Sunday, November 25. 2007
يظهر أن موضوع الإيمان هو الحق الأول ,
إذ أن الإيمان هو ما نُدعى إلى الإيمان به , ونحن ندُعى إلى الإيمان بما يختص بالألوهية التي هي الحق الأول فقط ,
وإلى الإيمان بما يختص بناسوت الطبيعة وأسرار الوجود وحالة المخلوقا ت ,
فإذن الحق الأول وحده هو موضوع الإيمان ,
والإيمان والكفر يتعلقان بواحدٍ بعينه لتقابلهما ,
والكفر يمكن أن يتعلق بجميع ما ورد في القرآن الشريف ,
لأن من ينكر شيئاً من ذلك يُعتبر كافر ,
فالإيمان هو ما يتعلق بجميع ما ورد في القرآن الشريف ,
فموضوع الإيمان هو الحق الأول فقط ,
وأيضاً الحق المخلوق , والإيمان يهدي للحب والخير الأعظم وهو داع بإتجاه القرب منه وهذا التصور يمكن الإجابة عنه حتى لا يقع المرء في أشكال.
إن موضوع كل ملكة إدراكية يتضمن أمرين :
الأول:
ما يدرك إدراكاً مادياً وهو بمنزلة الموضوع المادي وما به يحصل الإدراك وهو علة الموضوع الصورية .
كما ان ما يعلم في علم الهيئة علماً مادياً هو النتائج , وعلة العلم الصورية هي وسائط البرهان التي تدرك النتائج ,
الثاني:
الذي يجب ان يصدقه الإيمان فهو ما يترشح عن الإيمان الأول ,ونعني به كل شئ صادر عن المولى سبحانه وتعالى ومن ذلك النبوة :
التي هي الخبر الصحيح الصادق الواردة بلسان من يدعي أنه نبياً من قبل الله سبحانه وتعالى ,
فأرادة العلم وتصديق هذا المعلوم إنما يتعلق رتبة بالأرادة الأولى التي هي في الأساس فيض منه .
ومن هنا فكل أمر يصح بنسبته إلى الأيمان حيثما يحقق الشرط الموضوعي بمعنى الأيمان بصورته التجريدية ,
وهذا هو سرّ مبحثنا هاهنا , فنحن لانفرق بين كون الأيمان بالله ومما يترشح عن الله من موجودات مادية تدل على وجوده فهي من سنخه ومن أرادته المتصفة به .
وهذا الإيمان فإنا إذا أعتبرنا فيه علة موضوعه الصورية فهي ليست إلا الحق الأول , فإن الإيمان الذي عليه كلامنا لا يصدق بشئ إلا لأنه موحى من الله .
فهو إنما يستند إلى الحق الأول على أنه الواسطة أما إذا أعتبرنا ما يصدق به الإيمان من الوجه المادي ,
فهو ليس الله فقط بل أشياء أخرى كثيرة إلا أن هذه الأشياء لا يتعلق الإيمان إلا من حيث نسبتها إلى الله أي من حيث أن بعض معلولات الألوهية تعاون الإنسان على الميل إلى التمتع بالله ,
ولهذا كان موضوع الإيمان لا يتعلق بشئ إلا بأعتبار نسبته إلى الله على نحو ما الحق الأول من حيث هو ,
يقول الركابي : لأن المدركات توجد في المدرك بحسب طريقة العقل في إدراكه أن يدرك الحق بوجه التركيب والتحليل , فما كان في نفسه بسيطاً يدركه العقل بنوع من التركيب ,
كما أن العقل الفعال بعكس ذلك يدرك بالبساطة ما هو مركب في نفسه إذ تقرر ذلك جاز أن يعتبر موضوع الإيمان من وجهين :
الأول : من جهة الشئ المؤمن به وهو بهذا الإعتبار شئ غير مركب أي الشئ الذي يتعلق به الإيمان .
والثاني : من جهة المؤمن وهو بهذا الإعتبار شئ مركب تركيب القضية وعلى هذا فكلا القولين كان صحيحاً عند الأقدمين وكلاهما حق من وجه ,
ولكن ليس تعلق القوة أو الملكة أو الفعل بشئ إلا بواسطة علة الموضوع الصورية ,كما لايرى اللون إلا بواسطة النور .
