لعل الوقت قد حان لتجاوز ما جرى الانشغال به، فى النصف الأول من القرن العشرين، من السعى إلى التقريب بين مذهبى السنة والشيعة؛ وخصوصاً أن أى متابعة لدماء الفريقين المسفوحة فى المساجد والمراقد وملتقيات التجمع والحشد تكشف عن الناتج الهزيل لهذا التقريب فى الواقع. ولعله يلزم الانخراط فى عملٍ جدّى يستهدف خلق الشروط التى تؤول إلى فتح الباب أمام الخروج من قبضة المذهبيات القاتلة.
تتمة موضوع "من التقريـب بين المذاهـب إلى تجـاوز المذهبيــة.... د. علي مبروك "
مِنْ رَسَائِلِ الحَكِيْمِ التِّرْمِذِيِّ
المستقرئ بعمق ودراية لتاريخ حركة التصوف الإسلامي مذ أن بدأت إرهاصاتها بزهد صحابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأتباعه رضوان الله عليهم، يدرك على حد اليقين بأن الحسين بن منصور الحلاج أحد أبرز الوجوه الصوفية في الإسلام قد قدم خدمة عظيمة بقتله للتصوف على مر الأزمنة التي تلت مقتله بصورة أجبرت كتاب التاريخ ومن بعدهم الشعراء والمسرحيين وأخيرًا كتاب الرواية أن يستلهموا مسيرة أحداثه وسيرة نهاياته في أعمالهم الإبداعية.
لأن بموت الحلاج دخل التصوف في أزمة أولاً ثم سرعان ما تحولت تلك الأزمة إلى مرحلة ازدهار رائقة في حياة التاريخ الصوفي سواء من حيث الأقطاب أو من خلال المنتوج الصوفي الغزير، فحينما قتل الحلاج عقب التصريح بغير تلميح عن إشراقاته ومقاماته وأحواله التي ملأت الأرض ضجيجا وصخبا على مستويي القول والتلقي، أجبر التصوف الإسلامي على الدخول في حرب شرسة بغير هوادة أو رحمة مع أهل السنة والجماعة ؛ أولئك الذين ارتابوا إلى حقيقة التصوف، وهل هو الذي يتفوه به الحلاج أم أن له أبعاداً وملامح أخرى ؟.
تتمة موضوع "التَّصَوُّفُ.. التَّجْرِبَةُ المُرْبِحَةُ مَعَ اللهِ..... د. بليغ حمدي إسماعيل"