بكل تأكيد هذه المقالة ليست بحثاً سيكيولوجياً في الشخصية العراقية وإن كان ذلك مهماً ، للتعرف على طبيعة وماهية هذه الشخصية القلقة الغير منتجة ، والتي هي في العادة عالة على غيرها في إنتاج ما تؤمن به وتنافح من أجله ،
، وهذا التعميم يجري في المجالات والصعد كافة ولأننا نحن هنا نتحدث عن قضايا يومية فالجانب السياسي هو المعني ، ولأننا في التعريف الأولي قلنا بشكل غير مباشر إنها شخصية بدائية غير منتظمة ولا تساعد في عملية البناء الذاتي ، وتقف على طول الخط في مواجهة كل عملية إصلاح وتغيير يُراد منها بناء هذه الشخصية ذاتياً ودونما الحاجة لمساعدة الغير وتدخلاته الغير حميدة في الغالب لهذا يلزمنا التذكير بهذه المشكلات لكي يسهل علينا تشخيص طبيعة الخلل الذي يواجه العاملين على بناء روح عراقية جديدة ، فالذي رأيناه عبر هذه السنين العجاف دليل على إن العراقي ليس قادر على صُنع مستقبله ، ولهذا كان أمله الوحيد إن يُشاركه العالم في تأسيس دولته الحديثة وهذا الأمل شكل إنعطافه في دخول جيل من البشر لا هم لهم إلاّ بمسخ ماتبقى من إنسان عراقي ، فكثر الحديث عن الدين ولكن ليس كما أراده الله بل كما يحلو لثلة من الجهلة والمتخلفين ، الذين لا يحسنون غير الشعارات والدفع والتغرير فرأينا كيف كانت أيام عاشوراء الحسين ؟ وكيف يحاول البعض من جهلة هذه الأمة العبث بمشاعر الناس والتجاوز على القانون والنظام ؟ وكيف أستخدمت الشعارات الدينية في غير محلها ؟ وكيف أستدرج المهدي ليكون جزء من لعبة خبيثة ؟ مسقطين هذا الشعار ودافعين للبعض ليقول أشياء وأشياء في ذلك كثيرة ، العراقي الشخص كان قد فقد مقومات وجوده عبر المحارق الحربية الفاشلة وعجز من كانوا حكاماً عن إدارة الوطن بروح المسؤولية ، وكنا نقول إن ذلك كان نتاج جهل وعدم وعي بالمتغير الدولي وماذا يجب على دول العالم الثالث ان تفعله ؟ وحين جاء التغيير تكالب رجال الحسينيات وجهلتها على أمور الحكم والسلطان مستفيدين من التغرير والتجهيل وغباء الأمم التي حررت العراق ، مع التأكيد على خبث نوايا الجارة إيران التي دعمت كل ما من شأنه تفسيخ العراق وتحطيم كرامته والعمل على نسيانه من الخارطة إلاّ عبر مشروعها ، وهذا مانرآه ونلمسه اليوم في عراق المماليك والأمصار والدويلات ، عراق الفوضى واللانظام والعبث عراق الموت اليومي والقتل وهذه عادة الجبناء إذا ما خلوا بأرض قوم ليس فيها قانون وليس فيها نظام يحمي الفرد ويحمي المجتمع ، الشخصية العراقية تعيش اليوم كل أمراض الدنيا فالحكام هم الجهلة وقطاعي الطرق والناس تحركهم الأطماع وفتات من المال الرخيص الذي يتبع فيه ذلك المثل القائل - جوع كلبك يتبعك - وإلاّ مابال ظهورات المهدي المتكررة في ساحات العراق ؟ ولماذا لا يظهر في شمال العراق ؟ ولماذا يرفعه البشر في قتالهم مع بعضهم ؟ لماذا يحولونه إلاّ واحد منهم ؟ يقتل ويذبح ويستبيح الحرمات ...
العراقي يحتاج للتغيير الذاتي وهذا لن ولم يأت مادام العراقي يعيش هوس الجنون في ماضي التاريخ ، وحكايات المتنافسين أيام زمان ، العراقي إن لم يخرج من عباءة رجال الدين المزيفين لن يعمر طويلاً ، العراقي يجب ان يخرج من كونه مفعول به على طول الخط يجب ان يكون فاعل في مايجري من حوله ، العراقي يجب ان يبتعد عن التقديس المزيف للرجال مهما علو ، لأن هذه عادات المنافقين التي حاربها الله ودعانا للوقوف ضدها ، العراقي يجب ان يتحرر من عقدة الفشل والشعور بالنقص ، العراقي يجب ان يعرف ان كل العابثين به كان لهم تاريخ أخلاقي أسود ، العراقي لديه فرصة في الحياة ان يكون شجاعاً يتجه للبناء والإعمار ويمد يده للخير ويطرد الجهلة من بين ظهرانيه ، العراقي يجب ان يبتعد عن الكذب والتضخيم والرياء والخديعة والتضليل ليكون إنساناً يمكنه ان يعيش الحياة بكرامة ، وهذا يتطلب منه نبذ الدين الوافد والرجال الوافدين أعني عقليتهم الملئ بكل عقد التاريخ وظلالاته ، وهذه مهمة ليست عسيرة لمن يريد ان يكون له حاضر مشرف ومستقبل باهر ، وهذا ما يجب ان نعمل عليه ونتمسك به كخيار لنا ولوطننا