توقفت عن الكتابة في الشأن العراقي برهة من الزمن لكي أعطي لنفسي الوقت حين أحكم على الأشياء وكذا أنتظر هذا الصراع كيف يمكن معالجته و أرى ما يمكن فعله في هذه المرحلة من تاريخ العراق .
مع علمي المسبق بان حكام المرحلة قد فشلوا في تأدية وظائفهم حسب التعاليم التي طلب منهم داخلياً وخارجياً عملها ، وقد فشلوا كذلك في رسم خارطة طريق وصورة للعراق الواحد من دون طوائف وأحزاب فاشيستيه فئوية محلية ، كما إنهم لم يعملوا على ردع التآكل في بنية الجسد العراقي الممزق ، ولطالما كنا ننبه في غير مره إلى خطورة عراق المليشيا والمنظمات التي تفسد الروح العراقية وتقتل الأمل ببناء الديمقراطية حسب أصولها وتاريخها وثقافتها ، ولم يكن المالكي بقادر على التحدي الذي ألتزم به .
مع إننا في البداية قد أيدنا توليه للحكم عوضاً عن صاحبه الجعفري على امل منا وحسن نوايا في تهيئة الظروف الملائمة للخروج من الإشكاليات والأزمات التي كانت تتعاظم وتزداد بفعل البعض من المرضى والحاقدين ومن دول الجوار التي لا تريد للعراق التقدم والنمو والأزدهار بل إنهم جميعاً يعملون لتخريب وعي الناس وتخريب إرادتهم وشعورهم الوطني الواحد هم يريدون للعراق التراجع عن العمل الحر وعن الديمقراطية . صحيح ان العمل الديمقراطي كان شكلاً بدائياً ولم يحترم الكثير من النصوص القانونية والدستورية ولكننا مع العمل الديمقراطي حتى في هذا النحو السيء ، فنحن نعلم بمدى وحجم التجاوزات التي جاءت بهذه الحكومة سواء من خلال التضليل الإنتخابي والتعميه والسخرية بالعقل العراقي و الضرب على وتر الطائفية والفئوية الضيقة ، ونعلم كذلك نوع ومدى التضليل الذي أرتكب وأدى إلى جر المرجعية إلى ساحة عمل أسآءت لها ولدورها التاريخي في التربية والتعليم وزرع القيم والمثل الأخلاقية لقد أدخلت المرجعية دون ان تدري لتكون طرفاً في عملية لاتخدم مصالح المرجعية على المدى البعيد .
نعم لقد كانت حقبة تاريخية سوداء في التعاطي مع فعل الناخب وحريته ومع كل هذا وغيره فقد تجاوزنا من اجل تطوير الأداء السياسي والسماح للديمقراطية كي تجر معها المترددين والعابثين والذين لا يحسنون فن الحوار ، كان امل مشروع ان تنطلق الحكومة لتسد العجز الخدمي وتعمل لتطوير البلاد وأشعار المواطن بجدية التغيير وعلاماته ، وكنا نعطي دائماً العذر لهم فيما لوكان العمل ليس بالدرجة الممتازة ولكننا كنا سنقول ان الجهد كان كبيراً مع عظم التركه التي كانت هذا على المستوى المتوقع فيما لو عملت الحكومة وفق الروح الوطنية والحماسة الوطنية ، ولكن لما لم يكن ذلك كذلك كان واجباً علينا ان نقول للمالكي ان البلاد في شكلها الحالي هي أسوء من كل بلاد الأرض وليس من الحكمة ان تقبع في زوايا المنطقة اللاخضراء بعيداً عن كل هموم الشعب وكل احلام الشعب وتطلعاته ان هذا الوضع يجعلك تتحمل الوزر الذي سيتبع التفكيك فيما لو قررت امريكا الانسحاب وهي ترى أزدياد التطرف الطائفي والعدة التي يقوم بها كل طرف تحسباً للحرب الأهلية المحتملة .
وانا على يقين انك لاتدري ماذا يجري بالعراق غير الاخبار التي تنقل لك والتي تكون في العادة مبتورة أو مئوله وإنك لن تستطيع وضع الحلول لها في أحسن الحالات نقول هذا لكي تعلم ، إن العراق يجب ان يحيا بالعيش المشترك وبالتسامح ومد اليد وعدم الطغيان على أي مكون مهما صغر حجمه ، وأنت تدري ان الفشل والسقوط يأتي حين تغض الطرف ولا تستمع للنصح معتبراً ان الذي من حولك من أنصاف المتعلمين والجهلة هم القادرين وحدهم على ترويض التابعين ، ستكون غلطة العمر ان اعتقدت بهذا ، كما إن اللعب في الكلام السياسي ليس حكمة تنجي صاحبها ، وليس من الحكمة كذلك تحذير الفئات المعارضة بتعويض مناصبها لمن يقول نعم من نفس الفئة هذا عمل لست بمقدورك تحمله وهو مستهجن ، ولن يقبل عنك العالم الحر الذي يريد أفعالاً وليس مجرد أقوال وإذا كان الحبل ممدود منهم فلاتظن إنه سيكون إلى أمد بعيد فالناس هنا يحسبون على الرئاسة أنفاسها ومن غير المنطقي الرهان على الشارع كما فعل صدام والناس هم الناس كانوا قبل أيام يصفقون للجعفري واليوم هو عندهم نرجسي يحب السلطة وفاشل لم يفعل شيء وهو من أسس للعنف وكرسه هذا حديث من كان يصوره العبد المعصوم ، فلا تغرنك هتافات الضعفاء والمنافقين وأرباب السوابق ، بكل أمانه أريد لك ان تنجح واريد لك أن تحقق بعضاً من برنامج الحكومة ولكن الإرادة تحتاج إلى وضوح وشفافية وصدق وسنكون معك ان حفظت العراق من التفكيك وحفظته من الشياطين الذين يسرقون الأمن ويصادرون الحرية ويقتلون السلام ، وسنكون معك حين تكون قادراً على فك الأرتباط مع فرق الموت ومليشيا الفوضى ونحن معك قبل فوات الأوآن ، فلقد بلغ الفساد حداً لايجوز السكوت عليه حتى الأماكن الشيعية غدت مراكز للقتل والسلب والنهب ولا مجير ، كما أني ادعوك للعمل بعيداً عن الإعلام والتصريحات الطنانه التي تراكم الفشل وتجعلكم أقل قدرة على المناورة والحركة ، فلاتمشي حافي القدمين وأنت تعبر الطريق المليء بكل عسير