سنتكلم هنا بوضوح عن الفساد الأداري عن مسبباته النفسية والإجتماعية والثقافية ، ولماذا ينتشر في الأوساط الأقل نصيباً في التربية والتعليم ؟ وماذا يعني بالنسبة للناس حين يُغرر بهم ؟ ولماذا ينتشر بصورة فضيعة في عراقنا الجديد ؟ .
الحق والحق أقول
إن سبب الفساد لم يأتي من فراغ بل إنه يرتبط أرتباطاً مصيرياً له بطبيعة النظام السياسي للحكم ، ونعني بذلك حين يتولى مقاليد الأمور أناس تعوزهم الكفاية والقدرة والتعليم وينقصهم الصدق والنوايا الخيّرة والتربية الصالحة ، وهذه الصفات مرتبطة جدلاً بنوعية الرجال الذين يُعهد إليهم بالمسؤولية وكلما كانت الصفات مطابقة لهذا الوصف زاد الفساد وأستشرى ، وكلنا يدري ان المسؤوليات في بلادنا لم تؤخذ حسب الموصفات القانونية المعمول بها لدى الدول التي تحترم نفسها بل جاءت ضمن مبدأ المحاصصة السيء الصيت ، ولذلك لايعتمد من بيده السلطان في إختيار من حوله من حاشية وموظفين على درجة الوعي والمواطنة والتعليم والثقافة و الوضع الإجتماعي بل على الولاء للتنظيم ولرجال التنظيم وكم له من القدرة على التزييف والخداع والكذب وكم له من !! ، وإذا كنا نئن ويئن العراق كله من طريقة و مشروع البعث وصدام في الحكم فأن ذلك كان بسبب إنه قدم للناس صغار الرجال في الرتبة والكفاءة وحُسن التدبير ليكونوا حكاماً ومتنفذين ، والحال كما أرآه هو نسخة بدل عن ذلك الوضع التعيس فلازلنا نعيش الهم أضعافاً من خلال جوقة من المهرجين والفاشلين وذوي السوابق والملطخة إيديهم بدماء الأبرياء ولازال ذلك المنهج هو السائد بل هو المفضل .
وحين نكتب عن هذا ذلك لأن البعض ممن حصل في غفلة الأيام على مكان لم يحلم به يستغل مكانه الذي وضع فيه ليدعي إنه القادر على كل شيء والقادر على ذبح المعارضين وقتلهم والقادر على طرد الأمريكان ، متجاوزاً على قيم العراقيين ومعيداً لهم في الذاكرة ماكان يعمله الرعاع من حقبة الماضي التعيس ، وما لفت إنتباهي ان هذا النفر من بلوى العراق الجديد يتجاوز الرُتب في المسؤولية والصلاحيات مستغلاً جهل وبساطة الناس الفقراء وحُسن نواياهم مدعياً إنه القادر على حل مشاكلهم ، مع إننا نعلم إن في العراق مجلس للنواب وفيه أعضاء منتخبين مهمتهم الرئيسية هي الدفاع عن المناطق التي إنتخبتهم ، فهم في ذلك وكلاء شرعيين بحسب الدستور ، وهذا يعني إن أي إستغلال للسلطة تحت كل الظروف مرفوض ويحاسب عليه من أقترفه ، ولايظنن كائناً من يكون إن الناس تنسى ماوقع عليهم من ظلم وفساد وتعاون مع الغير في سبيل تحقيق ( فشخره كذابه ) على البسطاء من شعبنا النبيل ، وإذا كنا نغض الطرف عن هذا في الفترة الماضي وذلك لأننا لانريد تحميل الشعب أكثر مما يحتمل ، ولكن حين يتجاوز المفسدون حدود الأدب والصلاحيات ويعتبرون ان المناصب التي هم فيها من صنع يديهم فهذا مالايجوز السكوت عنه ، وليعرف الجميع حجمه ووزنه الإجتماعي والثقافي والإخلاقي ، إن العراق يجب ان يتحرر من كل فساد ومن كل سوء وهذا ليس أُمنية نرغب بها بل هو عمل كل الخيرين من أبناء شعبنا المغلوب وهو ولاشك رؤية العالم المتمدن لعراق جديد ليس فيه للمحسوبية نصيب طالت الأيام أم قصرت ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) وسيعلم من يستغل الناس بالكذب والأفتراء وبالغش ان فترة السبات زائلة وان عقل العراقيين لايموت ، وهذا يستلزمه تغيير وتطوير في ثقافة الناس لكي تخرج من دور الخديعة والتضليل وتتعرف على حاجاتها ومتطلباتها وحقوقها بنفسها ، فلقد كشفت الأيام كيف يتم خرق المواثيق والعهود ؟ وكيف يتم التشهير برفقاء السلاح ؟ إننا من منطلق حرصنا الأكيد على سلامة المستقبل وتطهير دوائر الدولة ومؤسساتها من المفسدين والفاشلين والجهلة ، من خلال إعادة ضبط للقواعد الضرورية فيما يجب عمله وإختياره لكل منصب مهما كان بسيط ، كي لانقع فريسة لذوي النفوس الصغيرة لتجاوز القانون والنظام ، فالديمقراطية تفترض بل توجب ان يلتزم الجميع بحدود صلاحياته فقط ولايتدخل بما لايعنية ، كما يجب على الناس ان تتوجه في مطالبها إلى من انتخبوهم من اعضاء البرلمان فهم المخولين وحدهم نقل مطاليبهم للدوائر التنفيذية ، فلقد ولى زمن صدام وعبد حمود ومن يتشبه بهم ، وهذه نصيحة لمن تسول نفسه ان يعتبر نفسه فوق القانون ، إن فجر الديمقراطية آت رغم كل المصاعب وسيعلم من لازال يعيش بذهنية الماضي إنه يعرض نفسه ومن ينتمي إليه للمسؤولية الجزائية ، اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد ..