هل من الحكمة أن نناقش هذا المصطلح ؟ ، مع علمنا إن الكثيرين لم يستجيبوا لما قدمناه من دراسة وبحث في هذا المجال ، دراسةٌ أكدنا فيها على أن لفظة - السُنة - لا تعني الأفراد من البشر ، بل تعني النظام والقانون والشريعة ، هي إذن النظرية أو الفكرة وليست هي التابعين لها ، ولما كان ذلك معناها في الكتاب المجيد وفي لغة العرب ، إذن ؟ فلماذا حُشرت السُنة لتُعبر عن مفهوم الجماعة من البشر ؟ ، ولماذا أُضيفت لها لفظة - أهل - في الكلام ؟ ، هذه أسئلة راودتنا حين كنا نبحث في موضوعة - السُنة والشيعة - ، وهناك قلنا ، إن السُنة : لم تستخدم في معناها الصحيح الذي وضعت له ، بل عبروا عنها بمفهوم - الجماعة التابعة أو الجماعة الموالية - وهذا خطأٌ بيّن ، ولا يظنن أحد بأننا حينما نناقش في هذا الأمر ، إنما نناقش فيه لمجرد التخطئة كما قد يتوهم البعض ، لكننا نناقش فيه صحته من جهة التاريخ وصحته من جهة المعنى ، وهي مناقشة موضوعية تكون في العمق ، أعني تكون في الكيفية التي وضعت فيها الألفاظ للمعاني التي تتضمنها أو تعنيها أو تريدها .
ولماذا أُضيفت لها لفظة - أهل - في الكلام ؟ ، هذه أسئلة راودتنا حين كنا نبحث في موضوعة - السُنة والشيعة - ، وهناك قلنا ، إن السُنة : لم تستخدم في معناها الصحيح الذي وضعت له ، بل عبروا عنها بمفهوم - الجماعة التابعة أو الجماعة الموالية - وهذا خطأٌ بيّن ، ولا يظنن أحد بأننا حينما نناقش في هذا الأمر ، إنما نناقش فيه لمجرد التخطئة كما قد يتوهم البعض ، لكننا نناقش فيه صحته من جهة التاريخ وصحته من جهة المعنى ، وهي مناقشة موضوعية تكون في العمق ، أعني تكون في الكيفية التي وضعت فيها الألفاظ للمعاني التي تتضمنها أو تعنيها أو تريدها .
ثم إن تحميل اللفظ معناً ليس له هو تحميل زائد بل تحميل ما لا يحتمل ، وتحميل الألفاظ معاني ليست لها شاع في لسان المتكلمين ولسان المتفقهة ، بحيث إنهم جاءونا ببعض الألفاظ لتُناسب مايريدون من معاني يفترضونها - هم - مسبقاً ، ومثالنا في هذا المجال هو مصطلح - أهل السنة والجماعة - الذائع الصيت ، هذا المصطلح المُركب من لفظ - السُنة ومن لفظ الجماعة - مع إضافة لفظة - أهل - في التقديم ، لكي تُناسب المقال ، وهذا التركيب الإصطلاحي جي به من البعض لاحقاً ، وقد تصنعوا فيه ليجعلوا له تأريخاً ومعناً معيناً ، ولكي يعطوه هالةً من القداسة ربطوه بمرحلة النبوة وصدر الإسلام من جهة الصدور والتأسيس والإطلاق !!! ، وهذا التصنع هو تلاعب في موضوعتين هما السُنة من جهة بإعتبارها أخبار نبوية ورسولية ، ومن جهة أخرى تضمين الفكرة قوة الصدور والتبريك ، مع العلم إن سُنة النبي لم تكتب في عهد النبي ، وفي غالب الأحيان سنة النبي هي شروحات النبي للنصوص الإلهية ، وهي شروحات إن صحت فلها قيمة ظرفية تحكمها وتتحكم بها ، ولا يجوز إعطاها أهمية تفوق ما للكتاب المجيد ، هذا مع تأكيدنا إن السُنة لم تكتب ولم يُعتنى بها في زمن نزول نصوص الكتاب وسوره ، ولا يصح جعل ما للنبي من أخبار مزاحماً ما لله من نصوص ، وقد نهى النبي نفسه عن ذلك ، كما إن الصحابة الذين جاءوا من بعده قد نهىوا هم كذلك عن رواية أخبار النبي وكتابتها .
