خيار هوبسون بإختصار يرجع إلى توماس هوبسون حيث كان يعمل فى اسطبل لتأجير الخيول، وكان يتيح لزبائنه ما هو متاح من الخيول بالقُرب من باب الإسطبل وإلا فلا خيول للإيجار، وبذلك لا يكون أمامهم سوى اخذ ما تم فرضه عليهم أو الرفض تماما. وبذلك يكون خيار هوبسون هو خيار ما بين ما هو متاح او لا شئ.
تظهر هُنا الازمة فى تحديد البدائل وحصر الإختيارات.
ولذلك نطرح سؤال بديهى:
من صانع بدائل الاختيار وصاحب عملية الاختيار فى الأساس؟
ينشأ خيار هوبسون من وجود سلطة تعمل جاهدة على حصر البدائل المتاحة للإختيار كى تكون الأقرب لها والاكثر ملائمة لمصالحها، وهذا إن افترضنا انها سلطة مستقرة بوسط مستقر لا يسعى للتغيير الجذرى فما بالك بسلطة تقاوم حركة تغيير تكاد ان تطيح بها كلياً. وبذلك يصبح خيار هوبسون أشد سوءاً من قبله، وذلك لانه من الممكن أن يُطرح سيناريوهات كإختيار سيناريوهات سيئة تجهض ما هو مأمول من تغيير.
ومن خلال ذلك نسترجع أول سيناريوهات انتخابات رئاسية فى ٢٠٠٥ وما دار بها حيث ايمن نور المحسوب على القوى المدنية الليبرالية اقوى منافسين مبارك آن ذاك،
ياتى هنا سؤال آخر،
هل القوى المدنية عامة والليبرالية بشكل خاص هى من قدمته كمرشح لها، ام وجدت تلك القوى نفسها امام خيار هوبسون الأسوأ فى أن تُجبر على خيار يجهض فكرتها وآمالها فى التغيير؟
هناك قاعدة تقول بأن الرضا بإختيار لا يحقق اى منفعة لأنه يهدر حقك فى الطعن على هذا الإختيار.
وعلى هذا توالت الأحداث إلى أن وقع إنفجار ٢٥ يناير ٢٠١١ كاد أن يطيح بقواعد اللعبة إلى أن أدركت القوة المضادة للتغيير من تيارات دينية راديكالية والعسكريين أن تعيد طرح خيار هوبسون الأسوأ مرات ومرات على المجتمع ومن ضمنه قوى التغيير المدنية، بدأت بإستفتاء مارس ثم بإنتخابات برلمان ٢٠١٢ ثم الإنتخابات الرئاسية ٢٠١٢ بين مرسى وشفيق ثم عزل مرسى وبعدها الإنتخابات الرئاسية ٢٠١٤ بين حمدين صباحى وعبدالفتاح السيسى. الإجراءات الديموقراطية التى تمت فى خلال عقد كامل من إنتخابات ٢٠٠٥ حتى إنتخابات ٢٠١٤ كلها غير أنها كانت إجراءات ديموقراطية، فقط إجراءات، إلا انه كان هناك قاسم آخر مشترك وهو ” خيار هوبسون الأسوأ “. حيث الإجبار على خيارات سيئة فى الأساس او لا إختيار.
مراجعة الأحداث والمواقف لها فائدة واحدة هى الملاحظة والتعلم والاستفادة من التجارب ولهذا وجب عرض ماسبق، وقد يكون خيار هوبسون السياسى الأسوأ ليس من صنع سلطة أو قوى تقاوم التغيير، بل من الممكن أن يصنعه قوى التغيير أنفسهم لأنفسهم بدون علم، وذلك بالإنحياز لأشخاص محدودين أو قضايا فرعية متجاهلين الأفكار والقضايا الأصل فى التغيير.
أزمة خيار هوبسون السياسى الأسوأ تكمن فى إجهاض فرص التغيير وجعل العملية السياسية تدور فى حلقة مفرغة لا تؤدى إلى نتائج جديدة، ومع التفكير فى كسر هذا الإطار يتوجب إستخدام آليات عمل جديده وهى بالفعل متاحة، وذلك لأن بكل بساطة من الصعب كسر إطار بأدوات من داخل الإطار نفسه قد تم إستخدامها من قبل، إضافة على ذلك توضيح شكل التغيير المنشود وربطه بإحتياجات المجتمع.