في ظلال آية المُحارب
الحلقة الأولى
يكثُر الكلام في الأدبيات الإسلامية عن الحرب وعن المحاربين ، وفيها قد خلطوا بين الألفاظ والمعاني حتى غدت الحرب هي القتال ، والمُحارب هو المُقاتل في نوع من التعمية والتشويه المتعمد المذموم ، ومن ذلك الخلط وتبعاً له نمت وترعرعت أفكارا ومفاهيم بعيدة عن معانيها وسياقاتها الموضوعية والتاريخية ، وقلنا ولا نزال نقول : إن كل هذا نشأ وساد بفضل سطوة أصحاب الترادف والتسامح من الفقهاء والمفسرين في أدبنا الإسلامي ، وبالتحقيق ثبت إن هذه السطوة أعتمدت في إنتاج معارفها على أخبار شاذ ومقولات منكرة .
وفي بحثنا عن معنى ( آية المحارب ) سنرى كيف وضفت الألفاظ في غير معناها ودلالتها ، وسنرى كيف أفتى الفقهاء وحكموا على ذلك و تبعاً له ، ولم يبتعد المفسر عن ذلك كثيراً ، لأنه يعتمد على نفس الحجج والبراهين في ذلك من غير تدبر أو إمعان نظر ، أقول قولي هذا بعد النظر و التأمل في الموقف الفقهي والتفسير الغريب ، لتفسير قوله تعالى : - ( إنما جزاء الذين يُحاربون الله ورسوله ، يسعون في الأرض فساداً ، أن يقتلوا أو أن يُصلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) - المائدة 33 .
وكان لذاك الموقف و التفسير الأثر والدافع المباشر للبحث والتنقيب والتحقيق في معاني ودلالات النص المتقدم ، مبتدئين القول بالتعريف التالي :
قالت المعاجم : ( إن الحرب والحرابة والمحارب ) هي الفاظ لغوية وضعت لمفاهيم حيوية ترتبط مباشرة بحياة الناس اليومية ، وقالت المعاجم : - أن لا دلالة أولية لهذه الألفاظ على القتال و على نحو مباشر - ، والحرب عند أبن منظور هي نقيض للسلم ، وزاد في القول : - فلان حرب ليّ أي عدو - ، قال : - وأصل اللفظ من ، ( حرَبهُ يَحربهٌ من باب نَصرَ إذا أخذ ماله فهو محروب ) ، والحربٌ بالتحريك أن يُسلب الرجل مالهُ ، والحارب : الغاصب الناهب ، وحرِب الرجلٌ بالكسر يَحرَبُ : أشتد غضبه ، وحرَّبَ السنان : أحدّهُ - ، لسان العرب ج1 ص 302 - ..
تتمة موضوع "في ظلال آية المُحارب ـــــــ الحلقة الأولى "