يمر العراق اليوم بمحنة كبيرة تمس كيانه ووجوده وتمس وطنيته في الصميم ، وما من شك إن هذه البلوى سيطول أمدها وليس بالمقدور حلها أو الفرار من تبعاتها ، ومن يقل غيرذلك فهو واهم ومكابر ولايستطيع المواجهة ويُمني نفسه والأخرين بأحلام ربات الحجال .
وفي هذا السياق بل في هذه النكبة نقول يتراكض - ديمقراطيوا العراق - لدول الجوار مُشرقين ومُغربين طلباً للعون والمساعدة ، وقد يقال إن هذا بطلب من أمريكا وبعض الدول الغربية ، صحيح ربما يكون ذلك كذلك : لكن دول الغرب وأمريكا على وجه الخصوص تدعوا العراقيين ليكونوا إيجابيين في تعاملهم مع دول الجوار ، وأن يكون لهم علاقات طبيعية معهم ، وهذا الأمر مفهوم جداً ، وهو مختلف ومغاير جداً لما يقوم بها - الرجاله - من سياسي العراق الجديد ، فأمريكا حين تطلب ذلك تراعي مصالح العراق وسيادته وكيانه المستقل ، يعني ذلك إن كلامها عن العلاقة مع دول الجوار يأتي في سياق السيادة الوطنية للدولة العراقية ، وليس هو من باب أو كما يُمثله سياسيوا العراق الجديد بالإرتماء بأحضان دول الجوار كي تكون هي الفاعل وهي القادر على حل المشكلات وتعيين الوزارات ، وأعني بدول الجوار هذه - إيران تركيا السعودية والكويت وسوريا ودخلت مصر من بعيد على الخط ولاننسى البحرين - ، وجميعنا يعلم إن هذه الدول متخمة بالمشكلات الكبيرة والمعقدة حتى النخاع ، وهذه الدول صغيرها وكبيرها لم تطلب ولامرة من العراق ولا من شعب العراق ان يساهم في حل مشكلاتهم ، حتى في حرب أكتوبر أو تشرين كما يسميها الأخوة السوريين والتي دخل فيها العراق من دون من يطلب منه أحد المشاركة فيها ، لا من مصر ولا من سوريا اللتين دخلتا الحرب بمفردهما من غير ان تستشير العراق ولم تخبراه بها .
أقول : حتى في الحرب لا أحد طلب منا العون والمساعدة من دول الجوار !!!! ، فمابالنا نحن صغاراً نتراكض هنا أو هناك ونتسابق هنا أو هناك ؟ ، إينا يسبق صاحبه على هذا الجار أو ذاك ؟ ولانتسابق في الخيرات بل بكيل التهم والتخويف والتوهيم ورمي بعضنا البعض بكل الموبقات علنا ننال بركات وهبات ونعمات هذا الجار أو ذاك !!!!
أقول : أنتم ايها الساسة تبيعون كل شيء للأغيار ومن يبع فليس بمقدوره ان يكون يوماً ما طرفاً في الحل والعقد لا في العراق الدولة والقطر ، بل ولا في منطقته وقبيلته وحارته الخاصة ، فمن يضع كرامة شعبه بيد الأغيار لا يصون الدار ولا يحمي العيال ، نعم سيكون أسداً على أخوته ، وقد قيل - إذا ما خلا الجبان ...... ، فالتفريط بكرامة الوطن شيء معيب وإنتظار الحلول من الأغيار شيء معيب كذلك ، ومن يفعل ذلك منكم سيظل ضعيفاً مهاناً ولن يكون له كلمة في الأمر والنهي بل لا يحلم في ذلك بعد اليوم أحد في ذلك منكم ، لأن كل واحد منكم ضعيف ولن يكون بمقدوره ان يحقق حتى ربع الربع من الأماني والآمال التي تساهم في الفرج و الإنفراج .
لقد كنا في إيران جميعاً ، وكلنا كان يتذكر كيف كانت تعامل حتى القريبين منها ؟ ، لقد كانت تذلهم تستعبدهم تملي عليهم ماترآه مناسباً لها ، وقد ولت عليهم أجناد من حرسها وإطلاعاتها ، ولازالت تفعل ذلك بهم تنافق هنا وتزرع الشك هناك ، تباعد بين الأخوة ، وتسد الباب بوجه كل محاولة خيّرة للعراقيين بعضهم مع البعض الأخر ، ومع ذلك نطلب الحل منها مع إنها متخمة بمشكلاتها في كردستان وبلوشستان ومع عرب الجنوب و تركمان الشمال ، ناهيك عن مشكلة التغيير والإصلاح الضاغطة داخل مؤوسسات الحكم وأركانه ، والتي يكابر ولي الفقيه على التظاهر بعدم وجودها ونكرانها ، أمن هؤلاء القوم يطلب العون والمساعدة ؟ أمن هؤلاء نطلب الحل والعقد في بلادنا ؟ أم من تركيا الدولة الغارقة في الهموم والمشكلات ؟ من إضطهاد الأكراد إلى قطع شريان المياه في دجلة والفرات !! ، ناهيك عن إتجاهاتها الجديدة المنافقة والتي تكم الأفواه بها تحت بند العودة إلى العثمانية وسلاطينها الذين مزقوا أجساد شعوب المنطقة .
أقول : كنا نظن بالبعض من سياسي العراق خيراً ، وكنا نعتبر السنوات الأربع المنصرمة كافية في تعليم هذا البعض معنى الإحتكام إلى الشعب والوطن ، ولكن هذا البعض خيب ظننا به كثيراً ، وأقول : له إن قيمة الرجال تعرف حينما يضيق بها الدهر فبه يعرفون ، ولايُغرك كثرت من يشد لهذه الدولة أو تلك ، فكرامة العراق ليس للتفريط ولاهي شهوة حاكم كي تباع وتشترى ، والتاريخ يحفظ لبعض الناس مواقف تبقى إلى الأبد ، وبعض البعض يسوقهم فعلهم إلى المزابل والنفايات ، لهذا ارجوا ان يعود من كنا نظن به خيرا إلى أحضان وطنه وشعبه ، وان يتماسك ويتعاهد على الخير فبه سيعرف ، وبه ستكون له المقدمة بالحق والعدل والإنصاف ...