أبتداءً أقول : إنني أعتبر التحذير للحكام العرب واجب ومسؤولية وطنية وأخلاقية ، خاصةً في ظل الظروف التي يُسحق فيها الإنسان العربي وتُهدر فيها كرامته ، ويتلاعب به حسب أهواء السلطان ورغباته صبيان السياسة وتجار السوء ،
إن التحذير ليس تنبيه منا وحسب بل هو أمر للحكام العرب كي يكفوا أيديهم و يرحلوا من سدة الحكم ، من غير مزاودات ومن غير خطب وشعارات وإتهامات وإلهاء متعمد للشعب وللمجتمع الدولي في عملية تضييع للوقت مقصودة .
إن تحذيرنا ينطلق من حرصنا على سلامة الأوطان العربية من التدمير والتمزيق ، كما إنه تحذير ينبه الجميع إلى أهمية الوطن وأهمية عدم المساس بوحدته وبإستقلاله ، فالحكام العرب حسب ما أعلم لم يتصرفوا ولا لمرة واحدة بشجاعة وشرف ، ولهذا فهم يستحلون دماء وأعراض وممتلكات المواطن والوطن من دون وجه حق ، ولهذا فالثورة عليهم لم تأت من فراغ بل جاءت كتعبير عن واقع حال متردي هُتك فيه عرض المواطن وشرفه ، وأما القتل فغدى الحكام العرب يتبارون فيه ويتسابقون أيهم يقتل أكثر ؟ ، وقولنا : هذا يشمل الجميع من المحيط إلى الخليج ، فمن منهم لم تتطلخ يداه من دماء الشرفاء من أبناء وطنه ؟ ومن منهم لبى مطالب شعبه من غير عنف ولا سلاح ؟ ومن منهم من حفظ لشعبه كرامته من غير تذلل وخنوع ؟ ، هؤلاء القتله يعتبرون أنفسهم فوق القانون ، ويعتبرون أنفسهم هم الوطن ، ومن يحتج لديهم فمصيره الهلاك ، هذا حال شعبنا العربي والمسلم ، هذا حال أوطاننا العربية التي أثقلتها المحن والمصائب من كثرة سيئات حكامها ، ولهذا ثار المواطن العربي الذي طحنته سنوات الأستبداد والفساد ، ثار بعد أن ملء الوعود الكاذبة ، وسئم الكلام الفارغ الذي يخرج عليه به حكام قتله مجرمون ، ثار يبحث عن ذاته أولاً وعن موقعه في وطنه ومكانه بين شعوب الأرض ، ثار ليطالب بحقه في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة ، الشعب العربي في هذه المرحلة من تاريخه خرج من الصمت وأعلن الرفض العام المطلق ونزع منه الخوف والتردد ، خرج و لن يتراجع هذه المرة مهما كلفته التضحيات ، ولقد أثبت الشعب العربي إنه أقوى من ترسانة أسحلة حكام العار ، أثبت إنه قادر على المقاومة وعلى التحدي وعلى الصبر ، وقد أبهر العالم كله وهو يخوض صراعه من أجل الحرية والديمقراطية ، بل جعل من العالم كله يُعيد النظر فيه من جديد ، فهذا الإنسان العربي الجديد تعلم من السنوات كيف يمكنه خلق المعجزات ؟ وكيف يمكنه تحقيق النصر على كل أدوات الحكام وأجهزتهم الأمنية ؟ ، إن صراع الشعب العربي ضد حكامه صراع شريف أهدافه ونواياه وخططه والغرض منه ، صراع بين المظلوم والظالم ولهذا وقف العالم كل العالم معه مؤيداً وناصراً .
إننا نشعر بالفخر هذه الأيام نشعر بان العرب قد تخلوا عن الهرطقة وعن الثرثرة ، ودخلوا الساحة وهم يرفعون شعار الحرية والعدالة والسلام ، في وجه حكام جهله مستبدون قد تجاوزوا الحدود في إضطهاد شعوبهم والتنكيل بهم ، حكام أصبحوا هم وأبناءهم وأخوانهم والمنتفعين منهم عبارة عن عصابة للنهب والسلب والقتل ، نرى ذلك جلياً عندنا و في كل الأقطار العربية التي تشهد ثورات وإنتفاضات شعبية عارمة ، إن هؤلاء الحكام إنما يتعاملون مع شعوبهم وفق المثل القائل : - جوع كلبك يتبعك - ، ظانين إنهم بهذا يمكن ان يركعوهم وينسوهم حق المطالبة بالحقوق وحق ان يرفعوا رؤوسهم ، إن طريقة الحكام العرب ومعاملتهم لشعوبهم أدت إلى تشكيل جيش من العاطلين ، إن طريقتهم في ذلك تستهدف خلق مجتمع إنتهازي وصولي منافق ، مجتمع مؤذي غير نافع ومؤثر سلباً في حياة الوطن .