و مصطلح - أهل السنة والجماعة - وحسب أقرب المعاني لا يتعدى : أن يكون المُراد منه هم رواة الخبر النبوي ، أو : أن يكون المُراد منه هم شُراح الخبر النبوي ، ولا ثالث لهما ، وسواء أكان المصطلح يعني المُراد الأول أو إنه يعني المُراد الثاني ، فإن اللفظ في كليهما لا يعطينا معنى - الأفراد التابعين أو الموالين - ، وهو المعنى الذي نلاحقه في الواقع وفي لغة العرب ولسان النص ، مما يرجح عندنا بأن هذه التسمية هي فكرة نشئت : من فعل السياسة والسياسين لا فعل الدين والمتدينين ، وذلك واضح لمن تدبر وأمعن النظر .
ومن أجل معرفة مصدرهذه المقولة وأساسها الذي قامت عليه ، تبين لنا في بعض كتب الأخبار والروايات من ينسبها لعبدالله بن عباس في تفسيره لقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] ، وهذه النسبة منهم ضعيفة الإسناد ضعيفة الدلالة ، كما إن دعوى القول بأن جملة - يوم تبيض وجوه - هم خصوص معنى - أهل السنة والجماعة - !! ، هي دعوى مُخالفة لظاهر النص ، وفيها من الحشو والتحميل الزائد ما لا يحتمل ، ذلك لأن النص لا يتحدث عن طائفة بعينها حتى نقول إنهم هم ، إنما النص يطرح موضوعة مُغايرة تحكي عن صفة الإنسان الصالح يوم القيامة ، أو ما يكون عليه حاله هناك ، وطبعاً قضية الآخرة مرتبطة أو متعلقة بعمل الإنسان في الدنيا ، وهذا ما يُفهم من دلالة ومادة لفظ - تبيض - المرتبطة والمتعلقة بمفهوم العمل الصالح ، والعمل الصالح هو الملاك في تقييم ما عليه وضع الإنسان في الآخرة ، والعمل الصالح كما يُعرفه الكتاب المجيد : - هو ذلك الجهد المبذول من قبل الإنسان في خدمة الحياة والناس - ولا يتعلق العمل الصالح بالشعائر والطقوس فهذه ليست منه ، إذن فوصف - يوم تبيض وجوه - هو وصف للذين يعملون الصالحات وهو بيان حال ، لأن هؤلاء حسب النص تكون صحائفهم بيضاء غير ملوثة وغير مُدنسة ، وذلك لأنهم كانوا يعملون الصالحات ، وأما الوجه في لغة النص فهو كنايه عن الشيء الذي يُقدمه الإنسان في آخرته ، أعني عمله وليس الوجه بالمعنى الحرفي المتعارف عليه ، والكلام في النص وصف للعمل الصالح الذي يكون من غير تقييد أو إستثناء ، وهذا يشمل كل إنسان ومن أية ملة ودين ، ويكون في التقابل الذين يعملون السيئات هم الذين عناهم النص بقوله - وتسود وجوه - ، وهو كناية إيضاً عن الذين يفعلون السيئات فيلوثوا صحائفهم بالعمل السيء ، والكلام كله عن الآخرة وهو تحفيز لأهل الدنيا وتذكير لهم ، والنص في مجمله يتحدث عن نتيجة فعل الإنسان ، وليس وصفاً لفئة من الناس على وجه خاص لتمييزهم !! ، فليس هناك عند الله طائفة مُقربة وطائفة مُبعدة ، إنما القرب والبعد من الله هو بالعمل ، والذي يُقييّم العمل في أن يكون صالحاً أو لا هو الله ، يعني تقييم صحة العمل من خطئه يكون من قبل الله ، ولذلك قال : - لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى - ، وفي هذا الإتجاه وضع جملة من النصوص الدالة على هذا المعنى .
