سنسلط الضوء هاهنا على الطريقة العشوائية التي يعتمد عليها البعض في تفسير بنود الدستور وفصوله كلاً من وجهة نظره [ ذلك لأننا في العراق نفتقد للآلية القانونية التي تحمي الدستور من التلاعب والخرق ] وهذا ما يزيد الأمر سوءً وتعقيداً في بلاد كثر فيها الفساد والفوضى ،
و كلامي هنا أخص بالذكر فيه صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الوزراء ، ولماذا يتم التداخل في الإختصاصات ؟ ولماذا يتم بين الفينة والأخرى التعدي على صلاحيات رئيس الوزراء ؟ عن عمد أو بدونه من قبل الرئاسة !! ، وهل يتم ذلك بالتراضي بينهما ؟ أو هو جزء من لعبة سياسية مريضة أو هو الإشتغال بالمحاصصة و المصالحة التي لايُحسن إنتاجها العقل العراقي المشتغل بالسياسة .
ولكن الذي يهمني هنا هو الجدية المطلوبة والفاعلية في الإنتقال الفعلي لدولة القانون وليس القفز عليه ، وأشير هنا إلى الكيفية التي يتعامل بها الرئيس ونائبه الهاشمي مع المالكي في أكثر من موقع شاهدة ذلك وتحققت منه !!
وكيف يتم تجاهله من قبلهما في قضايا هي من صلب صلاحياته وإختصاصاته ؟ فتمثيل العراق مثلاً في المحافل الدولية والقضايا الهامة الأستراتيجية هي من إختصاص رئاسة الوزراء ،، وليس من صلاحيات رئاسة الجمهورية ، وأعني بذلك إنه لا يجوز للطالباني أن يُمثل العراق في إجتماعات الأوبك القادمة ، كما لا يجوز له تمثل العراق في كل إجتماع مهني ودولي !! ذلك لأن العراق وحسب الدستور تكون هذه الأعمال من صلاحيات رئيس الوزراء ، وليس من صلاحية رئيس الجمهورية فالرئاسة حسب الدستور هي بروتوكولية محضة ولايحق لها التدخل في الشأن الذي يُحدد سياسة العراق الدولية : هذا حسب بنود الدستور ..
وهذا ما يجب الإلتزام به من دون زيادة أو نقصان ، طالما كان ذلك متاح لرئاسة الوزراء ممارسة صلاحياتها الدستورية بكفاءة ، ولكن يُصرف النظر عن هذا في حال المرض والسفر ودخول البلاد في حالة طوارئ قاهرة ، ولا يشمل هذا الوصف حال العراق اليوم بإعتبار الحاكم الفعلي فيه هو قوات متعددة الجنسية فهي الآمر الناهي ، ونحن لذلك نقول يجب ان لايُصار إلى خرق للدستور ثم يتم لاحقاً تغيير هذا البند في إستدراج غير محمود للتاريخ ، ويعهد فيه لتكون الصلاحيات الإتحادية بيد الرئاسة وهذا مايجب الإلتفات إليه الآن ، ولكي نتجنب الإحتكاك الوظيفي يجب على الجميع القيام بمسؤولياتهم حسب قرارات الدستور ، وهذا الشيء مفيد للعملية السياسية ككل لإنها تعطي إنطباع بالشعور بالمسؤولية الوطنية والهمة الجادة في تصحيح البناءات وفق المعايير الدولية الحديثة ، ونحن هنا لسنا في معرض الدفاع عن المالكي كشخص بل نحن بصدد تعميم فكرة الإلتزام بالقانون وعدم السماح بتجاوزه إلاّ بوجود المقتضي والمبرر لذلك ، ويجب على رئاسة الوزراء ان تبلغ المواطنيين من خلال بيان صحفي عن الكيفية التي تم بها تمثيل العراق على هذا النحو ، هذا إذا كنا فعلاً جادين في تعميم الممارسة الديمقراطية وتدريب المواطنيين على معنى الشفافية في القول والعمل ، ولاأجد في ذلك حرج من قول الحقيقة خاصة ونحن نستعد لبناء الوطن على أسس جديدة وليعلم رئيس الجمهورية أننا نكن له كل الود وخالص المحبة ، ولكننا هنا إنما نتحدث وفق المعايير الدستورية والوطنية و مايمليه علينا الواقع ومايستوجبه الضمير الوطني كي لايقع المرء في الإشتباك بين ما للرئاسة و بين ما لرئاسة الوزراء ، ففك الإرتباط في ذهن الناس يلزمه عدم التسابق وكأن القضية هي في تسجيل النقاط على الأخر وكأن العمل لازال في طور المعارضة خارج حدود الوطن ، وهذا يلزمه بالفعل الإلتفات من دون مزاودة أو إملاآت من طرف أخر وليكن هم ّ الجميع هو العراق وليكن ذلك الهم هو المقدم على كل ما سوآه ..