ولاتُعلم النتيجة إلا بواسطة البرهان , وقد مر أن علة موضوع الإيمان الصورية هي الحق الأول.
فلا يمكن إذن أن يتعلق الإيمان بشئ إلا من حيث أندراجه تحت الحق الأول.
الذي يمتنع ان يندرج تحت باطل كما يمتنع اندراج اللاموجود تحت الموجود لأمتناع تعلق الإيمان بشئ باطل .
ولأن الحق هو خير العقل وليس خير القوة الشوقية كانت جميع الفضائل المكتملة العقل تنفي الباطل ولأن شأن الفضيلة يتعلق بالخير فقط ,
ولأن مدلول الإيمان هو تصديق العقل بما يؤمن به . والعقل يصدق بشئ لوجهين .
أولاً : لأنه يتحرك إلى ذلك من نفس الموضوع الذي هو ؟
وأما معلوم بنفسه كالمبادئ الأول التي هي موضوع التعقل واما معلوم بغيره كالنتائج التي هي موضوع العلم ,
وثانياً : ليس لأنه يتحرك تحركاً كافياً من موضوعه بل لأنه يتحرك بنوع من الإنتخاب يميل به أختياراً إلى وجهة دون أخرى ,
فإن حدث ذلك مع ريب وخوف من الجهة الأخرى فهو الرأي وأن حدث مع يقين دون خوف من الجهة الأخرى فهو الإيمان , والأشياء التي تشاهد بالعيان هي التي تحرك بأنفسهاعقلنا أو حسناً إلى إدراكها ,
وبهذا يظهر عند الركابي أن المشاهدات بالحس أو بالعقل لا يتعلق بها لا الإيمان ولا الرأي ,
وهذا يدفع على أن كل علم يحصل عن مبادئ بينة بأنفسها وما كان بيناً بنفسه فهو مشاهد ,
فإذاً كل ماهو معلوم يجب أن يكون على نحو ما مشاهداً ويمتنع ان يكون شئٌ واحد بعينه موضوعاً لإيمان آخر ,
على أن ما يدُعى جميع الناس بالإجمال إلى الإيمان به هو بالإجمال غير معلوم وهذا ما يتعلق به الإيمان مطلقاً فالإيمان والعلم إذن متحدين موضوعاً ,
بل أنه ممكن كون حكم العقائد الإيمانية في علم الإيمان كحكم المبادئ البينة بأنفسها في العلم الحاصل بالفطرة .
وهي مترتبة بحيث يكون بعضها مندرج ضمن بعض حتى انها كلها ترد إلى هذا المبدأ يمتنع الجمع بين الإيجاب والسلب ,
ويقول أن الوجود الألهي يندرج فيه كل ما نعتقد انه موجود في الله منذ الأزل مما تقوم به سعادتنا ,
والإيمان بالعناية المندرجة في ما يوليه الله في الزمان لخلاص الناس مما هو السبيل ,
فالإيمان بولادة المسيح عيسى (ع) يجب ان يتم عبر التفريق بين العلة الفاعلة والعلة المادية ,
فإذا أعتبر ترتيب العلة الفاعلة فالأكمل هو المتقدم طبعاً ,
وبهذا الأعتبار يقول أن الطبيعة تصدر عن مبادئ كاملة لأن الأشياء الغير كاملة لا تبلغ الكمال إلا بواسطة أشياء كاملة سابقة ,
وإذا أعتبر ترتيب العلة المادية فالأقل كمالاً هو المتقدم ولهذا الإعتبار تصدر الطبيعة من غير الكامل إلى الكامل ,
والله في مقام الإيمان بمنزلة العلة الفاعلة الحاصل لها العلم الكامل منذ الأزل .
والإنسان فيه بمنزلة المادة القابلة تأثير الله الفاعل ,
فلزم أن تكون معرفة الإيمان في الناس صادرة عن غير الكامل إلى الكامل على أنه وإن كان من الناس من أعتبروه بمنزلة العلة الفاعلة لأنه كان (ص) معلم الإيمان
ولأنا نعتقد في الله بالإيمان لم يستطع أصحاب الشك أن ينظروا فيها بالعقل الطبيعي , كاعتقادنا بعنايته وقدرته ووجود عبادته وحده وهي جميعها مندرجة في عقيدة وحدانية الله .
وهذا هو اللذيذ بالحقيقة لأنه كمال الوجود العقلي وخلوصه من شوب , العدم لأن الإيمان منه معشوق حقيقي في الكمال الأتم الواجب لأنه حقيقة الوجود المتضمنة لجميع الجهات الوجودية ,
على أن سعادة كل قوة بنيل ماهو متقضى ذاتها من غير عائق لأن كمال كل ما هو من باب نوعه وجنسه ,
الركابي يرى ان كمال الإيمان هو حصول القوة النفسانية المناقضة له , ويقول لأن له بحسب ذاته العقلي وصول إلى العقليات الصرفة وصيرورتها للصور الألهية ونظام الوجود ,
وهيأة الكل من لدن الحق الأول اللدني الوجود من الحق المخلوق ,
والإيمان لايتحصل إلا بانفعال كل من النفس والبدن عن صاحبه فقد تحمل عليه فتقهره تأييداً من الله وملكوته ,
وقد تسلم اليه فتنقهر به بواساطة تلبيس الوهم منه عليها ,
وبالجملة الإيمان تابع للمشاهدة وحيث يخفي قدر المشاهدة يصغر قدر البهجة به فكذلك حالنا في الإيمان الذي نعرف وجوده ولا نتصور مشاهدته ذاتاً .
ويقول : لكنا نعلم أنه متى ما ذكرنا الله وفرحنا بذكر صفاته العليا وأفعاله العظمى وكيفية ترتيب الوجود منه تعالى على اليق نظام وأحسن ترتيب على إتساق ودوام وكمال وتمام ,
فذلك مما يدل دلالة واضحة من جهة المناسبة على أن تنال من الإيمان ,
وهذا حسب مايراه : صدر المتألهين في الأسفار العقلية .
وهذا كله في الإيمان أما الكفر العقلي :
وهو أشد الأنواع حطة لأن الكاسب منه لنفسه تارك للجهد مما يكتسب بالفعل من العقل لفقدانه القوة الهيولانية وحصول ملكة الإنحراف والصور الباطلة المخالفة للواقع ,
والقول على العصبية والجحد وهو ناتج عن عدم في إنكشاف الصور العلمية لأسباب هي .
أولاً : نقصان في جوهر النفس وذاتها قبل أن تتقوى , ولأنها لا تتجلى بها المعلومات لنقصانها وكونها بالقوة ,
وثانياً : خبث جوهرها وظلم ذاتها ككدورة الشهوات والتراكم الذي حصل على وجه النفس من كثرة المعاصي , لأن حركة أو فعل وقع منها في حدث ذاتها أثر منها ,
وثالثاً : أن تكون معدولاً بها من جهة الصورة المقصودة والغاية المطلوبة , لكنها ليست مما يتضح فيه جلية الحق لأنها ليست تطلب الحق ولم تحاد شطر المطلوب , فلا ينكشف لهم فيها إلا ما توجهت إليه هممهم من تصحيح صورة الإعتقاد ,
رابعاً : الحجاب المرسل فإن المطيع القاهر للشهوة المتحري للفكر القاصد لتحصيل العلم قد لا ينكشف له حقيقة المطلوب الذي قصده لكونه محجوباً عنه ,
خامساً : الجهل بالجهة التي يقع الشعور بالمطلوب والعثور على الحق المقصود ,
فإن طالب العلم ليس يمكنه تحصيل العلم بالمطلوب من أي طريق كان بل بالتذكير المعلوم والمقدمات التي تناسب المطلوب ,
وبالجملة فالكفر والإيمان حقائق ممكنة الحدوث
متعلقة بثلاثة أشياء وجوداً وعدماً :
1- الطبيعة مصدر الوجود وعلته المؤثر فيها القوى النفسانية المخلوقة .
