عرفت اللغة العربية التَّوحِيد : بأنه جعلُ الشيءِ واحدًا وغيرَ متعدد ، والأصل في مصدره الثلاثي من - وحد - يوحد توحيداً أي جعله واحداً ، وقد شاعت كلمة التوحيد لدى المتكلمين في وصف الإيمان بوحدانية المعبود ، والتي تتأسس بالفعل على ملازمة - النفي والإثبات - المتمثلة بتلك الثنائية في معنى قولنا [ لا إله إلاَّ الله ] ، هذه الثنائية تختزل معنى نفي الشريك وتنزه المعبود عن المثيل أو الشبيه ، والكلام هنا في معنى الذات حصراً التي جاء في وصفها قوله : - ( ليس كمثله شيء ) ، فلا يوصف الله الواحد بأنه جوهر ولا بأنه جسم ولا بصورة ولا بعرض ولا بخط ولا بسطح ولا بثقل ولا بخفة ولا بسكون ولا بحركة ولا بمكان ولا بزمان ، و قال الشيخ الصدوق في وصف صفاته : [ إنه متعال عن جميع صفات خلقه خارج عن الحدين حد الإبكال وحد التشبيه ] ، وهذا يعني نفي مقولة البعض [ في أن صفاته عين ذاته ] ، إنما الصحيح القول : إن صفاته مترشحة من ذاته أو إنها تعبر عن مظهر تجلياته في الوجود ، طالما إن ذاته ممتنعة عن ذلك ، وأما ما ورد في الكتاب المجيد عن صفات التجسيم والتشبيه فهي مأولة إلى معنى مناسب ، كما يظهر ذلك في قوله : [ كل شيء هالك إلاّ وجهه ] ، فالوجه هو كناية عما يتوجه به المرء إلى الله ، وقل هو الطريق الذي يجب ان يتبع ، وطريق الله غير قابل للهلاك والفناء ، وكذلك الحال في قوله : [ يوم يكشف عن ساق ويدعون للسجود ] ، قال الصدوق : والساق هنا وجه الأمر وشدته ، إلى أخر ما هنالك من الأوصاف التي وردت في الكتاب المجيد ، قال الشيخ المفيد وعلى هذا قال أهل التوحيد : - [ أي في تأويل الأوصاف على نحو يخرجها من ظاهرها ] وقد شذ عن ذلك نفر من أهل التشبيه - فإنهم أطلقوا الألفاظ وخالفوا في المعنى - ، وفي هذا أخطأ الأشعري حين زعم أن لله عز وجل صفات قديمه [ بها يوصف ] .
تتمة موضوع "الجمع الممكن بين [ التوحيد والسياسة ] ... آية الله الشيخ إياد الركابي "