كنت أظن في الماضي القريب بإن تركيا هي أكمل في الوعي السياسي منا نحن العرب ، وظني كان قائماً على الفلسفة والنهج الذي أتبعه القائد - مصطفى كمال أتاتورك - حين حرر تركيا من جهالة السلطنة ونظامها المتخلف وشعاراته البلهاء ، لكن هذا التحرر لم يكن مجتمعياً ولا ثقافياً بالدرجة التي لم يبلغ معها ان تجعل من الدولة التركية ذات مؤوسسات وأنظمة حكم ثابتة ، بدليل ما حصل قبل يومين ، فهذا الذي حصل كشف عن الخلل في البنيه السياسية والإجتماعية الحاكمة ، إذن هو ليس إنقلاباً ولا تمرداً إنما هو مزيج من هذا وذاك ، هو غضب وتذكير بمبادئ نسوها من يحكمون فتحولت الديمقراطية عندهم إلى شعارات وخطب كتلك الموجودة في بلادنا العربية ، طبعاً لم يكن الإخفاق في هذا الغضب والتذكير دليلا على كراهية الشعب للتغيير ، ولا كراهيته لكي لا يتشبه بدول من العالم الميت ، إنما هي إرادة في التذكير المؤقت ذي الصلاحية المحدودة ، وطبيعي إننا لسنا مع من يُعكر صفو الحياة هناك ، ولا مع من يحاول إنتزاع السلطة بالقوة والعنف ، لأننا مؤمنين بان الشعوب هي التي تحقق ذلك حسب مساراتها وخططها وإرادتها .
تتمة موضوع "غضب فاشل في تركيا ـــــــــ راغب الركابي"