2- الوجود في القدم على العمومية والخصوصية وتقسيم الكل إلى واجب وممكن وعليه فالإيمان بهذه الأمور الثلاثة إيمان بفاعلية العقل على تحديد الدور الإيجابي أو السلبي أو الأثنين معاً
في ذات الشئ الذي هو لا يخلو أما أن يكون مخلوق أو أولي ,
والإيمان واجب على الأثنين بنفس الدرجة لكنه للأولي أصل لأنه مصدر الفيوضات وهو منه تترشح الفاعليات الأخرى .
3- العقل يدرك الوعي على أنه متقدم بالقوة والفعل عنه ,
وإلا لزم ثبوت المدرك قبل الإدراك ,وهو ممتنع إذ أنه لا يتحصل إلا بالضمير وهو منه أقرب إلى التصديق لأنه الجهة العليا من ملكوت الله ,
وذلك يأتي بعده لا أن الوجود هو الحكم إذ أنه أيضاً متأخر في مقام الفهم العام ومبادئ الطبيعة العامة تؤكد ذلك وتقول به ,
بل العقل لا يرى بأس في ذلك ومن المشاهدات يستأنس لتوكيد الفعل في المقدمية عليه منه ,
وهنا يجب أن نوضح الإيمان بالذات كما هو عند المسلمين ,
إذ هو التصديق با لله وحده , وصفاته , وعدله , وبالنبوة , وكل ما جاء به النبي (ص) والأنبياء والرسل (ع)
وهذا الخواجة نصير الدين الطوسي يقول :
أن الإيمان عبارة عن التصديق بهذه الأمور مع الإقرار باللسان قال ولا يكفي الأول لقوله تعالى وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم )
حيث أنه أثبت للكفار التصديق القلبي مع جحودهم بها بألسنتهم ولا يكفي الثاني لقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا )
ولقوله تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين)
ففي الآيتين أثبت لهم التصديق باللسان ونفى عنهم الإيمان .
وكلامه في قواعد العقائد ينص على أنه عبارة عن التصديق بالقلب ,
قال : إن أصول العقائد عندنا ثلاثة ,
التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته , والعدل في أفعاله , والتصديق بنبوة الأنبياء جميعاً لانفرق بين أحدٍ منهم ,
ولم يعتبر الإقرار شرطاً فيه لقوله تعالى : ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) ولقوله: ( ولما يدخل الإيمان في قلوبهم )
فمن هاتين الأيتين يستفاد أن محله القلب بدون شئ آخر,
نعم يكون الإقرار باللسان كاشفاً عنه في الغالب والعمل بالطاعات من ثمراته ولوازمه ,
ويقول الشهيد الثاني في حقائق الإيمان :
هذا ليس ببعيد أن يكون أعتبار الإقرار شرطاً فيه عند القائلين بذلك منا بأعتبار أنه كاشف عنه في الغالب لا من جهة أنه داخل في حقيقته , ولا سيما بملاحظة بأن المعتقد بوجود الله ووحدانيته ورسله ,
إذا مات قبل أن ينطق بالشهادتين أو منعه مانع عن النطق بهما لا يلزمون بأنه كافر ,
وكما قلنا يمكن أن يكون الإقرار شرطاً في تحقق الإيمان ظاهراً ويكون كاشفاً عن واقع حاله ,
ولكن الحسني في كتابه الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة يقول أن:
الحكم عليه بالإيمان ظاهراً موقوف على الإقرار بما أعتقده وأطمأن به , لأن التعبير عما في النفس لا يكون في الغالب إلا بالكلام , ومهما كان الحال فالذي ذهبت إليه أكثر الأمامية من المتقدمين منهم والمتأخرين أنه عبارة عن التصديق بالقلب وليس الإقرار باللسان جزءاً من حقيقته ,
وكلهم متفقون على أن العمل بالطاعات وترك المحرمات ليسا من أركانه ولا يتوقف عليهما ,
