وهاكم أضرب لكم مثلاً قريباً شاهدته على أحدى المحطات التلفزيونية : عندما تجرأ نفر أو مجموعة من عشائر الجنوب على ( أسر جندي ) عراقي من قوات سوات وهم يهللون فرحين بالنصر العظيم !!!!! ، إنه لأمر محزن ومؤسف يدل على ضعف و ضعة وهوان الحكومة المركزية وقوآها الأمنية ، مع إن الحق في هذه المسائل لا يقبل إنصاف حلول ( ونحن جميعاً متحدون مع قوى الأمن وسلطة القانون ) ضد التسيب والفلتان .
إن ما يحُز في نفسي هذا التهاون في تطبيق القانون والعمل به ، قد يقول قائل وهل في العراق حكومة حتى تأسف عليها ؟ ، وهذا التسأول إن صح فتلك هي الطامة الكبرى بعد مضي كل هذه السنين العجاف ، والمُحزن أيضاً تلذذ قوى السلطة بالخروج الدوري واليومي على شاشات التلفزة والتصريحات غير المثمرة عن الوطن والمواطن عن الأمن والسياسة والإقتصاد !! ، لقد سمعت إن المرجعية قالت شيئاً ما عن ظاهرة ( الدكة العشائرية ) ولم أسمع إنها قد حرمت ذلك أو أعتبرت ذلك من الفتنة المحرمة ، ولهذا يستخف بُغاث الطير القانون والأحكام والنظام ويفعلون ما يحلوا لهم ، ولقد عانت قبيلتنا الموقرة - بني ركاب - من هذا حيث سول لبعض مجهولي الحال والهوية الإستفادة من هذا الفلتان ، أن يتطاولوا على منزل أحد أبناء القبيلة في مدينتا الرفاعي في الجنوب العراقي ، إن هذا التطاول مستنكر ومُدان من قبلنا ونحن بصفتنا وشخصنا ، نُحمل الحكومة وقوآها الأمنية هذا التطاول وضياع هيبة الدولة والقانون ، وبصفتي أبن زعيم أحدى قبائلها أستنكر بشدة هذه الأعمال الدونية ، وأدعوا رئيس الحكومة لتحمل مسؤولياته الدستورية والقانونية كاملة ، ولم يعد الأمر مجرد عراك محلي بل أصبح ظاهرة وطنية سيئة ، إنه لأمر غاية في الخطورة أن يصل العراق الشعب والدولة إلى هذا المستوى من التدني والضعة .
لقد كنا نبشر شعبنا بالحاكم القوي الذي يأخذ للمظلوم حقه وينتزع من الظالم ما أخذه بالعنف والإكراه ، فيردعه حيث كان ويطبق القانون على الجميع ، ويبدو إننا كنا نحلم كما هو دئبنا منذ 2003 ولحد اللحظة ، فقد ثبت بالدليل الضعف والضعة وقلة الحيلة من حكومة سائبة تتقاذفها الأهواء و الأمزجة والنزعات ، والذي أعرفه ويعرفه معي الجميع إن الحكومات حين تتعرض لمحن أو أخطار تهدد كيان الوطن ، تلجأ وتُقدم على عمل أشياء كبيرة يعيد لها وزنها وتوازنها و دورها ، وأما ما يحصل اليوم في العراق فهو مخزي ومُذل ومُربك حد الجنون ، وفي هذا اليوم تتواصل لغة الفلتان حيث قرأنا وسمعنا : إنه في بلدة سوق الشيوخ من محافظة ذي قار الجنوبية حدث نزاع بين أفراد من عشيرتين فتحول إلى قتل ودماء وهدر للكرامة والأمن والوطنية ، ونُعيد السؤال : أين هو دور الحكومة ومؤوسساتها الأمنية ؟ ، وأين هو القانون والقضاء وردع المعتدين ؟ ، ولكن ومع غياب القانون والنظام وخفات صوت العدل وقدرة الدولة تتبارى العشائر بسلاحها هنا وهناك على بعضها البعض وفي أغلب الأحيان حول مسائل تافهه .
ومن هنا أوجه كلامي للسيد عادل عبد المهدي بصفته رئيسا للوزراء ، وأقول : - لعبة السلطة ليست أفكارا وحسب ، تقال في هذا المجلس وذاك - ، إنما هي دور حاسم وثقة بالنظام والقانون ، وتلك لا تقبل الترديد أو القسمة ، وأما في حال الإضطراب والتلهي والإستماع مطولاً للجدل الخاوي بين الفرقاء ، فلا يصنع دولة ولا يؤوسس لنظام ، ومن لم يقدر على تحمل المسؤولية بكل تبعاتها فليتنحا جانباً ويدع الأمر لمن يقدر عليه ، فوالله أصبح العراق أسوء مثل في كل شيء وأهزل دولة في محيطه والكيان العام ، وإن بقي الحال على ماهو عليه فالعراق إلى زوال ..
راغب الركابي