لنستعير هذه العبارة أو لنقل هذه التسمية من عميد الأدب العربي طه حسين وكنا قد أستخدمناها في مرات سابقات إما كعنوان أو بين تلابيب الكلام للتدليل لما نحن بصدده حتماً ، والإستعارة هنا في باب و صف الحال التي كانت سائدة أيام الحرب الأهلية التي مارسها أصحاب النبي محمد فيما بينهم بحثاً عن السلطة والحكم وهي اليوم تقرير واقع حال ،
لما نمر به من حال مشابه في وجوه .
تطل الفتنة في وصفها وحالها تحت هذا المسمى اللعين – السُنة والشيعة - لتشكل عائقاً حقيقاً أمام التنمية والبناء والتحرر ، والغريب إن البعض من جهال هذه الأمة وجهال هذا الزمان يُخيل إليهم أو هكذا يظنون إن تلك الفتنة من فعل أمريكا وكأن أمريكا كانت حاضرة في السقيفة وما نتج عنها من فعل – وقى الله شره العباد – كما يقول عمر ، ناسين أو متناسين حقب الدم والقتل الفظيع الذي مارسه أتباع محمد فيما بينهم في حروب الزكاة وقتل عثمان وقتل علي ، وكل ذلك تم وفق إرادة البحث عن الزعامة والسلطان ولا أُبرء واحداً منهم فكلهم شركاء في صُنع هذا التاريخ الوبي ، هذا التاريخ الذي مزج بين العامل السياسي والعاطفي وذلك من اجل إعطاء الصراع شكلاً مميزاً ، فمنهم من أستخدم أهل البيت في بحثه عن السلطان ومنهم من بكى وتباكى على عرض وشرف الصحابة العدول جداً .
فالسُنة والشيعة كاذبون فيما هم عليه وفيما يرفعون من شعارات للتضليل والتبكيت والمخاتلة ، كاذبون لأنهم لايؤمنون بالله واليوم الآخر بشرطها وشروطها ..
ولكن عجباً نسمع وعجباً نرى كيف تُستباح حرمات الناس ؟ وكيف يخونون ؟ وكيف يتم معاملتهم حتى لو كانو من مذهب واحد ؟ ، وهذا يجعلنا نؤمن كغيرنا بإن قتلى المسلمين هم موتى وليسوا شهداء ، لأنهم إنما قتلوا في سبيل تحقيق مطامح وأحلام سياسية ، ولم يكن منهم في توجهه وفي أهدافه خالصاً لوجه الله !! .
نقول هذا حينما نرى الإصطفاف بين الكتل المتنافرة مع علمهم ببطلان غاياتهم ومُرادهم ، ونقول هذا حينما نرى كيف تفسر الحوادث على غير سيرورتها الطبيعية ؟ وكيف تُلصق التُهم بالمخالفين حتى وإن كانوا من مذهب واحد ؟ ، ورأينا كيف ذهب الشطط في البعض ليقول إنه مستعدلقطع يد أبوه وأبنه إن خالفوه الأمر ونازعوه السلطان ؟؟ يذكرنا هذا بنفس الكلام الذي قاله هارون الرشيد لولده : إن نازعتني السلطان لأذهبت الذي بين عينيك !! .
كل هذا العنت والصلافة من أجل قضايا سياسية خالصة !! ، نجد هذا يحدث في لبنان ويحدث في العراق وفي غزة ، فالسني حين يكون سياسياً يمكنه إستباحة دماء أهله وعشيرته وتحت رآية وشعار - لاإله إلاّ الله - وهكذا يفعل الشيعي بأبناء جلدته ومذهبه المهم إنه في فعله هذا يحقق مصلحتة التي هي فوق وأسمى من الكل ، تبين هذا لنا نحن حسنيّ النية الذي كنا نظن إن لبعض الشعارات من مصداق وكنا نتعاطف مع البعض فيما يقول وكنا نحاور البعض لكي يقبل أو يغض الطرف أو يتجاوز ، ولكننا كنا واهمين وكان جيل من أصحابنا مغرر ومفتون ولكن بعد الأحداث الأخيرة تميز لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم تعد الشعارات موضع رجاء أو قبول ، ولم يعد أستخدام الدين والولوغ فيه لتحقيق أهداف سياسية مقبول ، ولم يعد رمي أمريكا بقبائحنا مقبول ، وصار المقبول الوحيد في أذهان الجميع : إن الإسلام حين يكون سياسة في مذهبية السني والشيعي يتحول إلى نقمة وكارثة ووباء ، وإذا كانت أمريكا أخطأت في البداية فهي لم تتعامل معنا بطريقتنا وفضلت منهجها الديمقراطي فاسحة المجال للحديث والكلام في المباح والممنوع والمحرم ، لأنها كانت تعتقد إن الإنسان في الشرق هو الإنسان عندها وفي الغرب ، ولم يدر في خلدها إن عالمنا الإسلامي مليء بالعقد والأفكار الظلامية والنفاق ، وإن رجال الشرق المسلم هم ليسوا سوى مخبرين أو رجال أمن لا غير وليسوا هم رجال يعتد بهم ،أو يمكن التعامل معهم بروح المساوات والمسؤولية ، وليس لديهم طرح يوثق به في مجال البناء والإعمار والتنمية .
فالفساد في ظل هؤلاء الرجال زاد والرشوة والمحسوبية والفلتان ونقصان الشعور بالمسؤولية والكرامة ..
السُنة والشيعة مذهبان سياسيان نشئا في زمن البحث عن السلطان أي في زمن الإنتقال للحكم الإمبراطوري وجودياً مع الأمويين ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا ، ولذلك فهما أبعد ما يكونا عن الإسلام - أعني السُنة والشيعة - وصفة الأبعد صفة إقتضائية ترتبط في العنوان العام للإسلام في جوهره وفي رؤيته للحياة وللناس وللكون ، وهذا القول منا تعضده التجربة ويفسره الكتاب المجيد في أكثر من نص وفي أكثر من موقع .
والفتنة صفة مشتركة بينهما وأرتباطها بهما أرتباط وجود وعدم ، نجد هذا في كلامهم الفقهي والعقدي ولك أن تقول إن تاريخهم مليء بكل ماهو قبيح من فضاعات وقتل وتآمر ودماء ، هم الفتنة في ما يشيعون من أقوال وفيما يتبنون من معتقدات ولهم يُنسب كل فعل فيه ظلم وعدم حيادية وموضوعية ، ولهذا فمن الحكمة للجميع إن يقرأ عنهما في مدوناتهم التاريخية وفي تراثهم الذي يُنشر بين الفينة والأخرى ..