تعرّض تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش» لهزيمة ميدانية كبرى، تمثلت في نجاح الجيش العراقي في استعادة السيطرة على الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، بعدما أحكم التكفيريون قبضتهم عليها منذ شهر أيار الماضي، في ما اعتبر حينها من أهم الانتصارات «الداعشية» بعد «غزوة الموصل» في حزيران في العام 2014.
وبعد ما يقرب من اسبوع على بدء العمليات العسكرية في الرمادي، اعلنت قيادة الجيش العراقي، في بيان، استعادة السيطرة على كامل المدينة، وطرد مسلحي «داعش» منها، والبدء في إزالة العبوات الناسفة والمتفجرات من الشوارع والمباني.
وخاض مسلحو «داعش» معارك شرسة من أجل الحفاظ على تواجدهم داخل الأنبار، وقاموا باحتجاز الكثير من العائلات، واستخدام المدنيين كدروع بشرية خلال المواجهات العسكرية.
وكانت معركة استعادة الرمادي بدأت الاسبوع الماضي، حين تمكنت قوات النخبة في الجيش العراقي من فتح ثغرة عند أحد الجسور على نهر الفرات، مؤمّنة الطريق لتقدّم باقي الوحدات العسكرية.
وحتى يوم أمس، كانت المعارك ما زالت مستمرة في محيط المجمع الحكومي في قلب الرمادي، الى أن حسم الجيش العراقي المعركة لصالحه.
وإذا اشار بيان الجيش العراقي الى استمرار تمشيط المناطق في الرمادي، تحسباً لوجود مقاتلين من «داعش»، أكد أن «باقي المدن المستلبة ستحرر» ، مضيفاً «أن هذه الانتصارات ما كانت إلا نتيجة تلاحم الصفوف ووحدة الكلمة والإرادة الواثقة بقداسة الهدف وشرف المعركة».
وتعني السيطرة على الرمادي عمليا إبعاد شبح التهديدات حول أي إمكانية لتقدم التنظيم الإرهابي نحو العاصمة بغداد ومدن الجنوب.
وأشار قائد العمليات الخاصة لجهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي في حديث الى «السفير» الى أن «عملية تحرير المجمع الحكومي تعتبر نصراً للقوات العراقية».
وأضاف أن «كثيرين راهنوا على ضعف قدراتنا، ولكن حساباتهم ذهبت سدى».
بدوره، أكد المتحدث الرسمي باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعماني، في اتصال مع «السفير»، وصول قوات الجهاز الى المجمع الحكومي وسط المدينة بعد تحريرها بالكامل من الإرهابيين، لكنه أشار الى أن عملية ازالة القنابل المفخخة والعبوات الناسفة من الشوارع المؤدية الى المبنى مستمرة، من قبل الوحدات الهندسية التابعة لوزارة الدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب.
وأشار النعماني الى أن رفع العلم العراقي على المجمع، يعني رمزياً السيطرة على المدينة، والبدء بتطهيرها.
وأوضح أن «الرمادي كانت محررة بنسبة 90 في المئة، لكن للمجمع رمزية كبيرة، كونه مؤسسة حكومية ومركزاً للمحافظة» .
وحول مشاركة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أو أي جهات عسكرية أخرى في عملية تطهير الرمادي، أوضح النعماني أن «ما حصل في الميدان عمل شاركت فيه الوحدات العراقية، وتحديداً القوات الأمنية، وخاصة جهاز مكافحة الإرهاب، حيث كانت تجري عمليات التحضير والتدريب والتنسيق بين القطعات العسكرية العراقية قبل الهجوم على المدينة وتحريرها، كون هذه القوات تملك من القدرات والخبرات العسكرية ما يمكنها من مواجهة التنظيم الإرهابي الداعشي». لكنه أشار الى الدعم الجوي الذي قدمته طائرات التحالف الغربي، وكذلك الدور الذي قامت به الطائرات العراقية، ما ساهم في عملية طرد «داعش» من المدينة.
