كشف تقرير حكومي أمريكي، صدر أمس، أن الولايات المتحدة أنفقت، حتى العام الحالي، 100 مليار دولار على المتعهدين الأمنيين في العراق،
في وقت كشفت تقارير إعلامية أن عددهم في البلد المحتل يصل إلى 180 ألف متعهد، مشكلين بذلك قوة عسكرية تفوق حجم الجيش الأمريكي هناك، فيما تبقى أدوارهم ومهامهم وحتى ضحاياهم في طي الكتمان.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادر مطلعة على تقرير “مكتب الموازنة في الكونجرس” أن واحداً من بين كل 5 دولارات أنفقت على حرب العراق، ذهبت إلى شركات التعهدات الأمنية، التي تقدم خدمات أمنية للجيش الأمريكي والأجهزة الحكومية الأخرى، في منطقة حرب، فاق فيها أعداد المتعهدين الأمنيين حجم القوات الأمريكية هناك.
وفاق اعتماد البنتاجون على المتعهدين الأمنيين في العراق، أي حروب أخرى خاضتها الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار تساؤلات قانونية وسياسية جديدة حول إذا ما أصبحت أمريكا أكثر اعتماداً على الجيوش الخاصة في حروب القرن الواحد والعشرين.
ووجد التقرير أن العقود التي قدمتها الحكومة الأمريكية للشركات الأمنية، خلال الفترة منذ عام 2003 إلى ،2007 بلغت 85 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة العقود الحالية التي تعمل إدارة واشنطن على إبرامها مع تلك الشركات، ما بين 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً، بحسب “نيويورك تايمز”. وبهذه الوتيرة سيفوق إجمالي تلك العقود 100 مليار دولار قبيل نهاية العام.
ومثلت قيمة العقود التي قدمت شركات التعهدات الأمنية (خلال 2007) 20% من الفاتورة الإجمالية للحرب في ذاك العام.
وأضاف التقرير أن اعتماد البنتاجون على المقاولين الخارجيين في العراق أصبح نسبياً أكبر من أي منطقة نزاع أخرى، وعزز من المزاعم بأن ذلك أدى إلى تضخيم في الفواتير وزاد من عمليات الاحتيال وإلى تنفيذ غير سليم للأعمال وعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخطر وفي بعض الأحيان إلى الموت.
كما أثار دور المقاولين الأمنيين المسلحين تساؤلات سياسية وقانونية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أصبحت فعلاً معتمدة بشكل كبير على الشركات المسلحة الخاصة في ميادين معارك القرن الحادي والعشرين، وما إذا كانت المفاضلة السياسية لعبت دوراً في منح العقود التي تبلغ قيمتها عشرات مليارات الدولارات.
وعندما بدأت الحرب، أصبحت شركة “كي آر بي” المتفرعة عن شركة هاليبرتون التي كان يديرها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني قبل أن يصبح نائباً للرئيس الأمريكي، أكبر شركة متعاقدة مع البنتاجون في العراق.وبعد سنوات عديدة من الانتقاد والتدقيق في دورها في العراق، قامت شركة “هاليبرتون” ببيع وحدة “كي آر بي” التي لا تزال أكبر متعاقد دفاعي وتستخدم حوالي 40 ألف موظف في العراق.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز تيفر، أستاذ مادة العقود الحكومية في كلية الحقوق التابعة لجامعة بالتيمور، وعضو اللجنة المستقلة التي أنشأها الكونجرس الأمريكي لدراسة العقود الحكومية في العراق وأفغانستان “هذه الحرب الأولى التي تخوضها الولايات المتحدة ولا يكون فيها العدد الأكبر من الأشخاص والموارد من المؤسسة العسكرية بل من المتعاقدين الخاصين”.
وأضاف تيفر “هذا غير مسبوق” حيث اعتبرت المسألة توجيهاً مباشراً من الإدارة لإبقاء عدد الجنود منخفضاً خاصة مع بدء الحرب، ووسيلة تم من خلالها تحويل الأموال واليد العاملة إلى المتعاقدين، إلا أن ذلك عرّض الجيش إلى أخطار كبيرة نتيجة المشاكل والانتهاكات التي خلّفها المتعاقدون.
ونقلت الصحيفة عن دينا لازور، الكاتبة والخبيرة المستقلة في عمليات التعاقد الاحتيالي، أنها تعتقد أن رقم 100 مليار الذي ورد في تقرير مكتب الميزانية قد يكون منخفضاً باعتبار أنه لم يكن هناك خلال السنوات الأولى للحرب تقارير تدقيق محاسبية يمكن الاعتماد عليها أو معايير لضبط الإنفاق.
وقالت لازور “هذا رقم صاعق، لكني مازلت أعتقد أنه لا يمثل الكلفة الإجمالية. ولا أعتقد أني وجدت يوماً أي أرقام حول الكلفة الحقيقية للحرب يمكن الاعتماد عليها. أنفق الكثير من المال في بداية الحرب ولا يعرف أحد إلى أين ذهب أو كيف أنفق”.(يو.بي.آي)