة فى كل تجسداتها والتى تتجلى وراء كل تفاصيلها.
أى ما يسمى فى مصطلح النقد الحديث بأيديولوجيا النص. وكلما كانت تلك البنية المجردة أصيلة وعميقة وشاملة كلما بدا العمل الإبداعى متماسكا ومتكاملا وقادرا على إرهاف قدرة المتلقى على فهم العالم والاستمتاع به معا.
إذن ليس ثمة فاصل فى رأيى بين الأيديولوجيا والإبداع، ولا توجد كتابة أو ممارسة ثقافية وخاصة فى عالمنا العربى فى هذا الزمن الرديء لا تنطوى على موقف أيديولوجى من العالم ومن مؤسساته الثقافية والسياسية على وجه الخصوص.
ليس موقف الكاتب الذى يسخر قلمه لتبرير وضع ما أو لإضفاء نوع من المصداقية على حاكم لا شرعية له ولا مصداقية لممارساته، كموقف الكاتب المستقل عن المؤسسة الذى يكشف عن تناقضاتها وعن عريها من المشروعية.
فالأول يصدر عن موقف المكلف بحراسة النظام والأيديولوجيا السائدة، ونشر الوعى الزائف ومد مظلات الغيبوبة العقلية على كل شيء كى يسود الظلام، بينما يجعل الثانى حراسة الكلمة ورفع راية قيمها العقلية والنقدية النبيلة همه الأساسى فيكشف ما تنطوى عليه أيديولوجيا الأول من وعى زائف وتناقضات مشينة.
الأول شخص عار من الإبداع أما الثانى فهو الذى يعزز قيمة الإبداع، لأن كل إبداع حقيقى هو ابن وعى نقدى للعالم.
الأيديولوجيا.. هذه الراسخة فى أعماقنا
نادرة العويتى "قاصة ليبية"
لا نستطيع أن نبنى حاجزاً يحول دون تسرب أفكارنا الضمنية إلى نصوصنا الأدبية لحظة الكتابة لسبب يتعلق بتاريخ تربيتنا، هذه الأيديولوجيا الراسخة فى أعماقنا والتى لمناها سراً وجهراً لن نتمكن من الهروب من سيطرتها سواء فى حالة الوعى أو فى حالة الحلم.
جميع الأفكار التى تقودنا وتسيطر علينا نحن لم ننتقها تبعاً لاختياراتنا بل رضعناها وورثناها ولمسناها ونحن فى المحاضن وفهمنا أنها لاصقة بنا كجلودنا..
لذا ليس غريباً أن نكون أسرى لها، لكن هذا الأسر لا يعفينا من المسؤولية عن نصوصنا ككتاب فالمبدع الحقيقى هو الذى يصنع نصه فى فضاء خال من تأثيرات أية أفكار مسبقة وإلا تحول إنتاجه إلى ما يشبه أقوال المدرسين والوعاظ والمرشدين.
وهناك فرق كبير بين أن أدافع عن فكرتى التى أحترمها وبين أن أجعلها مادة لقصتي.
الكتابة مقاومة فردية لمواجهة التخلف
سهيلة بورزق "كاتبة جزائرية"
ما هى الايديولوجيا أولا، هل هى منظومة فكرية متطبعة فى الكتابات وبالتالى ترمى إلى إبراز مفاهيم معينة مسيطرة على النفس؟ نعم هى كذلك بتداخلها المدرك وغير المدرك على الصعيد الذاتي.
وشخصيا لم أهتم فى حياتى بالسيطرة على منظومة أفكارى الذاتية والفكرية، لأن الاستغلال السياسى الذى عشته والنمطية العقائدية التى تربيت عليها، شاركا فى خوصصة طبيعة حاجتى الثقافية لتبنى فكر محدد يشارك فى تصويب الحس الإبداعى لدي.
ثم إن الحس الفردى لا يمكنه التناقض مع سلطة المجتمع، إلا إذا أعلن الكاتب تمرده الفعلى والكلّى على أنظمة معينة فى مجتمعه، وبالتالى يتبع منهج الخصوصية كقيمة معيارية فى تجسيد دور المثقف الواعى الحر.
أؤمن بأن لكلّ كاتب مصدره الخصوصى الموضوعى الذى يتّبعه لتسويق معارفه وإشهار قناعاته حتى وان كانت غير مسموحة وغير مستهلكة بين الناس.
مشكلتنا أنّنا لا زلنا نؤمن بأنّنا شعوب ذات ثقافة إقطاعية، مستوحاة من ديانات مختلفة ومتعددة ومن سياسات قاهرة لتحديث الإنتاج، فكرا كان أو ثقافة أو سياسة.
أن الدافع لدى لتقبل إيديولوجية معينة هى محاولة الخروج بها من قومية المفاهيم الهامشية ، كأن تؤمن بأمريكا كامبراطورية عظمى وتغفل عن دراسة استراتيجياتها وعنصر تمكّنها من تحديث ديمومة عولمتها الثقافية، لذلك لا يمكن الفصل بين مرآة الإبداع كسلطة أدبية، وبين الايدولوجيا كمخزون إنتاجى تشكّله الصراعات بين مجموعة من الأفراد لحماية بؤرة فكرية قد تصيب وقد تخطىء.
