Tuesday, March 4. 2008
الخالق واحد, هو الله سبحانه وتعالى, لكن خلائقه من بني آدم يتفاوتون ويتباينون في سعيهم الدائب أبداً لتعمير هذه الحياة أو تدميرها.
وحيثما يلتفت الإنسان اليوم ناظراً إلى هذا الخلق, سيجد فيهم من يحيا الحياة ويسعى لحفظها في الحاضر والمستقبل, من أمثال الأوروبيين الغربيين, ومنهم من يحياها بالدم والقتل, متفانياً في تدمير الخلق, وكأنه يرى في نفسه عزرائيل دنيوياً, أقسَم أن لا يجيد سوى صناعة الموت للآخرين, وهم العرب - المسلمون.
إن سعي الأوروبيين أو الغربيين بشكل عام, مع احتفاظ الأميركيين بقصب السبق في هذا الشأن, لحفظ الحياة وتطويرها حضارياً يتمثل في المئات من الشواهد الحياتية, فإليهم يعود فضل إطالة المدى الزمني للإنسان, حيث وصل متوسط العمر للإنسان اليوم، فيما لو تلقى التطعيمات الطبية الوقائية منذ لحظة ولادته, إلى السبعين عاماً, بعد أن كان متوسط العمر لا يتعدى الـ35 عاماً, وكذلك الأمر مع انخفاض نسبة وفيات المواليد, والقضاء على مختلف الأمراض, بل ولا يزال الطب الغربي العلماني يوفر الأدوية لمرضى ما كان لهم أن يعيشوا عمراً أطول لولاها, تأتي على رأسها أدوية علاج مرض السكري وسيولة الدم والضغط, ولولا الغرب, لأصبح العالم جثثاً تملأ المقابر. واليوم تورد الصحف لنا الأنباء بالجهود الغربية لـ"حفظ 100 مليون بذرة زراعية في قبو عند القطب الشمالي تفادياً لانقراض أنواعها في العصور التالية"، ويتم حالياً تحضير عينات من آلاف الأنواع الأخرى في محاولة من المنظمين لإدخال عينات لكل نباتات العالم. وقد تم حفظ هذه البذور في قبو مكون من ثلاث غرف على عمق 125 متراً داخل جبل قريب من النرويج, وفي درجة حرارة تبلغ 18 درجة مئوية تحت الصفر. وستبقى هذه البذور في مأمن لمدة 200 عام بعيداً عن كل الكوارث الطبيعية المحتملة في مستوى مياه البحر. وقد افتتح رئيس الوزراء النرويجي هذا المشروع, بالتعاون مع عالمة البيئة العالمية وانغاري ماتاي، التي استهلت الافتتاح بقولها "هذا الاهتمام الكبير بمشروع قبو البذور يدل على أننا معاً نغير طريقة تفكيرنا في الحفاظ على البيئة".
ولننظر الآن إلى الصورة "النجاتيف" من هذا المنظر, أقصد نحن العرب والمسلمين حول العالم, والذين يمثلون اليوم عبئاً وعالة على الغرب, ماذا يقدمون للعالم اليوم؟ باختصار شديد يقدمون صناعة الموت سعياً وراء الحور العين في الجنة, غير عابئين بقتل الأبرياء من النساء والرجال والأطفال. ومدمرين الحياة القائمة. وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد, بل نصرّ إصراراً عجيباً على إشغال الناس ولأطول مدة ممكنة بقضايا الموت, وكأننا نسعى إلى إهلاكهم وهم أحياء. في مثل هذا التفكير المهلك لكل ما، ومَن يعيش على الأرض, بما يشغل الناس عن التفكير في حاضرهم ومستقبلهم، وللأسف أن تتم هذه الجرائم باسم الإسلام... وضد المسلمين, وكأن هذه الأمة التي تمتد من المحيط إلى الخليج قررت أن تعيش على الدم ومن أجله. لا خير فينا لأنفسنا ولا للآخرين. بمعنى "لا من خيرنا, ولا من كفاية شرنا"!
نعم، الخلق واحد في الشكل, لكنهم يتفاوتون في طريقة خلافة الله في أرضه, ولاشك أن المسلمين لم يفهموا، وربما لا يريدون أن يفهموا, إلى الآن أن خلافة الله في أرضه تعني الحياة، وليس التلوث الدائم بالدم.
|