تواجه القرية العراقية مأزقاً حاداً وقد تراكم هذا المأزق وخصوصاً بعد الحرب التي نشأت وغيرت كل مناحي الحياة التنموية والاقتصادية والثقافية والحضارية وفق اساليب ومعايير لم تألفها من قبل وخلال السنين التي مرت لم تجد الزراعة في العراق من يهتم بها ويواجه مشكلاتها، بينما كانت الحلول تتجه نحو الحلول الجزئية،
من ناحية المحصول والانتاج والتسويق وحجم الارض وغيرها من المتعلقات الصغيرة.
لقد تعقد هذا المأزق الي الدرجة التي انكسرت فيها العلاقة التاريخية بين الفلاح العراقي وارضه الزراعية. لتشهد في السنوات الاخيرة تزايد معدلات الهجرة من الريف الي المدينة. بل تخطت الحدود الي التنمية الاقتصادية للبلد. وصار الفلاح يذهب الي المدينة ليشتري سيارة او بيتا. ويترك الارض وارتباطه بها لينسي بلحظات سنين العمل والكفاح والكسب الحلال.
ان انكسار تلك العلاقة التاريخية لابد لها ان تفتح اعيننا علي طبيعة المأزق الذي يزداد تعقيداً كل يوم. بما لذلك التعقيد من اثار في كل من الريف والحضر ولا ندري من المسؤول عن هذا التدهور اهو الفلاح ام الدولة ام المسؤولون في هذا الحقل؟ وبالطبع لابد من مواجهة هذا الوضع بصفة عاجلة. اي لابد من صياغة الاجراءات الضرورية لمعالجة مصالح الزراع. ونسمع شكواهم ونلبي احتياجاتهم ونجعل موازنة قوية بين المسؤولين والفلاح حتي نتلافي الخسارة في المحصول وفي الانتاج العام. ان معالجة مصالح الزراع يجب ان تكون عاجلة. في ذات الوقت ان ترفع العبء عن فقراء الفلاحين. ونجهز لهم الماكنة والبذور حالهم من حال اصحاب الحيازات الكبيرة. الذين يحاطون برعاية ودعم الاجهزة الزراعية وتمنع الهجرة من الريف الي المدن. او تقلل منها بعض الشيء. فالهجرة اصبحت امراً طبيعياً تكونت الفكرة عند الفلاح بفعل قوة الجذب الحضرية لاحتياجات النمو الصناعي والزراعي. فالقرية مثلاً بامكانياتها لا تتسع لنشر ورش صيانة الالات والسيارات او ورش انتاج الموبليا وتوفير المبيدات وغيرها من المواد التي تدخل في الزراعة. فتراه دائماً يبحث عن التجديد والتحضر. لمواكبة العصر الحديث. نحن نعرف ان الزراعة الواسعة ضرورة اقتصادية واجتماعية وتنموية ويجب مراعاة الفلاح من خلال الجمعيات او دوائر الزراعة. ومواجهة كل المخاطر التي يمكن ان تهدد الزراعة في العراق وتهدد الاقتصاد والوطني فالسوق الزراعية اليوم كلها من دول مجاورة سورية والاردن ولبنان واسعارها مرتفعة لانها مستوردة.
ما نريد ان نؤكده هنا هو ايجاد الحلول من قبل المسؤولين. واتخاذ القرارات التي تخدم الزراعة والفلاح والبدء بفكرة التجمع الزراعي لمعالجة مشاكل الفلاحين. في ذات الوقت حشدهم كقوة اجتماعية عاملة. كخدمة هذا البلد الغالي والنهوض به الي الامام.
خالد القرة غولي
جامعة الانبار ـ العراق