وحول مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الرمادي، قال النعماني إن «قوات الحشد في الأنبار كانت تساهم في السيطرة على الأرض خلف الوحدات العسكرية، على اعتبار أنهم من أهل المدينة، ويجيدون التحرك داخلها بقدرات وسهولة أكبر، وقد اكتسبوا الخبرة والتدريب في الكثير من المعارك»، وأضاف انه بعد الانتهاء من العمليات العسكرية «سيتم تسليم المدينة الى الشرطة المحلية».
وكانت قناة «العراقية» عرضت لقطات مباشرة من المجمع الحكومي وقام الجنود «بذبح خروفين لسلامة الجنود والضباط».
بدورها، ذكرت مصادر امنية محلية ان عناصر «داعش» استخدموا المدنيين دروعاً بشرية اثناء هروبهم باتجاه الاطراف الشرقية من المدينة، بعد ادراكهم ان انهيار قواتهم بات مؤكداً امام القوات الامنية.
وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش لوكالة «فرانس برس» إن قواته تواصل الهجوم وتنظيف ضواحي المدينة بسبب احتمال وجود جيوب التكفيريين فيها».
وكان المجمع الحكومي في المدينة يعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم حيث دارت اشرس المعارك، لكن القوات الحكومية تريثت في عمليات الدخول اليه، بعد انسحاب التنظيم التكفيري منه بسبب تفخيخ مبانيه.
من جهتها، أعلنت «خلية الإعلام الحربي» في جهاز مكافحة الإرهاب، ان فرق الجهد الهندسي شرعت في تطهير المباني والمنازل والطرقات من العبوات الناسفة والمتفجرات التي زرعها المسلحون وتقدر بالمئات.
وكانت القوات العراقية نفذت خلال الايام القليلة الماضية عمليات عسكرية كبيرة بدعم من قوات التحالف الدولي ضد «داعش»، لاستعادة السيطرة على الرمادي بعدما تمكن من السيطرة عليها منتصف ايار الماضي.
وقال المتحدث باسم قوات التحالف ستيف وارن في بيان إن «تطهير المركز الحكومي انجاز كبير وهو نتاج أشهر كثيرة من العمل الشاق». وأضاف أن التحالف الدولي ساعد بأكثر من 630 ضربة جوية في المنطقة خلال الأشهر الستة الماضية، فضلا عن التدريب والنصيحة والعتاد للجيش ولقوات مكافحة الارهاب والشرطة.
وتوقع مسؤولون عراقيون أنه بعد استعادة الرمادي بالكامل، ستحتاج المدينة إلى فترة طويلة لتعود إلى طبيعتها، خاصة أن الدمار يغطي معظم مساحتها.
وقال المسؤولون إن المدينة تحتاج إلى ملايين الدولارات، وسنوات من إعادة الإعمار لتعود إلى سابق عهدها.
من جهته، قال وزير المال العراقي هوشيار زيباري لوكالة «رويترز»، «إن استعادة الرمادي اكتملت، ويتعين على الحكومة العراقية بذل المزيد من الجهد لاعادة بناء المدينة وتشجيع النازحين على العودة».
في غضون ذلك، أعلنت قيادة عمليات بغداد في بيان، ان «القوات الأمنية في عمليات بغداد والفرق المرتبطة بها واصلت تقدمها لتحرير مناطق جنوب الفلوجة، حيث تمكنت من قتل 18 إرهابياً بينهم مسؤول عسكري بارز في «داعش»، وجرح 10 آخرين، وتدمير أسلحة وعتاد وتفكيك 35 عبوة ناسفة».
كما تمكن فوج استطلاع القيادة من «رصد وقتل خمسة إرهابيين في منطقة البوسودة، وتمكنت قوة من اللواء 60 من قتل إرهابيَين اثنين وتدمير موضعي قنص للعدو في منطقتي جيب دفار والعطر»، وفقاً للبيان.
السفير