أقول قولي هذا بعدما رأيت إن هناك تحديا لها من قبل البعض ، عبر استعراضات وإظهار للقوة غير محمود وغير مريود ، وإني أقول :
إن من أبجديات الديمقراطية الأولى الواجب تعلمها لمن يُريد ان يكون جزءاً من العملية السياسية ، أن يحترم الحكومة وجيش الدولة فهو الممثل الشرعي والوحيد ، ولغة الإبتزاز السياسي والتهريج الإعلامي والتلويح بذلك إنما يزيد الطين بله ولا ينفع لمن طلب الخير أو سعى له ،.
العراق كما نعلم يعيش التجاذب والتناحر السياسي بين أطرافه يأتي هذا من أناس جُل إهتمامهم فشل الحكومة وفشل مشروع الدولة ، لذا فليس من الحكمة بمكان أن نساهم نحن بقصد أو بدونه بحسن نية أو بدونها بفشل مشروع الدولة وتهميش جيشها ، وهذا فعل الأغيار وعملهم الدائم على إفشال الحكومة وإفشال جيشها في التصدي لمهامه الأساسية ، ولقد قلت في مقال سبق إنني لست مدافعاً عن الحكومة ، لكنني معني بنجاحها وتقدمها فنجاحها يعني نجاح المشروع والتجربة الديمقراطية وفشلها يعني فشله ، ولا يزاودن في هذا علينا أحد فالفضل يكون بالعمل الصالح والحرص على سلامة العراق وأزدهاره وليس بالشعارات والتهريج والنفخ بالبوق ، وهذه بالذات أعني السلامة والأزدهار لايريدها أعداء العراق لا في الداخل ولا في الخارج ، وجيش المهدي تجربة قد تكون طيبة في وقتها يوم كان الإنفلات والعبث الطائفي ولهذا فلا يجب أن نعيد التذكير به ولا بفعله ، كما إن على القائمين عليه مهمة توجهيهه بإتجاه العمل والبناء ، وليس بالتجييش لأن التجييش لغة الفاشلين والمحبطين ومن لا يمتلكون مشروعا للدولة ولجيشها وكيف يجب ان يكون ، فلانشكك به ولا نزيد من جراحات الوطن ونكبات المواطن ، وإذا كنا حريصين بالفعل على سلامة العراق وتقدم شعبه فلا نخلطن الأوراق ولندع تحديات المجتمع وطلباته للحكومة ولنساهم معها بهدوء على حل ماهو مستعصي ولانكونن مع المؤلبين والناكثين وأهل السوابق .
وثمة ما يقلقني في هذا الأمر هو ذلك التدخل السافر في شؤونات الحكم لمن هب ودب ، التدخل والتهريج في الإعلام يخلق مشكلات ويزيد من المعانات ، وكلنا يعلم طبيعة شعبنا نعرفه في كثير من قضاياه سريع الإنفعال مزاجي الأحكام ، لهذا قد يتداخل في ذهنه من يريد الصالح له ومن يريد غير ذلك ، يدخل في هذا التوجيه الديني والتعبئة الفاشلة للبعض من خلال هذا الإتجاه ، لهذا أقول : إن على الجميع أحزاب ومنظمات قوميات وفئات أن تتعود على الديمقراطية وإحترام القانون والسير بالإتجاه الذي يحقق للشعب حريته وأمنه ويرفع عنه تعب السنيين وآلآمه .
نعم شعبنا يستحق كامل العناية وكامل الرعاية وهذا واجب على كل من يشعر بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية ، وأما التجييش والتلويح بذلك فهو إفساد وفساد ، طالما يعيش العراق تحديات تمس كيانه ووجوده ، وجيش الدولة أولى بالرعاية فهو جيش الشعب كل الشعب وليس لفئة أو لجماعة أو لطائفة ، ولكي يستعد للمهام الجديدة في حماية الوطن وحماية الشرعية والديمقراطية علينا فعلاً التنازل عن الكثير من الشعارات ولنستبدل ذلك بالعمل مع الجيش لحماية الدولة ، فلا نجر طولاً وعرضاً كي يقال عنا موجودين أو مؤثرين ، فالتأثير الفعلي والجدي هو بدفع الشباب للإيمان بالتجربة الديمقراطية والإيمان بالواقع الجديد ، نعم ليس كل شيء على ما ينبغي ولكن ليس في الإمكان أفضل مما كان ، ونحن نتذكر الحاقدين والمتربصين والأرهابيين فلا نكونن ظهيرا للمجرمين من حيث نعلم أو لا نعلم ،