يطيب لي في هذا اليوم ان أبارك للطبقة العاملة في العالم أجمع عيدها السنوي ، كما يطيب لي أن أبارك لعمال العراق وهم يخوضون نضالات مستمرة لتحقيق العدالة والحرية والسلام ، وفي هذا اليوم نتذكر ما قدمه عمال العراق من تضحيات كبيرة ليكون الوطن صالحاً للحياة يعيش فيه الجميع متساوين في الحقوق من غير تمايز سياسي أو طبقي مفروض .
فالنضال الديمقراطي لعمال العراق كان يستهدف في الأساس خلق مجتمع التحرر والمدنية ، وهو نضال دائم السيرورة طالما كان ذلك ممكناً وواجباً وتتطلبه مبررات الحياة والوجود ، ولابد من التذكير هنا بسنوات الظيم والكبت التي عاشها عمال العراق تحت سلطة الدكتاتورية البائدة ، وكيف كانت تتم مصادرة حقوقهم الطبيعية العادلة ؟ ، ومن أجل هذا دخل الكثير منهم السجون والمعتقلات في الزمن البائد وأستشهد الكثير منهم .
لقد كانوا شركاء فاعلين في العمل السياسي والوطني ، هدفهم تغيير حال العراق وتغيير حال شعبه المضطهد وتحريره من العبودية والأستغلال ، لكن أماني العمال كأماني سائر العراقيين تلاشت وغابت مع غياب التوجيه وفقدان القوانين والسلطة والنظام ، وإنشغال النخب السياسية في البحث عما يعزز مصالحها الذاتية وسعيها للكسب الحرام من النهب والسلب المتعمد للثروات وللحقوق ، فخاب أمل العمال كما خاب أمل سائر المواطنين واصطدمت رغبات التغيير برغبات المتنفذين وسعيهم للسلب والنهب وتضييع الحقوق ، وبدى للجميع بان التغيير لم يكن سوى تراكم في الظلم وزيادة في المعاناة .
إننا نلاحظ بان البعض من سياسي هذا الزمن الرديء يسعون عن جهل أو بدونه لخلق مجتمع طبقي رأسمالي بغيض يلغي الحقوق ويخلق المجتمع المتفاوت الهش ، وهذا منا كلام في الواقع إذ لم نجد ما يؤوسس عليه في إقناعنا بان نظام الحقوق الصحية والضمان والتقاعد مكفول لكل عامل ومهما كان نوع عمله ، سواء أكان في مؤوسسات الدولة أو في القطاع الخاص ، كما لم نسمع عن تشريع يحمي حقوق العمال في الأعمال الحرة أو ذات الطابع الخاص .
نقول هذا ونحن نتذكر كلام الرسول الأعظم محمد – ص – في دعوته لحفظ حقوق العمال قبل ان يجف عرقهم ، ونقول هذا ونحن ننظر للعمال في الدول المتقدمة كيف تم لهم حفظ حقوقهم وحمايتها ؟ ، نقول هذا ونحن ننظر لما عليه حال عمال العراق من الخيبة والخسران ، وهذا منا دعوة لمن يهمه الأمر في أبداء حسن نوايا وعمل خالص نزيه يحقق لمن يعمل فيه عزته وكرامته ، وذلك يكون فيما لوحقق عمال العراق وجوداً فعلياً بالمؤوسسات التشريعية والتنفيذية ، وحسب علمي إن عمال العراق لم يكونوا قد حققوا شيئاً في هذا المجال ، وأقول : إن الدعوة لإحترام حقوق العمال ليس مجرد إحتفالية أو خطب وشعارات كما دأبت على ذلك دول عربية معينة ، لكن المهم هو تحقيق العدالة الإجتماعية ، وخلق مجتمع يعيش فيه الجميع سواء ، من دون تمايز على أساس المهن والعمل والرتبة الإجتماعية ، وذلك جزء من نضال شامل يجب ان تمارسه القوى الحية في المجتمع إن أرادت الحياة أو أرادت المستقبل .
مرة أخرى أقول تحية من القلب لكل عمال العالم في عيدهم وتحية لعمالنا في العراق ، وأملنا ان يتغير الحال إلى أحسن منه ...
راغب الركابي