مفاجئة كانت وبحد علمي أن لا أحد من موظفي المنطقة الخضراء كان على علم بها غير سماعها عبر الإعلام ، شأنهم في ذلك شأن كاتب هذه السطور ، لكن المهم في الأمر أن بوش أحس بالخطر فبادر ان يكون قريباً فيستمع قبل ان يلقي القادة العسكريين تقريرهم امام الكونكرس ،
، هي زيارة لدرء المخاطر وتفسير مايمكن حدوثه خاصة والأزمة الداخلية تزداد والتجاذبات بين الحزبين تتخذ شكلاً مغايراً لما كانت عليه أمريكا أبان الحرب في فيتنام ، صحيح ان امريكا تود لو ان العراقيين يبادروا لحل قضاياهم بكفاءة دونما اللجوء إلى غيرهم وهذه المُنية يقابلها رفض إيراني أي أن إيران لاتود ان يطور العراقيين حياتهم وفق المتغير ووفق النظام الجديد وكذا لاتود ذلك دول عربية تنافس الزعامة على العراق وعلى طوائفه ، ومع هذا لم تهدأ أمريكا من فتح بوابات للتلاقي بين العراقيين سواء من خلال إجتماعات القاهرة لرجال دين شيعة وسنة ومسيح محاولة بذلك قراءة كيف يفكر الثيوقراطيين لمبدا التعايش السلمي ودون اللجوء للأحتراب والتقاتل ، يأتي هذا وموازياً لجلسات في فلندا بين الجماعات المتصارعة على كراسي المنطقة الخضراء ، كل هذا الجهد نقدره نحن بالنسبة للأمريكان ولكنها في كل مرة تخطئ حين تجمع بين المتنافسين العاملين الذين لم يكونوا بالفعل من القادرين على خلق المناخ الذي يقود للمصالحة أو الذي يُمكنه وضع مقدمات العمل السياسي الخلاق والديمقراطي ، ثم ان مبدأ الشراكة ينظر إليه الجماعة من خلال الصيغة التي أسست لظاهرة التشرذم الإجتماعي والسياسي في العراق ، أعني ظاهرة المحاصصة الطائفية التي ألغت مشروع الديمقراطية الحضاري وركبت محله نظام الإنتخاب القبلي والطائفي وهنا تكمن سر المعضلة ، إذ من غير الممكن ترقيع الحالة العراقية مؤقتاً لحين إنقضاء شهر سبتمبر ومناقشاته ، ولكي نكون واقعيين يجب ان تعي الأدارة الأمريكية ان حل مشكلة العراق وإمكانية بناء وطن ديمقراطي متمدن يحتاج إلى قرارات حاسمة وشجاعة ، قرارات تعيد صياغة المشروع العراقي ككل على أسس وبناءات جديدة تحذف منها قضية المحاصصة الطائفية التي أدت إلى كل هذا الخراب ، فالتعايش في العراق لايمكن ان يتم وفق نمط الطوائف الدينية لأنه في الحالة هذه سيرفض كل طرف الخضوع للطرف الأخر فلا السنة يمكنهم قبول حكومة شيعية في لباسها الديني ولا الشيعة يقبلون ذلك وتاريخ الخلاف الشيعي السني قديم قديم والتذكير به ومحاولة إعادته للواجهة ضرره كبير ويتهدد المنطقة بأسرها ، وإذا كنا نناضل من اجل نهاية عهد الأرهاب فأننا في حالة الوضع العراقي نعطي للأرهاب دور وأمد طويل ليتسيد عقول وقلوب الناس ، هذه المشكلة يجب النظر إليها من واقع حجمها وليس من وحي تجارب الدول الأخرى فلاتجربة إيرلندا ولا جنوب أفريقيا تشابه وضع العراق ولا القابلية لدى الجمهور للتعاطي مع قضاياهم كما فعل الأيرلنديون والجنوب افريقيا ، هذا إذا كانت نوايا إدراة الأزمات والصراعات قد أخذت علماً كافيا ًفي كل هذا ، ونحن حين ننطلق من تحديد ظاهرة الفساد الطائفي فلنا حجة في ذلك رأيناه قبل أيام كيف تقاتل الشيعة بينهم في كربلاء ؟ وليس من ضرر يمكن حدوثه لو قررت أمريكا إعادة قراءة المشروع العراقي من جديد ، بل لعل فوائده ستكون كبيرة وستعجل في تقصير أمد المعانات التي يعيشها الشعب العراقي وتداعيات ذلك على المنطقة برمتها ، وإذا كان يستوجب التوقف برهة من اجل ذلك فلامانع إذ إن العراق يلزمه حكم علماني ليبرالي ديمقراطي يحترم فيه الإنسان وتحفظ فيه كرامة الناس يسودهم القانون الذي هو للجميع ومن اجل الجميع وفي ظل ذلك يمكن التعايش السلمي ويمكن للناس ترك هذا الخلاف وهذا القتال ، فنظام الحكم العلماني ليس فئويا ولاطائفيا ولا يقوم على أسس إيديولوجية بل فيه الدين لله والوطن للجميع ، فلاغالب فيه ولا مغلوب والنجاح والفشل تحدده طبيعة البرامج التي تقدم للناس ، فما ينفع الناس يمكث في الأرض ، حين نقول هذا فأننا على يقين ان العراقيين يتوقون لنظام يخلو من العنف والكراهية والتقاسيم الطائفية والأثنية والقومية خاصة والعراق لا يحتمل التجزيء والتقسيم والتفريق لا من حيث المساحة ولا من حيث السكان ، ولكي يكون ذلك واقعيا يلزمه قانون ودستور غير هذا الذي سبب المشاكل ولازال ، ولتكن زيارة بوش القاعدة التي على ضوئها يمكن فتح ملفات العمل السياسي للجميع دون حذف ودون تحجيم ولا يظنن احد بانه قادر على خلق المستحيل من رحم الطائفية أو من عقلها المريض كما ان جراحات العراق يلزمها الدواء الذي يستسيغه الجميع الذي يحمي الطفل والمرأة والمريض والكبير العاجز ، وكل هذا ممكن لو فطنت أمريكا إلى ما تريد فعله قبل الدخول في المحذور ..