تنطلق اليوم مفاوضات «جنيف 3»، وسط تناقض واضح بين السلطات السورية و «معارضة الرياض»، وهو أمر يهدد بتفجير المفاوضات، التي تترافق مع هدنة لا تزال صامدة صموداً كبيراً، وضغوط دولية كبيرة على كل الأطراف للوصول إلى حل.
واستبق وزير الخارجية السوري وليد المعلم انطلاق الوفد التفاوضي إلى جنيف بتوجيه رسالة واضحة إلى الجميع: الرئيس السوري بشار الأسد خط أحمر. وانتقد جدول أعمال جولة المفاوضات الذي وضعه المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والذي يتضمن الحديث عن انتخابات برلمانية ورئاسية وتعديلات دستورية وغيرها، معتبرا أن ذلك «ليس من حقه»، وهو ما أثار انتقادات ضده من واشنطن وباريس (تفاصيل صفحة 10)
«الهيئة العليا للمفاوضات»، المنبثقة عن اجتماع المعارضة السورية في الرياض، لم تحد عن التصريحات السعودية، حيث قال كبير مفاوضي «الهيئة العليا للمفاوضات» القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش، في جنيف، «نعتبر أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته»، معتبراً أن المرحلة الانتقالية «لا يمكن أن تبدأ بوجود هذا النظام، أو رأس هذا النظام في السلطة».
وقال المتحدث باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» سالم المسلط، في جنيف، إن «المعارضة تتطلع لبدء المفاوضات لبحث تشكيل هيئة حكم انتقالية لها صلاحيات تنفيذية تشمل صلاحيات الرئيس، الذي لن يضطلع بأي دور في المرحلة الحالية أو في أي مرحلة مقبلة».
وقال دي ميستورا، في حديث نشرته صحيفة «لو تان» السويسرية أمس الأول، إن «أكراد سوريا فئة أساسية في البلاد، وبالتالي يجب إيجاد صيغة يمكن من خلالها أن يتمكنوا من التعبير عن رأيهم حول الدستور وإدارة البلاد».
وأكد أنه بالنسبة إلى الجولة الثانية من المفاوضات فقد وجه دعوات إلى المشاركين، موضحاً أنه قرر بنفسه أن يبدأ يوم 14 الحالي العد العكسي للأشهر الـ18 اللازمة لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية «وإلا فإن الخطر سيكمن في تأجيل هذا الاستحقاق باستمرار». وأضاف «خلال ستة أشهر سنحتاج إلى قيادة جديدة ودستور جديد»، موضحاً «يمكن صياغة دستور في 48 ساعة. ومن الممكن أيضا تشكيل حكومة انتقالية بسرعة».
وحول الانتخابات التشريعية التي دعا إليها الأسد في 13 نيسان المقبل، قال دي ميستورا «بالنسبة لي، الانتخابات الوحيدة المهمة هي تلك التي قررها مجلس الأمن الدولي. حتى لو جرت انتخابات غداً أو بعد غد، ستنظم أخرى هذه المرة بإشراف الأمم المتحدة».
وفي ختام اجتماع في باريس حول سوريا مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني والايطالي، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري «إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا، أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه، فإنهم واهمون». وأضاف «على كل الأطراف احترام وقف الأعمال القتالية، والتعاون في تسليم المساعدات الإنسانية واحترام عملية المفاوضات للتوصل إلى عملية سياسية انتقالية».
وتابع كيري ان «أي انتهاك، وإن كان متفرقاً، لوقف الأعمال العدائية، يهدد العملية» السياسية. ودعا روسيا وإيران إلى استخدام نفوذهما على النظام السوري لاحترام الهدنة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أنه «لضمان مصداقية المفاوضات يجب احترام الهدنة ونقل المساعدات الإنسانية من دون قيود أو عقبات»، مشيراً إلى أن مفاوضات جنيف ستكون «صعبة»، لكنها ستتطرق إلى «عملية سياسية حقيقية» في سوريا.
واعتبر كيري أن تصريحات المعلم «تحاول بوضوح عرقلة المفاوضات»، مضيفاً ان «الحقيقة أن رعاة الأسد، روسيا وإيران، تبنتا مقاربة تقضي بوجوب وجود عملية انتقال سياسي وإجراء انتخابات رئاسية في الوقت ذاته»، فيما قال آيرولت «شهدنا في الساعات الأخيرة استفزازات وزير الخارجية السوري، ما يعتبر إشارة سيئة لا تتوافق مع روحية وقف إطلاق النار».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع قناة «رين تي في» الروسية، إن «تركيا، مع مطالبتها بعدم تعزيز مواقع الأكراد في سوريا، تتذرع بسيادتها لخلق نوع من المناطق الأمنية في الأراضي السورية». وأضاف «حسب معلوماتنا فإن الأتراك يعززون مواقعهم على بعد مئات الأمتار من الحدود داخل سوريا»، موضحاً «أنه تمدد زاحف».
وأشار لافروف إلى أن موسكو تشدد لدى الأمم المتحدة على ضرورة ضم الأكراد إلى مفاوضات جنيف. وقال «إذا أقصينا الأكراد عن المحادثات حول مستقبل سوريا، فكيف يمكن إذاً أن نتوقع أن يكونوا جزءاً من هذه الدولة؟».
وأعلن أن روسيا مستعدة للتنسيق مع الولايات المتحدة في سوريا من أجل استعادة السيطرة على مدينة الرقة. وقال «في مرحلة ما اقترح الأميركيون تقسيم العمل، بحيث يكون على سلاح الجو الروسي التركيز على تحرير تدمر فيما يركز التحالف الأميركي بدعم روسي على تحرير الرقة».
(«السفير»، «روسيا اليوم»، ا ف ب، ا ب، رويترز)