أمتنع ملك الأردن عن زيارة العراق ، وكانت حجتة في ذلك الخشية وهاجس الأمن المفقود ، هذا الكلام طبعاً حسب الزعم الرسمي !! لكن للحقيقة كما نرى وجه أخر بل قل وجوه منها : * ما يتعلق بموضوعة النفط الذي كان يعطى بالمجان للأردن تقديراً لها عن مواقفها القومية جداً في قادسية صدام
ومنها ما يتعلق برؤوس الأموال المنهوبة و المكدسة في بنوك الأردن .
والذي عليه الإعتقاد عندي إن بعض عرب المنطقة يخشون من تحول العراق إلى مركز حقيقي للديمقراطية ، ولذلك فهم لا يمدون يد العون إليه ظناً منهم إن تجربته مندثرة و زائلة ، بعض العرب يستكثرون على العراق إن يكون حضارياً مزدهراً ويستكثرون عليه طموحه المشروع في الريادة ، وبعض العرب حين يقع العراق في أية ضائقة أو محنة يكونون معها عليه [ نقول هذا ونحن نستذكر دور العرب في حصار العراق أيام الحكم البائد ] هذا الكلام لا نقوله اليوم بل قلناه يوم كان صدام حاكماً .
ولهذا فمن يخشى قلة الأمن في العراق عليه إن كانت نواياه ودوافعه صادقة في ذلك ان يكون حازماً في منع دعم كل المجموعات التي تثير زوابع الفتن وتشعل النيران ..
نحن أهل العراق نريد بالفعل ان تزول كل دوامت العنف وكل طبايع التحايل التي يميل إليها سراق الحياة ، نحن نريد ان يكون العراق مستقراً و قادراً على تحقيق الأمن لكل أبنائه ، وهذه الإرادة منا تصطدم بمعوقات كان لعرب المنطقة الدور الرئيس فيها بالفعل وبالقوة ، بل إن البعض منهم يتمنى للعراق الموت والدمار والفناء ، وهذا البعض يعمل بالسر والعلن لكي يعيش العراقي دوامة الخوف وعدم الأستقرار ، نجد هذا في التشجيع الخفي لموجات الهروب من العراق ؟ وموجات التهجير في داخل العراق ، كما لا نخفي سراً إذا ما قلنا إن البعض يعمل لإشاعة الفتنة كي لا يخبو شرارها ؟ حتى وإن تمطى البعض بعباءة الحرص على مستقبل العراق في حين هو يسكب الزيت على النار ؟ ..
بعض العرب لا يودون للعراق النمو ولا يريدون لشعبه غير الأحزان والكوارث ، لأن بعض العرب هذا يدفعه الحقد والشعور بالتفاوت في جني الغنائم ، مع زيادة حبكة الحنق التاريخي الذي يغذية دور المساجد ورجال دين مزيفين ، مما يكثرون من نوازع القلق المذهبي وحكايات عن سطوة الطوائف ورجال الملل والشعوب .
هذا كله جلي ومعلوم ولكن المتغافل عنه هو هذه الخفة لدى بعض ساسة العراق وكأنهم في إحماء رياضي يتسابقون على زيارة ممالك العرب رأينا هذا مع علاوي ومع الجعفري ومع المالكي ، يتلذذون بالصور جنب إلى جنب مع قادة دول المنطقة ، ويكأن ذلك هو كل الهوى وكل الحلم وكل المُراد عند هؤلاء النفر .
[ أقول هذا عن دور المسؤول في وقت الأزمات] ، وأنظر كيف حقق رجال أقتربوا من شعوبهم ليعملوا معهم ويدفعوا بإتجاه التقدم والتطور ، لكن جماعتنا مغمورين بهذه الترهات ، بعض ساسة العراق الجديد يطلبون من قادة المنطقة التدخل لدى الأمريكان لكي يساعدوهم في الحصول على مغانم من فتات جسد العراق المُعرى .
حتى قيل إن نائب الرئيس العراقي حصل على الإقامة الدائمة في الأردن وهو في طريقه للحصول على الجنسية - سخرية ما بعدها سخرية - نائب الرئيس أصبح اليوم من الحاشية ودائماً يصلي الظهر والعصر قصراً وجمعاً في عمان !! يقول إنه يريد من ذلك تخفيف معانات العراقيين المهجرين !! ...
فكم من مؤتمر يخص العراق عُقد في عمان وكم من ندوة تخص إقتصاد العراق عقدت هناك بل إن إتحاد كرة القدم مقيم في عمان .
مسؤولي العراق بدل ان يعملوا لتوحيد ما تبقى من وطن ، يزرعون بذور الشقاق والخلاف ، وهم عوضاً من ترميم الساحة الداخلية يهرعون لطلب العون من الأردن وغيرها ، مع إن الأمر وطني داخلي محض لو كان للجماعة إحساس بالمسؤولية وشرف المواطنة ، إذ ليس من الحكمة ان يعمل مسؤولي المنطقة الغبراء على رتق جراحات زمن الحكم البائد مع الغير ويتركون الشعب بلا مأوى ولا خدمات ولا طرق ولا كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا أمن يحمي الناس من فوضى عصابات الحقد والتخلف ، أملي إن يترك ساسة العراق كلام الشعارات والخطب ويمدو اليد لردم كل ساحات التشقق والخلاف أملي ان نقضي على الفتنة الدوارة وظاهرة القتل العمد والتطاول على سادات الناس ، كما حدث في مدينة الرفاعي حين تطاول أوباش وحثالات العفن القديم في إغتيال أبن عمنا الشهيد محمد بن الشيخ خضربن الشيخ فشاخ الفارس زعيم قبائل بني ركاب آلبوحمزة ، نقول هذا لكي يعلم كل العراق مدى الضرر ونقصان الكفاءة والحماية والمسؤولية ، نقول هذا لكي يتحرر ساسة العراق من عقد التخلف الماضي وما جره علينا من ويلات ونكبات ، حاجة العراق اليوم للعمل الجاد وللوحدة ولردم كل معوقات بنائه وإعماره ، حاجتنا ليعيش الشعب آمناً في قراه ومدنه ونواحيه ، حاجتنا لنكون كلنا في حماية القانون بعدما يتخلص من أدرانه وعقده ، وحاجتنا للعدل للحرية للسلام تعلو كل حاجة فهي الوطن والتاريخ هي الحاضر والمستقبل ...