إن الشعار الذي يرفع في بغداد اليوم وفي مناطق أخرى من عموم العراق ، يلخص هذه الحالة فهو يتحدث عن الفساد بكل أنواعه وعن السرقه بكل أنواعها وعن الظلم بكل أنواعه ، وهذه الموبقات دعت بعض المرجعيات الدينية للتدخل بعد أن رأت إن السكوت عن الحق وعن الفعل القبيح هو مشاركة فيه ، ولهذا رأت أن تبرئ نفسها من هذا وان لا تتحمل الخطايا فهذا الذنب غير مغفور يقيناً ، ولهذا نادت بتغيير قواعد اللعب ليكون الشعب جزء من الحياة لا خارج عنها ، وليعلم الجميع إن مهمتنا هنا هو في التنبيه والتذكير ، و شق الطريق للجيل الجديد لكي يقوم بما عليه من فعل ، يصحح الأوضاع ويرسم خارطة فعل سياسي وإجتماعي للمرحلة المقبلة ، إننا هنا نساهم برفع الاشواك عن الطريق ، كما إننا نزرع الأمل في عيون وعقول المجتمعات العربية ، إننا نغرس البذور الطيبة في نفوس أبناء الأمة مستلهمين ذلك من إيماننا بالحق وقدرته على إزهاق الباطل .
وإننا نؤمن بأن معالجة الامراض التي تفتك بالمجتمع العربي والمسلم ، يتطلب المبادرة للوقوف مع الشعب أمامه لا خلفه ومعه في عمق الآلامه ومعه في وعيه وجهده لكي يتخلص من ذلك ، ومعه حتى تنجح جهوده في تحرير أرضه وكرامته من هذا التدنيس والفحش السياسي والعبث ، ونحن لسنا في معرض النقد هنا بل نحن في صدد المعالجة ، ولهذا نحذر الفئات الحاكمة من عاقبة الاستمرار في سياساتها العدوانية ، وفي الوقت نفسه نوجه إنظار المجتمع العربي كي لا يضيع الفرصة التي أهدتها له السماء في هذا الوقت بالذات ، لأننا نؤمن بإن إصلاح حال الحكام العرب أمر غير ممكن ، ولهذا نحشد الشعب وندعوه لتحرير نفسه وليثق بقدرته على ذلك ، فإن شعوب العالم الحر كلها معه من غير إستثناء ، ان الحكام العرب هم عبارة عن فئات غير وطنية وغير نزيهه ، ولا ترتبط بالشعب ولا بحياته بأية صلة ، وكل الذي يحركها مصالحها الاقتصادية وأعتباراتها العائلية ، التي تفرض عليها نوعاً من القيود تستبيح معه حق الشعب وحريته وكرامته ، اننا نؤمن بان السياسة الانتهازية التي يتبعها الحكام العرب إنما تقوم على اغتنام الفرص، وتعطيل حركة المجتمع وتجهيله وسلب المبادرة منه ، هذه السياسة الجائرة والغير مبررة ساهمت بشكل مفضوح بتعطيل حركة الوعي وزيادة نسبة التطرف والجاهلية بين صفو ف المجتمع ، لقد آن الأوان للشعوب العربية ان تعرف هذه الحقيقة ، فتضليل الشعب بالكلام عن الديمقراطية وعن الحرية وعن الوطنية وعن القانون ، هو عمل مرفوض وسيجلب على الشعب الكثير من المآسي ، صحيح إن الحكومات العربية تمتلك المال والسلاح ، وصحيح إنها قادرة على أن تقتل وتسجن وتصادر الحريات وتكم الأفواه ، ولكنها لن تستطيع أن تخمد ثورة الشعب ، وهو يتقدم بخطى ثابته وبصدور يملئها الحب للحياة وللوطن ، لن تستطيع أن تثنيه عن تحقيق أهدافه ومطالبه مهما تجبرت ومهما أدعت ، فصوت الشعب أقوى من كل هذه الأجهزة ، وهو أشد شكيمة في أوقات الصراع والنضال ، ولهذا ندعوا الجميع للمشاركة مع الشعب في حركته وثورته وإنتفاضته ، فالشقي من سمع نداء الغوث والنصرة ولم يجبه ..