وقد ذكر الشهيد الثاني , بعض الأيات والروايات المؤيدة لذلك وفي بعض الأيات وردت الأعمال معطوفة على الإيمان والعطف مقتضى للمغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ,
وإضاف إلى الأيات وروايات الإجماع : قال ,
أن الأمة أجمعت على لأن الإيمان شرط لسائر العبادات والأعمال المقربة من الله سبحانه ولو كان العمل بالطاعات من أركان الإيمان لزم أن يكون الشئ شرطاً لنفسه ,
فقد جاء في رواية محمد بن مسلم عن الأمام الصادق (ع) قال :
( سألته عن الإيمان فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وإقرار بما جاء من عند الله وما أستقر في القلوب من التصديق بذلك فقلت له :
أليس الشهادة عملاً ؟ قال بلى ! قلت , العمل من الإيمان ؟ قال : نعم ! لا يكون إلا بعمل والعمل منه , ولكن هل الإيمان متحد مع الأسلام ؟
أختلف الأمامية في القول به فقد جاء في أوائل المقالات للشيخ المفيد ما نصه :
( واتفقت الأمامية ان الإسلام غير الإيمان , وأن كل مؤمن مسلم , وليس كل مسلم مؤمن , وأن الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان , ووافقهم على هذا القول المرجئة وأصحاب الحديث , واجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك , وزعمو أن كل مسلم مؤمن , وانه لا فرق بين الإسلام والإيمان في الدين )
وقد نسب إلى المحقق الطوسي قوله : بأتحاد الإيمان والإسلام , مستدلاً بما جاء عن الرسول (ص) أنه رتب احكام الإسلام على من أقر بالشهادتين بمجرد إقراره بهما , ما لم يعلم ذلك المقر تسهيلاً على الناس ودفعاً للحرج , وأيد أتحادهما حقيقة بقولة تعالى :
( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )
والإستدلال بهذه الأيه إنما يصح بناء على أن ( غير) بمعنى الإستثناء المتصل المفرغ , وعليه يكون حاصل الكلام ,
( فما وجدنا فيها من بيوت المؤمنين إلا بيتاً من المسلمين )
الأية , ولا بد أن يكون المستثنى المتصل من جنس المستثنى منه ومن مصاديقه ولازمه أتحاد المؤمن والمسلم إذ لا يمكن في المقام فرض عموم المستثنى , كما وانه لم يقل أحد بأن الإيمان أعم من الإسلام ,
والظاهر أن الأستثناء الوارد في الأية لا يدل على أتحادهما , ويكفي من صحته تصادق المستثنى والمستثنى منه على هذا الفرد ,
ولا ينافي ذلك كون الإسلام أعم من الإيمان , وقد رجح الشهيد الثاني أتحادهما
وعليه أتضح للركابي :
أن ما قدم له من بحث ضرورة التلازم بين العقل والإيمان فلا يصح وجود أحدهما دون الأخر ,
فالعقل يدعو للإيمان لأنه يوفر العلم والعلم بطبعه الذاتي لا يتوفر وجوده في الخارج عملياً ونظرياً دون توفر وجود العقل وهو ما يدعو للإيمان من كونه متعلق بشرطه ,
وأيضاً أتضح أن الإيمان له مراتب بحسب الوجود فما يعنينا هو الإيمان بالحق الأول الذي يرشد من باب المقدمية إلى الإيمان بالحق المخلوق مما يولد في النفس طريقتين فيه أحدهما إيجابي والأخر سلبي ,
وهما معاً يكونان العمل بما ينفع السلوك العام فرداً وجماعة وقد أستهدينا في ما توصلنا إليه حسب قانون العلية ضمن الدليل الفلسفي والأستقرائي في الحكم على الموضوع وعلته !!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنتهينا من البحث الأول من مباحث كتاب رسالة في التوحيد والسياسة
ويليه البحث الثاني ويشتمل على ثلاثة مباحث
الأول : فلسفة الحق الأول وفيه فصول ,
والثاني : فلسفة النبوة وفيه فصول,
والثالث : فلسفة الأمامة .
|