مع وجود اقل من اسبوعين على يوم الانتخابات الاميركية، لا يزال السؤال فيما اذا كان الرئيس المقبل يمكن ان يحسن وضع الولايات المتحدة في العالم يمثل قضية مهمة في الحملة الانتخابية.
بالطبع فانه في الوقت الذي ينزلق فيه الاقتصاد الاميركي الى عالم مجهول، فانه بالنسبة لأغلب الناخبين فان هذه المشكلة لا تزال هي عنصر القلق الاساسي. غير ان هاتين القضيتين يلتقيان لانه في الوقت الذي تنتشر فيه ازمة الائتمان في انحاء العالم مثل النار في الهشيم فان رؤساء ووزراء المالية يلقون بلائمة ذلك على الولايات المتحدة. على سبيل المثال فان جوردون براون رئيس الوزراء البريطاني كان واضحا عندما اكد في الاسبوع الماضي ان الازمة جاءت من أميركا.
يأتي ذلك على قمة ثماني سنوات من تخبط السياسة الخارجية الأمر الذي لم يضر فقط بسمعة الولايات المتحدة في انحاء العالم، بل في بلد تلو البلد حولت التغيرات الكبيرة في القيادة او السياسة دولا صديقة او دول محايدة الى خصوم معاديين او خطرين ينتظرون ما سيأتي به الرئيس المقبل. وفي الواقع فانه من الصعب ايجاد اي دولة يمكن الزعم ان لها علاقات قوية وصداقة متينة مع واشنطن كما كان الحال في يناير 2001. وباستثناء العراق وافغانستان استطيع القول ان هناك بلدا وحيدا في ذلك وهي الهند.
في 2001 كانت الهند منبوذة بسبب برنامج اسلحتها النووية السري. غير انه بعد ذلك وقبل ثلاث سنوات من الآن اختارت ادارة بوش ان تجعل كل ذلك من مخلفات الماضي. وعرضت واشنطن مساعدة الهند في برنامجها النووي المدني في الوقت الذي تسمح فيه لها بالاحتفاظ باسلحتها النووية. وقد حسن ذلك العلاقات بشكل لا يمكن انكاره.
مع ذلك ففي كثير من البلدان الاخرى فان السجل ليس مطمئنا. وها هي امثلة: في نصف الكرة الغربي هذا، رفض الناخبون في نيكاراجوا الحزب الموالي للغرب واختاروا دانيل اورتيجا رئيسا وهو زعيم الساندينيستا الذي يبغض الولايات المتحدة. ومن ثم فانه تحالف مع فنزويلا ثم مع ايران.
في 2002 ايدت واشنطن انقلابا في فنزويلا اطاح بهوجو شافيز لفترة قصيرة. منذ ذلك الوقت تسوء العلاقات يوم بعد يوم الا ان وصلت الى طرد شافيز للسفير الاميركي في فنزويلا الشهر الماضي.
الاهتمام الوحيد الواضح لواشنطن ببوليفيا تمثل في البرنامج الذي تموله الولايات المتحدة من اجل القضاء على محصول الكوكا الذي يستخرج منه الكوكايين في الدولة-وهو البرنامج الذي يغضب غالبية المزارعين منذ سنوات. وفي 2005 انتخب البوليفيون ايفو موراليس رئيس اتحاد مزارعي الكوكا رئيسا للبلد. واليوم فان محصول الكوكا ينتعش وفي الشهر الماضي طرد موراليس ايضا السفير الاميركي.
العلاقات مع الاكوادور التي رئيسها حليف وثيق لشافيز تتأرجح بعد عدة حالات من المد والجذر. ويأتي في اوج ذلك انه عندما كان الرئيس رفائيل كوريا يغير طائرته في ميامي اصرت سلطة الهجرة على تفتيشه كما لو كان مسافرا عاديا. وفي اغسطس الماضي الغى الحقوق الثابتة لشرطة مكافحة المخدرات الاميركية في استخدام قاعدة جوية اكوادورية.
بالانتقال الى اوروبا تشهد العلاقات مع روسيا توترا حتى منذ قبل ان يبدا الرئيس بوش حملته من اجل نصب منظومة الدفاع الصاروخية في اوروبا والتي اعلنها بعد ايام فقط من توليه منصبه. ومن المفترض ان تكون وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس خبيرة في الشئون الروسية. ومع ذلك فبعد ثمان سنوات من ذلك اثار غزو روسيا لجورجيا الحديث مجددا عن حرب باردة جديدة.
وقد ساعد دعم واشنطن القوي للرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف على الرغم من انحسار شعبيته بشكل كبير على تحويل باكستان الى شعور شعبها بغضب شديد تجاه اميركا بل والتحالف مع اعداء اميركا من عناصر طالبان وتنظيم القاعدة.
وشجع احتلال العراق المتشددين في ايران وساعد في انتخاب محمود احمدي نجاد الزعيم الاكثر عداوة لاميركا منذ اية الله الخوميني. ويمكن للمرء ان يتسائل هل لو كانت ايران في ظل ظروف اخرى هل كانت ستقرر بشكل قوي تطوير تقنية اسلحة نووية.
في الاراضي المحتلة دفعت الادارة الى اجراء الانتخابات الفلسطينية في الوقت الذي حذر فيه خبراء الشرق الاوسط بان الفلسطينيين لم يكونوا مستعدين لها. وقد ادى ذلك الى المجيء بحماس للسلطة ووقف التفاوض من اجل التوصل التوصل الى سلام بشكل حقيقي.
في اسيا كان ادارة كلينتون وفي اسابيعها الاخيرة في السلطة على وشك تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية. لكنها لم تستطيع ابرام الاتفاق قبل اطلاق صفارة نهاية فترة حكمها. ولم تكن ادارة بوش معنية او مهتمة بالبناء على ذلك لان بوش ومساعديه كان يسيطر عليهم الخيال بانهم اذا تجاهلوا كوريا الشمالية فان حكومتها سوف تنهار بشكل واضح. وحدث العكس حيث عززت كوريا الشمالية جهودها في انتاج اسلحة نووية بدلا من ذلك. ويمكن الاستمرار في ضرب امثلة في ذلك الى ما لا نهاية.
بالتأكيد لا يمكن لوم بوش على كل تحول عكسي للامور على مدى السنوات الثمانية الماضية. مع ذلك فانه حتى مع تنحية المشاكل الواضحة التي جاءت من حربيه، الا ان تخبطه في القضايا الخارجية كان كارثة بلا منازع. ايما كان من سيفوز في الانتخابات، فان عالم يعج بالخطر والعداوة والكراهية تجاه اميركا سوف يكون في وجهه من اول يوم يتولى السلطة فيه.
جويل برينكلي
مراسل سابق لصحيفة نيويورك تايمز وحاليا استاذ الصحافة في جامعة ستانفورد.