ان السيطرة على كركوك من قبل سلطة اقليم الشمال، الذي يجري العمل على تاسيسة تمهيدا للانفصال عن العراق، يوفر مناطق تماس مع ثلاثة محاور رئيسية، الاول باتجاه العاصمة بغداد،
والثاني باتجاه الغرب صوب الحدود السورية باتجاه الموصل، والثالث باتجاه الشرق صوب الحدود الايرانية، عن طريق النقاط الحدودية في منطقة ديالى، وتحديدا عن المعبر الرئيسي (المنذرية) وهي منفذ مهم مع ايران.
اما اذا تحقق مايخطط له السياسيون الجدد (الذين امسكوا بمفاصل السلطة في ظل الاحتلال الاميركي) من تقسيم العراق الى اقاليم، فان مدينة كركوك، تحقق الاتصال بالاقليمين الرئيسيين وهما، اقليم المنطقة الغربية، عن طريق مناطق صلاح الدين المحاذية لكركوك من الجنوب الغربي، واقليم بغداد من خلال مناطق ديالى، ويوفر ذلك فرصة للانفتاح مستقبلا مع هذين الاقليمين، ولن تكن هناك اية صعوباتن في التواصل مع اقليم الجنوب، عن طريق مناطق ديالى المحاذية لعدة مناطق تابعة لمدينة كركوك.
لكن اذا فشل الاكراد في ضم مدينة كركوك الى الاقليم الذين يعملون على تشكيله، فان المناطق ذات الغالبية الكردية (اربيل، السليمانية، دهوك) تصبح في عزلة شبه تامة، ولن يتحقق غرض السياسيين الاساسي من الفدرالية، وهو الاستخواذ على الثروة النفطية الهائلة في مدينة كركوك ، ووجود مناطق تماس عديدة مع مناطق العراق (الفيدرالية).
يسكن مدينة كركوك خليط من القوميات الرئيسية الثلاث في العراق وهم التركمان، العرب والاكراد، كما يسكن فيها المسيحيون، وقطنها اليهود ايضا حتى بداية خمسينيات القرن العشرين، عندما تم تهجير غالبية اليهود العراقيين الى فلسطين خلال الفترة من 1949 الى 1951، ويتوزع السكان على الكثير من القبائل والعشائر الكردية العراقية، كما يسكن في كركوك مايزيد على اربعين عشيرة وقبيلة عربية، ولم تسجل اية نزاعات اوخلافات بين ابناء مدينة كركوك، الا ان السنوات الاربعة الماضية، وبعد احتلال العراق، حصلت الكثير من التوترات، بسبب ممارسات الاحزاب السياسية، التي تعمل على تنفيذ اجندة خاصة بها، وبالاتجاه الذي يخدم مشاريعها الرامية الى السيطرة على كركوكن والاستحواذ على ثروتها النفطية، والاستفادة من موقعها الجغرافي، وعلى الطرف الاخر، فان هناك الكثير من المخاوف والسعي لتغيير هوية مدينة كركوك، بهدف ضمها للاقليم الكردي، ويتم ذلك على حساب ابناء المدينة، الذين عاشوا فيها خلال مئات السنين، وتحاول العديد من القوى السياسية، اثارة الحساسيات بين المكونات الاجتماعية والعرقية في مدينة كركوك، ضمن برنامج مخطط له بدقة، ويهدف الى اشعال الفتنة بين مكونات المجتمع العراقي، الا ان العديد من القوى والشخصيات الوطنية، تبذل جهودا مضنية للمحافظة على العلاقات بين ابناء كركوك، بعيدا عن مشاريع السياسيين العراقيين الجدد ومخططاتهم، التي تهدف الى تقسيم العراق الى اقاليم، على طريق تمزيقه وتفتيته.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي