الغزال.. هذا الحيوان الجميل الذي تتباهي به الدول ان وجد علي أراضيها، وقسم جعله رمزه الوطني تغزل به العرب، وشبهوا المرأة الجميلة الرشيقة القوام بالغزال، وأطلقوا أسمه علي فتياتهم فكلنا سمع بـ.. رنا.. ورشا.. وريم.. وظبية،
واذا شبهنا سرعة هزيمة أحدهم من الميدان نقول عنه أنه في الهزيمة سريع كالغزال وفي العراق أسمينا السيارات السريعة بالغزال، و شبهنا لون سيارات الحمل الصغيرة الحمراء بدم الغزال..
الغزال جميل في حياته، وحين ينحر يقدم طعاما للأمراء والملوك أجمل ما فيه دمه اللماع الرائع، ولا تخلو جدران المعابد القديمة الآشورية والبابلية والسومرية من رسم للغزال.
وفي العراق أوجدنا أول محمية للغزال للحفاظ عليه وتكثيره، وأصدرنا القوانين لمنع صيده، ولشدة تعلقنا بالغزال يوجد لدينا عوائل تكني بآل الغزال، فمثلا لدينا الامام الغزالي.. وكذلك لا ننسي المرحوم ناظم الغزالي ولدينا الآن المطرب حسين غزال، بل أن أول أغنية اشتهر بها كاظم الساهر كانت أغنية الغزال.. أذن فالغزال يحتل مساحة شاسعة من الذاكرة العراقية.
قبل أيام زرت صديق لي يسكن منطقة جبل حمرين الشهيرة بغزلانها، ودار بيننا حديث طلبت منه أن يرافقني لمشاهدة الغزلان في الجبل، فحدّق في وجهي حزيناَ.. ثم قال بالحرف الواحد: (الظاهر) انك لست من العراق؟.. أجبته: ما هذا الكلام؟.. فقال: منذ عام 2004 ولحد الآن يتعرض الغزال العراقي الي حملة منظمة للابادة بدعم من دولة مجاورة للعراق حيث تدفع هذه الدولة 5000 دولار لكل مَن يسلمها غزال (أنثي) حية أو ميتة !!!!
وأستغل ضعاف النفوس من تجار الفرصة واللصوص فبدأوا بابادة الغزلان بصورة وحشية.. في كل المناطق التي تتواجد فيها الغزلان رغم منع الأهالي لهم، بل وصلت الحالة الي الاشتباك معهم أذا ما صادفوهم في البرية.. تصور أنهم يذبحون الغزلان ويسلمونها الي تاجر خليجي الذي يكون في انتظارهم في مكان متفق عليه وهو التاجر نفسه الذي يدفع مبالغ فلكية مقابل استلامه طائر الحر العراقي أو الصقر وهو أيضا نفسه الذي يشتري الابل العراقية ويقوم بتهريبها الي بلده.. ألا تري انها محاولة حقيرة لافراغ العراق من ثروته الحيوانية؟ فسابقا.. أيام الحصار كانوا يدفعون مبالغ طائلة مقابل تهريب الأغنام العراقية وتحديدا (النعاج) وكانت غايتهم تفريغ العراق من الثروة الحيوانية وخلق المجاعة بين أبنائه والحمد لله باءت نيتهم بالفشل الذريع و هاهم يعودون بصيغة جديدة أكثر خسة وحقارة ألا وهي المساهمة في ابادة الحيوانات النادرة في العراق والغزال خير مثال... الحقيقة تفاجأت.. فهل وصل الحقد من أبناء عمومتنا الي هذا الحد؟.. هل ما زالوا يعيشون عقدة الانتقام؟ ماذا نفعل؟.. مَن يتحمل مسؤولية سفك الدم العراقي، واراقة دم الغزال العراقي؟
أهو المحتل الذي جعل العراق (حايط أنصيص) و(خان جغان) وطريقا لكل من هب ودب
أم رجال العصابات المنظمة الذي ينفذون ما عجز عن تنفيذه أسيادهم مقابل دولارات قذرة.. وماذا حدث لأبناء عمومتنا أ يعقل أن يكونوا علي هذا المستوي من الغباء؟..
هل يحسبون حالنا كنا جمالاَ (فأستنوقنا)؟؟
أم أن حالهم كان كراعا فصاروا اليوم ذراعا؟؟
وهل يظنوننا بهذا الضنك كي يميلون بنا كما يشتهوا؟
وكيف غابت عن بالهم الذاكرة العراقية؟..
نحن لا ننسي.. لا ننسي أبدا.. مَن أحبّنا.. ومَن آذانا !!!!!
هل الحلم والصبر العراقي مستهان لهذه الدرجة في عيونهم؟
انني أوجه كلامي لعقلائهم فقط (ان كان فيهم من يعقل).. اياكم والغرور.. واياكم من غضبة الحليم اذا غضب..
واثق الغضنفري