والقاعدة المطلقة في كتاب الله لا تستهدف طائفة معينة من الناس ، وعند الله ليس هناك فرقةً ناجيةً دون سوآها ، والنجاة تكون بالعمل الصالح الذي هو المعيار وهو المقياس عنده ، والكلام دائماً في الكتاب المجيد عن هذه الموضوعات مطلقاً وعاماً ، وأما التخصيص أو الإستثناء أو التقييد فهو نسبي ويكون بحسب كل قياس وكل فهم يشير إليه ويتبناه ويدل عليه ، ولأنه كذلك لا يصح تحميل النص ما لا يحتمل ، والكتاب المجيد عندما تحدث عن الإسلام وعن المسلمين إنما تحدث عن ذلك وفق شروط محددة هي - الإيمان بالله الواحد والإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح - وفي ذلك جعل الجميع متساوين ، طارحاً مفهوم الفئوية من الإعتبار جانباً معتبراً كل من آمن بتلك الثلاثية فهو من المسلمين ، وعرف المسلم المؤمن التابع لمحمد ودين محمد بأنه الشيعي ، وهذا اللفظ واضح في الكتاب المجيد فالمؤمنون بمحمد بن عبدالله هم مسلمون من جهة العموم وهم مؤمنون شيعة من جهة المعنى في - التابعية والموآلات - أي حينما يكون المؤمن تابعاً وموالياً لما آمن به فهو شيعيٌ ، ولم يجعل الكتاب التميز في التسمية من حيث هي ، بل جعل التميز مرتبط بالعمل الصالح في الدنيا وجزاء هذا العمل في الآخرة ، تلك هي المعادلة في كتاب الله ببساطة ، أي إن الكتاب لم يخضع قضاياه ومفاهيمه لسفسطات أهل الكلام وتفسيراتهم ، ذلك لأن الكتاب خاطب الإنسان من حيث هو وحسب درجة معلوماته ، ومعلوم إن أهل الكلام ذهبوا في فهمهم مذاهب شتى ، وحملوا النص والكتاب ما لا يحتمل ، وجعلوا من فهمهم هو الصواب ودونه الخطأ ، وهذا على النقيض من لغة الكتاب ومعناه ، كما إن بعض المحدثين جاؤنا بأخبار في الدفع بالتشكيل الفئوي الإنعزالي فمثلاً يقولون إن - سفيان الثوري - ، قال : - أستوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء - وسفيا ن الثوري مات سنة 161 هجرية ، وجملة - استوصوا بأهل السنة - جملة عامة تفيد معنى الإحترام والتبجيل ، والمُراد - [بأهل السُنة ] هم المحدثين أو هم شُراح الأخبار ولا ثالث في البين ، أعني إنه لا يقصد بقوله [ أهل السُنة ] هم طائفة من الناس تابعين لرواة الأخبار أو لشُراح الأخبار ، لأنه إن كان يريد ذلك المعنى أي [ التابعين أو الموالين ] فهؤلاء هم الشيعة بحسب لغة الكتاب المجيد ولغة العرب ، وإضافة لفظة - أهل - هو إشارة أو توكيد على فئة معينة لا تعني التابعين أو الموالين بل هم هنا بمعنى - الرواة أو الشُراح - ، والفرق واضح جلي بين التابع والراوي إذ ليس كل راوي تابع والعكس صحيح ، ولو أفترضنا صحة صدور هذا الخبر عن سفيان الثوري فهو لا يتعدى مفهوم الإحترام والإجلال لرواة الأخبار وعلماء الحديث ، لكن المتأخرين وكدأبهم جعلوا من هذا الخبر مادة دفع وتبليغ سياسي وإعلامي يدعونا للإنظمام لهم ، ويقيناً إن سفيان كان يعلم إن مفهوم - أهل السنة - بمعنى التابعين للسُنة هم الشيعة بالمعنى القرآني ، والذي نفهمه إنه إنما يريد بأهل السنة المحدثين من رواة الأخبار ، والأخبار تخضع لمعايير معينة ومعتمدة في تصحيحها وفي جودتها وفي سلامتها ، ومن هذه المعايير مطابقتها لنصوص الكتاب ومعانيه ، فإذا أختلفت أو تناقضت مع نصوص الكتاب ، فالقاعدة تقول ببطلانها وعدم إعتمادها وردها بل والضرب بها نحو الجدار ، وإذا كان المقصود بأهل السُنة هم علماء الحديث وشُراحه ، والعالم بالحديث أو الخبر هو من يتفحصه ويقوم بعملية موافقة وتوئمة ضمن حدود الكتاب ، ومعنى ان نستوصي بهم أي أن نحترمهم ونجلهم ، وهذا شيء محمود في أن نحترم الباحث والعالم في كل صنف ، وفرق في ان نحترم العلماء وبين ان نجعل منهم فرقة خاصة كان يعنيها النبي ويريدها كفرقة مستقلة ، لأن تلك الإرادة ممتنعة بحكم التناقض مع نصوص الكتاب ودلالة لغة العرب ، ومعلوم الفرق بين معنى ان تكون تابعاً للسنة وبين ان تكون عالما بها أو مُحدثاً فيها ، ذلك لأن الراوي للأخبار والشارح للأخبار إنما يعش مع الفكرة المجردة شرحاً ونقلاً وتحليلاً ، ومجرد ان ينتقل من هذا الحال إلى حال التابعية لهذه الأخبار فهو يكون مُشايعاً لها وليس سُنياً لها .