الكتابة بعنصرها الذاتى تختزن مجموعة من القيم التى تطمح إلى تنمية خيال وطموح القارئ، وغير ذلك لا أفهم من الايدولوجيا البعيدة عن الأدب سوى أنّها محاولة سياسية لترديد الذات فى إطار تفكيك نظم وطنية.
وبصراحة السؤال عن إمكانية الفصل بين الإبداعى والايديولوجى فى الكتابة والممارسة الثقافية، بحاجة الى دراسة معمّقة يدخل فيها التاريخ، لأنه حتمية النظم الحياتية التى تأتى على البشر بتأويلات ثقافية وقومية، لا تسمح بالفصل بين العالمية والخصوصية على حد سواء.
ورغم أنّ حرية التعبير انتشرت فى بعض الدول العربية، إلا أنّ البعض من الكتّاب العرب اضطروا إلى الهجرة كى يتمكّنوا من تحرير ايديولجيتهم من القمع، وعليه أعادوا تقييم المكتسبات الحضارية فى بلدانهم كفرا بها بتقصيهم إعادة إنتاجها على غرار الحضارات العالمية.
ولا يوجد كاتب واحد استطاع التخلص من منظومته الفكرية على مرّ العصور، لأن الكتابة مقاومة فردية لمواجهة عنصر التخلف بأساليب تصحيحية للمسار الفكرى البشري، وأضع خطا أحمرا تحت كلمة الاكتساب المعرفى لمختلف وجهات النظر التى تنتهج سلطة السؤال والبحث، لا التى تلغى حرية الفرد وتمنعه من تبنى مختلف المواقف، ذلك لأن الثقافات لم تعد معزولة كالسابق، لا سيما وأنّ القنوات المرئية والمسموعة وعالم النت فتحوا للعالم بابا واسعا للاختلاط بفرص التفاعل مع خارج ثقافتهم.
الكاتب يتحمل وزر الدمار
زيد الشهيد "كاتب وناقد عراقي"
فى الكتابة تبدو مهمة الإفضاء نوعاً من الرسالة وإبداء للهوية وعرضاً للايدلوجيا؛ ويغدو الإبداع مآل من الجهد المثابر والحرص الدفين والسعى الذى لا يريد التوقف.
فى الكتابة تعلو الايدلوجيا الإنسانية على التوجه الضيق للفكر، ويتوسع البوح الإنسانى المنفتح على منافع القلة، ضيقة النظرة، محدودة الجهد.
وحين تنقلب المعادلة تستحيل الكتابة مدعاة للعنصرية وخنقاً للانفتاح البشري. وعندها تشتعل الحرائق فى كل مكان وتبدأ الحروب ويتعاظم الاستحواذ، فتتقهقر البشرية نحو تخوم الهمجية ويتحمل الكاتب وزر الدمار، وتحل عليه لعنة توجهه الضيق ومجاهرته المفرداتية فى إعلاء شأن خالقى الدمار.
الكتابة رسالة، والإبداع خلق.. والاثنان يشتركان فى بلورة التحرك البشرى وصياغة مساره القادم. والاثنان يحتاجان إلى أجواء ثقافية صحية تنعدم فيها الحزبية الضيقة والثقافة الشوفينية.
الأيدلوجية وسط مناخ إنسانى تفجر الطاقات لدى المبدع وتدفعه إلى خلق إبداعى مميز فى الوقت الذى تسبب الأيدلوجية المحصورة فى نطاق حزبى فكرى - يحدد الطبقة على حساب المجموع البشرى - تنامى الحقد ورغبة الاستحواذ والاستعباد وتقدّم أقلية على أكثرية.
من هنا يحق القول أن الحزبية خيانة على الإنسان العادى فكيف بها على الكاتب، المفكر، الخلاق؟
الممارسة الثقافية فى عصر الثورة المعلوماتية تغدو مهمة إنسانية كبيرة لا يجب غض الطرف عنها أو إهمالها، فالعالم اليوم فى تخلخل، والشعوب التى وجدت نفسها متأخرة عن الركب المتسارع للحضارة لابدّ لها من ركوب قطار الثقافة والسعى بمثابرة لا تعرف الكلل لخلق هوية ثقافية تطور توجهنا الثقافى الماضى والحالى وتجعل من المستقبل محطة ثقافية لا بدَّ من الوصول إليها وإدراكها.
إذ الانشداد إلى الماضى بكل الجوارح والعيش الهامشى فى الحاضر والهرب والخشية من المستقبل القادم سيطيح بهيبة الأمة ويجعل منها يوماً ما ذكرى. وعندها سيقولون بعد كذا من الأعوام أنه كانت هناك امة انكفأت تمجد ماضيها ناسيةً الحاضر وباصقة على المستقبل فاستحقت جراء ذلك الاندثار والتفتت على أرض الموات.
شاعر وكاتب صحفى ليبي