الهوية وما تحملها من تقاليد وعادات وثقافات موروثة ليست في غالب مفاهيمها وَحياً نزل إلى مجتمعاتنا من السماء، ولا يمكن أن نغيرها، خاصة إذا كشفت لنا التجارب أنها سببا من أسباب التخلف على كل المستويات؛ فنحن الذين نصنع الهوية، وليست هي التي تصنعنا، فالمصالح والمنافع هي التي يجب أن نتلمسها، وندور معها حيث دارت، وتُشكل بالتالي هويتنا.
أقول قولي هذا ردا على أولئك الذين يعترضون على انفتاحنا االاجتماعي، و(تطبيعنا) مع ثقافة العصر العالمية، بحجة أن هذا الانفتاح لا يتّسق مع (هويتنا)، ولا مع مفاهيم الدين الحنيف. وهذ لا يمكن قبوله على إطلاق، لأن هذا القول في حقيقته يعود بنا إلى مقولة (الخصوصية السعودية) التي أشغلونا بها لعقود مضت، وكانت في حقيقتها محاولة لوضع العصي في عجلات العربة فأعاقت نمونا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، فكل محاولة للتنمية والتحديث منذ عقود كان المحافظون يعترضون، ويسعون بكل قوة لأن نبقى في مكاننا لا نبرحه بنفس الحجة. مشكلة هؤلاء المعترضون أنهم أمة تعيش دونما ذاكرة، ولا يتعظون من تجارب من سبقوهم، فلو راجعوا احتجاجات أسلافهم، وفشلهم في كل مرة، لتعلموا، ولا تكررت منهم هذه المواقف عندما تسلك فيها الدولة مسلكا جديدا، طلبا للتنمية والتحديث، وهربا من التخلف.
تتمة موضوع "الهوية نحن من نصنعها وليست هي التي تصنعنا .... محمد آل الشيخ "