ولا يختلف الأمر هنا عند أبن جرير الطبري في معنى أهل السنة بقوله : - في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل يوم القيامة هو ديننا الذي ندين الله به، وأدركنا عليه أهل السنة والجماعة فهو أن أهل الجنة يرونه - ، وهذا الكلام ورد لا حقاً والرجل مات سنة 310 هجرية ، والنقاش يدور فيما لوكان أهل السنة والجماعة هم فرقة من الناس عاشت في عهد النبي ، وهذا الكلام ليس صحيحاً إذ المصطلح هذا جاء لا حقاً هذا أولاً ، وثانياً ان هذا المصطلح ورد في جملة طويلة تتحدث عن رؤية الله في يوم القيامة - وهذا الكلام تحدث به أهل الكلام من المتأخرين عن زمن النبوة - ، ولا نناقش هنا في صحة هذا الأمر من عدمه لأن هذا ليس موضوعنا ، إنما الكلام في أن - أهل السنة والجماعة - الذين عناهم هم من فهموا دلالة معنى رؤية الله واعتقدوا وتابعوا على ذلك ، فهذا دليل على أنهم الموالين أو التابعين وهذا المعنى معناه - الشيعة وليست السُنة - ومجرد قول الطبري إنهم اعتقدوا بذلك فهم التابعين أو الموالين أي هم الشيعة ، ومادام الكلام في المصطلح وحقيقته فلابد من الإستئناس بقول - مصطفى الشكعة - في كتابه [ إسلام بلا مذاهب ] حيث قال : إن مصطلح - أهل السُنة - أطلق أول ما أطلق على جماعة الأشاعرة ومن نحا نحوهم ، والأشاعرة : هي فرقة كلامية خرجت على المعتزلة ، وتُنسب هذه الفرقة لموؤسسها أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ، وقد خالف الأشعري في قضية - خلق القرآن - التي قالت بها المعتزلة ، والحق إن في هذه المسألة تفصيل يجب مراعاته ، ذلك لأن القرآن ليس كل كتاب الله بل هو جزء منه ، وهذا الجزء أو هذا الفصل هو القديم منه ، ودليلنا على ذلك هو : إن القرآن أي هذا الفصل من الكتاب يتعلق بقوانين الكون والحياة ، وقوانين الغيب ومفهوم الخلق ، وهذه القوانين ليست مخلوقة ولا حادثة ولا جديدة ، وليس لها سبب في نزولها على قلب محمد النبي ، بل إنها في حكمها هذا سابقة لكل النبوات ، بمعنى إنها لا تخضع لسبب أو لإرادة بل هي قوانين كونية عامة ، لكن الكتاب المجيد فيه أجزاء وفصول غير القرآن وهذه هي المخلوقة ، أي هي التي نزلت بحسب موضوعاتها المعينة والتي تحركت فيها ومن أجلها ، وفي هذا يمكننا أن ننظر للعبادات بنفس المقياس ونعتبرها متعلقة بالفعل بمرحلة معينة خاصة وبرسول خاص ، وهذه الفصول الأخرى ليست غيباً وليست معجزة ، والإيمان بها مرتبط بالإيمان بالرسول الذي دعى لها وبشر بها ، لكن القرآن والإيمان به لا يرتبط برسول أو نبي أو إنسان معين بل هو عام شامل للجميع ، ونعود لنقول إن التسمية أو مصطلح - أهل السُنة والجماعة - غلب عليه الطابع السياسي أو هو نتاج لذاك الصراع التاريخي بين الحكام ومن خالفهم ، وفي ذلك دخل في هذا