الشهر الماضي، نشر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، بيانه الجديد بشأن «بناء الحضارة الإسلامية الجديدة خلال العقود الأربعة المقبلة». ويستند البيان إلى فرضية أن الحضارة الإسلامية الأصلية، والتي بلغت أوج قوتها وازدهارها في المدينة المنورة ثم لاحقاً تحت ولاية علي بن أبي طالب في الكوفة، قد ولّت أيامها واندثر إرثها على أيدي أعداء الداخل والخارج، ومن ثم ينبغي العمل على إعادة بنائها بالكامل من جديد.
وتتماهى فرضية علي خامنئي مع تلك الأطروحة التي تمخضت عنها قريحة الإسلاموي السوداني حسن الترابي في المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي الأول في أبريل (نيسان) من عام 1991 في العاصمة السودانية الخرطوم.
وربما هو من قبيل المصادفة أن يأتي بيان خامنئي بعد قرابة ثلاثة عقود من «تجمع» الخرطوم الذي اجتذب 500 من أبرز نشطاء ومنظّري التيارات الإسلاموية المختلفة من أنحاء العالم كافة، وكأن الرجال الذين شهدوا «تجمع» الخرطوم قد اتفقوا على مهلة تبلغ 30 عاماً لإعادة تشكيل وجه العالم وفق رؤيتهم الخاصة لما يجب أن يكون عليه الإسلام في العالم. وكان من المفترض بتلك الرؤية المتفائلة للغاية أن تزيح من طريقها حالة التشاؤم العميقة التي لازمت التاريخ الإسلامي وقرون التخلف والرجعية والانحدار، هكذا زعموا.
تتمة موضوع "من الخرطوم إلى طهران... مقبرة الآمال الضائعة....أمير طاهري "