أنت لا تحب الولايات المتحدة. هذا ما يقوله المحافظون دائماً لليبراليين من أمثالي. ويصر هؤلاء الأشخاص على أن حبهم للولايات المتحدة أصدق وأعمق وأكثر اكتمالاً عن أي شخص. وبعد ذلك، تعرض الليبراليون،
مثل كل الأشخاص الذين اتهموا بعدم حب أي مرشح رئاسي خلال الصيف الماضي لموقف دفاعي ومحاولة خطب ود الولايات المتحدة وحتى إن اتهمتنا بلادنا بحبها من الناحية المادية وليس من الناحية الروحية. وعندما تتصرف أميركا بهذه الطريقة، فلن يكون هناك أي فائز. ولكنني توصلت إلى قناعة بأن المحافظين على صواب، وأنهم يحبون الولايات المتحدة بشكل أكبر. ومن المؤكد أننا نحن الليبراليين نزعم بأن حبنا أعمق لأننا نسعى إلى تحسين الأوضاع في الولايات المتحدة عبر الإشارة إلى عيوبها. ولكن وصف زوجتك بأنها سمينة لا يعني أنك تحبها. والحب الصادق هو الاعتقاد الأعمى بأن طفلك هو أجمل وأذكى طفل في العالم، وأنه الشخص الذي سوف تضحي بنفسك بحب من أجله. وأنا أحب بلدي بشكل أكبر.
ويحب شين هانيتي، المذيع بمحطة فوكس نيوز التليفزيونية الولايات المتحدة جداً، لدرجة أنه صنع سلسلة كاملة من حلقات "أميركا هانيتي" بعنوان "أعظم أمة على وجه الأرض". وفي هذه الساعة قال هانيتي عدة مرات: "الولايات المتحدة هي أعظم وأفضل دولة وهبها الله للإنسان على وجه الأرض". وهي واحدة من العلامات المؤكدة على أن الحب هو ما يجعل الشخص ينطق بكلام أبله. ويشعر المحافظون بمجد ومباركة شخصية بسبب عيشهم في الدولة الوحيدة التي تستحق أن يعيشون فيها من وجهة نظرهم. وأنا، على الجانب الآخر، أشعر بأنني محظوظ فقط لأنني نشأت في دولة غنية ديمقراطياً. وإذا كنت قد نشأت في إستراليا أو بريطانيا أو أيرلندا أو كندا أو إيطاليا أو أسبانيا أو فرنسا أو لوكسمبورج أو بلجيكا أو هولندا أو سويسرا أو اليابان أو الدول الإسكندنافية التي تمتلك توجهات مسترخية بشكل إضافي فيما يتعلق بالحب، فسوف يكون هذا الأمر رائعاً بالنسبة لي أيضاً. وعندما يخسر مرشح ديمقراطي سباق الرئاسة، يتحدث الأشخاص المتهورون الحقيقيون كثيراً عن الإنتقال للعيش في كندا. وعندما يخسر الجمهوريون، فإنهم لا يفعلون ذلك. ولكن لكي أكون عادلاً، فإنهم لا يمتلكون الكثير من الخيارات المحافظة القريبة. ولا يمكن حتى وصف هانيتي بأنه محافظ مخلص بما فيه الكفاية لكي يصرخ: "إذا لم يفز أوباما، فسوف أنتقل للعيش في سنغافورة".
وهذا لا يعني أنني لست مغرماً بالتاريخ الأميركي، ومتأثراً بدستورنا أو لا أقدر تفاؤلنا وروحنا العملية. وفي الحقيقة، فإنني أحب كل شيء ذكره هانيتي في برنامجه التليفزيوني الشهير. ولكن هناك العديد من الأشياء التي لا أحبها في الولايات المتحدة مثل سياستنا الخارجية وتعصبنا الديني وتوجهاتنا المحلية إلى الداخلي وتكاسلنا الفكري.
وعندما طرحت فكرة أن الليبراليين لا يحبون الولايات المتحدة بنفس قدر حب المحافظين لها من أمثال مقدم البرامج الحوارية الشهير جلين بيك، الذي سوف ينتقل للعمل في شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية خلال شهر يناير المقبل بعد عمله لسنوات طويلة في شبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية، إتفق بيك تماماً معي. وقال إنه "حب صادق وحقيقي تماماً كما يحب الآباء أبناءهم، ولكنني أعتقد بأن الليبراليين يسخرون من هذه الفكرة، بنفس الطريقة التي تسخر بها بقية الولايات الأميركية من حب سكان تكساس لولايتهم.
وقد سألت بيك لماذا لا يشترك الديمقراطيون في هذا الإحساس الغامر بالتفرد الأميركي والخوف من الفرانكفونية. وكان رده على النحو التالي: "أعتقد لأنه خلال بداية القرن التاسع عشر وحتى ثلاثينيات القرن العشرين، بدأت الحركة التقدمية في التفكير بأن المثل العليا الأوروبية جيدة بما فيه الكفاية، وأن ثمة عالما واحدا كبيرا". ولكنني عقبت على كلامه بقوله: "حسنا، الأمر ليس كذلك، فإذا نظرت إلى كل الدول على أنها شعوب، فإن ثمة إختلافات كبيرة بين الشعوب، وقد يتصادف أن أحب شخصا بشكل أكبر. "وعندما أنظر إلى الدول كشعوب، فإنني أحب السويد بشكل أكبر".
وقد إتهمت بيك بأنه يحب الولايات المتحدة بسبب ولادته فيها، وهو نوع من الحب يشبه التعلق بفتاة تصادف أنها تجلس أمامك في غرفة معيشتك. وقتها قال بيك "إذا كنا قد ولدنا في بريطانيا العظمى وقرأنا عن بريطانيا والولايات المتحدة، لأحببنا القيم والمبادئ والأشخاص الذين أسسوا هذه الدولة. وأنا أحب أننا عبرنا هذه الجبال، ولم نكن نعرف ما هو موجود على الجانب الآخر. وهناك دائماً روح من المغامرة والخوف في هذه الأرض. وأنا لا أعتقد بأن أي دولة أخرى تمتلك هذه المميزات". وبدا أن بيك يحب أميركا بنفس الطريقة التي يحب بها الأطفال الصغار المعسكرات. وعلى الرغم من مبررات بيك، فإنني لا ازال أعتقد بأن المحافظين يحبون الولايات المتحدة لنفس الأسباب القبلية التي تحب بها الفئات الأخرى المجموعات التي ينتمون إليها. وهؤلاء هم الأشخاص الذين يبدون متأكدين بأن المسيحية هي الديانة الوحيدة الصحيحة، وأن الولايات المتحدة هي أفضل دولة في العالم، وأن الجمهوريين وحدهم يمتلكون أفضل المرشحين.
وكم كنت أتمنى أن أشعر بمثل هذا اليقين. ومن المؤكد أن هذا الأمر يجعل الحياة أقل تشويقاً وإمتاعاً، وأن الإيمان الراسخ بمثل هذه الأفكار يمكن أن يقود إلى حدوث تطرف خطير، ولكنني أتشكك بأن هذا الأمر يجعل الناس أكثر سعادة. وأنا لن أعاين مطلقاً البهجة بنفس مستوى وطنية هانيتي. وأنا من النوع الذي يتساءل دائماً عما إذا كانت هناك فكرة أخرى أو مكان أو نظام آخر أفضل.
جويل شتاين
كاتب عمود يكتب بشكل منتظم في جريدة لوس أنجلوس تايمز.