الصراع من له مصلحة من المتكلمين ومن الفقهاء ، ولذلك كان الشكعة محقاً حينما قال : أن هذه التسمية لم تعرف إلا في القرن السابع الهجري ، و أن تسمية جمهرة المسلمين بأهل السنة تسمية متأخرة يرجع تاريخها إلى حوالي القرن السابع الهجري ، وأما التعليل في عودة الأشعري ورجوعه عن مذاهب المعتزلة إلى مذاهب أهل السنة والجماعة ، وإعتبار ذلك دليلاً على صحة التسمية والمعنى فهو تعليل واهي ولا يستقيم مع دلالة اللفظ ، كما إنه لا يستقيم إن كان يُراد به إستقلالية معنى مذاهب أهل السنة والجماعة ، وهذا التعليل أتى به البيهقي في مورد نعتقد ، إنه كان يقصد به إعتماد الأشعري على الأحاديث والأخبار والتقليل من الإعتماد أو الإتكاء على العقل في مقولاته وإستقراءاته ، وإذا كان ذلك كذلك فهذا أمر مُغاير تماماً لما نحن بصدده ، والرجوع والعودة فيما نفهم في هذا الأمر هي قضية إجتهادية نحترمها و لا مندوحة فيها ولا ضير ، لكن الضير لو كان المُراد من ذلك الرجوع ليكون الأشعري تابعاً أو موالياً لمذاهب أهل السنة والجماعة ، من حيث هي مذاهب مستقلة في العنوان ، فذلك هو المشكل عندنا لأنه في الحالة هذه يكون شيعياً بحسب دلالة اللفظ ، ولو صار أهل الحديث فرقة مستقلة كما يقول احمد أمين ، فمن تبع هذه الفرقة فهو عندنا وبحسب المعنى المتقدم يكون شيعياً وليس سُنياً ، وحسب ظني إن الإصرار على تسمية البعض أنفسهم بهذا المصطلح هو من باب التناكف والخلاف الكلامي ، هذا الذي أنتج في تراثنا كم هائل من المسميات والفرق والمذاهب فضاع تبعاً لضياع الفكر والتركيز ، ومع إننا لا نبحث في صحة وصوابية هذه المذاهب ، لكننا نبحث فيمن يُتابع هذه المذاهب ، ونبحث في الإسم الذي يصح التسمية به والإطلاق ، وهذا الذي نقوله مستنده كتاب الله ولغة العرب : والتي تعتبر كل من تابع فكراً أو مذهباً أو رأياً فهو قد شايعه ووآلاه ، ويدخل في هذا الإعتبار وهذا التعريف كل المذاهب والأفكار بما فيها الحسن منها والقبيح ، الحق منها والباطل .
وفي بحثنا هذا ومن سبقه إنما نركز على قضية واحدة ألاَّ وهي : حقيقة المصطلح ومعناه ، وكيف لنا أن نسمي دون الإلتفات إلى أصل المعنى ؟ فالشيعة عندنا هي الأسم الدال على معنى التابع والموالي والناصر ، ويقع في هذا المعنى كل التابعين للفرق والأديان والمذاهب والأفكار ، وهذا المعنى الذي نقول به أخذناه من كتاب الله ومن لغة العرب ، ولا يهمنا في هذا المجال التوظيفات والتخريجات التي يتعمد البعض على التمسك بها ، لأن المهم عندنا في التركيز على المعنى وعلى الدلالة ومراعاة إنطباق اللفظ على معناه الخاص به ، ولا يجب الإعتناء بكثرة التسميات والأسماء فهي في الغالب وليدة مرحلة تحكمت فيها السياسة ومن يعمل لها ...
آية الله الشيخ إياد الركابي