في مؤتمره الصحفي الأخير، حث الرئيس بوش الكونجرس والشعب الأمريكي أن يتركا قيادة الجيش لكي تحدد «الوضع الميداني على الأرض» في العراق، علاوة على التعرف على إمكانيات النجاح. وطالب الجميع بتقديم الدعم والاحترام «لهيكل القيادة».
بيد انني لاحظت ان الرئيس بوش لم يذكر أحدا من مستشاريه العسكريين لا بالاسم ولا بالرتبة. ربما يستنتج بعض منتقدي الرئيس بوش ومعارضي الحرب أن الرئيس يحاول تجنب حدوث أي انشقاق واسع النطاق داخل وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بإنشاء هيكل القيادة الخاص به وتكديسه بمجموعة من الموافقين والقادة الضعفاء. أما أنا فقد كانت لي نظرة معاكسة تماما، وهي كالتالي: إن الجيش يتجنب الرئيس كما يتجنب الحرب في العراق، ويفعل ذلك بالأسلوب السلبي النشط الذي باتت تتسم به العلاقات العسكرية المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تحدث الجنرالات وأدلوا بدلوهم، وهم يعتقدون أن الحرب قد انتهت بالخسارة. أنا لا أشير إلى أولئك الجماجم التي انتظرت حتى تقاعدت لكي تنضم إلى المعترك السياسي. لكنني أشير إلى القيادة العسكرية التي تنتظر ذلك اليوم الذي ستدحل فيه هذه الإدارة وهذه الحرب إلى سلة التاريخ.
وهنا أقصد مجموعة القادة العسكريين «والمفكرين والمخططين العسكريين» الذين يستمع إليهم الرئيس: إنهم قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس فقط. لقد ذكره الرئيس بوش في مؤتمره الصحفي المذكور أكثر من عشرة مرات.
نعم ذكر الرئيس بوش رئاسة الأركان المشتركة بضع مرات لكن بأسلوب غامض على اعتبار أنهم الأشخاص الذين يتشاور معهم. لكن ماذا عن الجنرال بيتر بايس رئيس الأركان المشتركة والمستشار العسكري الأول للرئيس بحكم القانون؟ إن لم يذكره على الإطلاق ولو حتى بوظيفته. وماذا عن الأدميرال ويليام فالون، قائد القيادة المركزية الأمريكية، القائد المحارب في المنطقة بحكم القانون، وهو الرجل الثاني في هرم القيادة بعد بترايوس؟ هذا أيضا لم يذكره الرئيس على الإطلاق.
قال الرئيس بوش إنه سوف يرسل وزير الدفاع روبرت جيتس ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس إلى المنطقة في أغسطس المقبل لطمأنة الحلفاء ومناقشة الاستراتيجية الأمريكية على المدى الطويل. هل يعرف الرئيس بوش أن لديه قائدا عسكريا للشرق الأوسط.
قال الرئيس بوش إنه سوف يستدعي رؤساء الأركان لمناقشة توصيات الجنرال بترايوس. أما عندما يأتي الأمر إلى دائرة صنع القرار، يصبح رؤساء الأركان مجرد مساعدين فقط.
تحدث الرئيس كثيرا في الإجابة على سؤال عما إذا كان قد استمع إلى القادة العسكريين في المقام الأول فيما يتعلق بعدد الجنود المطلوبين. قال الرئيس بوش انه سأل الجنرال تومي فرانكس- الذي قال: إنه كان مسؤولا - عما إذا كان لديه ما يحتاج من القوات لتحقيق النجاح. قال الرئيس إن فرانكس رد عليه بالإيجاب. ثم قال الرئيس بوش أيضا إنه اجتمع مع رؤساء الأركان وعقد اجتماعا بالفيديو مع القادة الآخرين في الميدان، وسأل كل منهم عما إذا كان لديه ما يحتاج من الجنود، وأعرب الجميع أنهم راضون بالإستراتيجية الحالية. وكانت إجاباتهم كلها بالإيجاب كما قال الرئيس.
أعرف شيئا من هذه الجلسة. لقد تحدثت إلى ضابطين من المشاركين فيها، وكلاهما أعطياني الوصف نفسه للأحداث. جمع القائد الأعلى قادته في الساعة الحادية عشر في جلسة تنشيطية، ممسكا في يديه نصا مكتوبا، وقام كل قائد بأداء الدور المنوط به. حتى في ذلك الوقت أي في مارس ،2003 كان هناك من بين الحضور عدد من المنشقين والمشككين فيما يتعلق بما إذا كان لدينا ما يكفي من القوات وما إذا كان قد تم التخطيط للسلام كما ينبغي. كما كان هناك بعض الجنرالات الذين كانوا يعتقدون أن قرار الحرب كان خاطئا.
ما عرفناه منذ ذلك الوقت عن الجيش هو أن هيكل القيادة نفسه مكسور. الأدميرال فالون يحتل محل تومي فرانكس اليوم. ويبدو أن الرئيس غير مهتم برأيه فيما يتعلق بموضوع العراق. كما أنه في واقع الأمر قد اوجد فجوة من أربعة نجوم، وعزل القائد المقاتل من الإدارة اليومية للحرب- وهي سياسة تأمين تستخدم في حالة ما إذا أتى تومي فرانكس آخر (أنا أعني بذلك أن الشخص الذي سيوافق عليه الجميع سيأتي رغما عنه).
كان الجنرال بيتر بايس نائب رئيس الأركان المشتركة في ذلك الوقت حاضرا في ذلك الاجتماع في مارس .2003 لهذا السبب يجري تجاهل هذا الرجل الآن. وقد اتضح أن رئيس الأركان في ذلك الوقت الجنرال ديك مايرز من رجال «نعم» الذين قام وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد بترقيتهم. وعندما تولى روبرت جيتس وزارة الدفاع، كان بايس مترددا بين «نعم» و«لا» وبالتالي، لم تضع الإدارة وقتا طويلا في البحث عن شخص آخر ليحل محله.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بما يقوله أي صوت جديد. لقد تم تعيين الأدميرال مايكل مولينز لتولي المسؤولية عندما يتقاعد الجنرال بايس في سبتمبر المقبل. هل يهتم الرئيس بنصيحة هذا الرجل؟ من الواضح أن الرئيس ليس مهتما حتى بذكر اسمه، ولا وضعه في دائرة صنع القرار ولا الإسراع بتعيينه.
إنني أنادي بالاستماع إلى جنرالات الجيش، وينبغي الاستماع إلى الكونجرس أيضا. ربما نحن بحاجة إلى دعم هيكل القيادة وتعريف الرئيس بكيفية الحصول على المشورة العسكرية الحقيقية.
ويليام أركين
واشنطن بوست